ايزنكوت : عملية “حارس الأسوار” شُبهت بحرب تشرين 1973 وسليماني نجا من الموت في عملية ’بيت الورق’

وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي بأنه “خطأ إستراتيجي”، وكشف عن أن الجيش الإسرائيلي قتل “مئات الناشطين” في تنظيم “داعش”. وجاءت أقوال آيزنكوت في الجزء الثاني من مقابلة أجرتها صحيفة “معاريف” معه ونشرت مقاطع منها اليوم، الخميس، وستنشرها كاملة غدا.

وقال آيزنكوت إن رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، والسفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، رون ديرمر، ورئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، وحدهم الذين “عملوا في مسألة الانسحاب من الاتفاق النووي. ولم يتحدث أحد مع جهاز الأمن (الإسرائيلي)”. وأضاف أن الانسحاب من الاتفاق “كان بالنسبة لنا مثل رعد في يوم صاف. وبرأي، هذا (الانسحاب) كان خطأ إستراتيجيا”.

وأضاف أنه “عندما دخل نتنياهو إلى مكتب رئيس الحكومة (في العام 2009) واستعرض (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق) غابي أشكنازي أمامه ما تم تنفيذه في الموضوع الإيراني، أصيب بالدهشة حسبما فهمت من الأوصاف (حول المحادثة). ودخل بيبي إلى هذا الموضوع بصورة جدية جدا. وخلال ولاية (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود) أولمرت تم رصد ميزانيات كبيرة، واستمر نتنياهو في رصد مال مخصص لهذا الموضوع. ووصول بيبي سرّع إجراءات بناء القوة”.

وتابع آيزنكوت أن وزير الأمن الأسبق إيهود “باراك وكذلك نتنياهو حددا مبادئ لممارسة القوة ضد إيران: وجود قدرة، وجود ضرورة أي أن ’السكين على الرقبة’، وأن تكون هناك شرعية دولية. ولا يمكنك تنفيذ ذلك عشوائيا، لوحدك، من دون إعلان مسبق. فهذا حدث إقليمي، عالمي، ودلالاته عميقة جدا. والنقاش الدائر حوله ليس جديا بالقدر الكافي”.

وقال آيزنكوت إن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي هو “خطأ إستراتيجي على ضوء الحقيقة أنه حرر الإيرانيين من قيود معينة. وعندما بدأوا بخرق الاتفاق، كانت لديهم الشرعية لهذه الخروقات، بسبب الانسحاب الأميركي. وعندها كانت العقوبات جزئية، بلا مراقبة، والصينيون والروس لا يتعاونون مع الأميركيين”.

وأشار إلى أن “المادة الانشطارية ليست كافية من أجل الحصول على قنبلة. وهناك عنصر آخر يسمونه أميركا. والولايات المتحدة اليوم مختلفة عما كانت في العام 2015. ومدى اكتراث الإيرانيين بالأميركيين هو عنصر هام جدا، ولأسفي هم لا يكترثون بهم الآن ولا يأخذون هجوما أميركيا بالحسبان. إنهم يستغلون الوضع، وهذه مشكلة”.

وأضاف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أن هجوما إسرائيليا منفردا ضد إيران هو أمر “معقد”. وأوضح أنه “عندما تطلق طائرى إف35، فإن الأميركيين ليسوا بحاجة إلى إطلاعهم، وهم يعلمون بذلك، إذ أن كافة الأمور مرتبطة بأجهزتهم. ولا تنسى أنه بعد معركة صغيرة في حارس الأسوار (العدوان على غزة في العام الماضي)، جريت إليهم من أجل الحصول على قطار جوي من الصواريخ الاعتراضية والذخيرة. فهناك مسألة الشرعية الدولية واليوم التالي للحرب. وينبغي العمل على كافة هذه الأمور”.

ولفت إلى أن إسرائيل “تصرفت بعد حارس الأسوار كأنها بعد حرب يوم الغفران (حرب تشرين عام 1973)، من جهة. ومن الجهة الأخرى، عندما يصل مبعوث الرئيس الأميركي، روب مالي، إلى إسرائيل تعلن أنك لا تلتقي معه” في إشارة إلى رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، لقاء مالي.

وأضاف آيزنكوت أن تصرف بينيت “إشكالي وغريب جدا. ويصعب عليّ فهم سبب إصدار تصريحات قبل وصول المبعوث الرئاسي، بأن رئيس الحكومة لن يلتقي معه. وتوجد هنا غطرسة لأهداف داخلية. وأنا أدرك الخوف الكبير من بيبي، لكن من أجل كسب نقطة ونصف النقطة في العلاقات العامة لا يتم فعل أمر كهذا”.

وكشف آيزنكوت أن إسرائيل كادت تغتال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قبل نحو سنة ونصف السنة من اغتياله على أيدي الولايات المتحدة، وذلك بعد إطلاق قذائف صاروخية باتجاه هضبة الجولان المحتلة. وقال إن “سليماني نجا من الموت في عملية ’بيت الورق’ العسكرية”.

وأضاف أنه “اتخذ قرار، وحصل على مصادقات، باستهداف أي أحد عمل ضدنا في ذلك الحدث، مهما كانت رتبته. وقررنا أنه إذا تواجد (سليماني) في غرفة قيادة أو مقر أو في مكان ما في المنطقة، سننزله انطلاق من القرار بأن أي أحد يعمل ضدنا مصيره الموت. وكانت لدينا مصادقة لتنفيذ ذلك. لكننا لم ننجح في إغلاق الدائرة عليه”.

وتطرق آيزنكوت إلى الغارات المتكررة في سورية، التي تطلق عليها إسرائيل تسمية “المعركة بين حربين”، وقال إن “العملية الأولى كانت خلال ولاية غابي أشكنازي، وبرأي في العام 2008 أو 2009، وكنت قائد المنطقة الشمالية وطلبت من رئيس أركان الجيش الحضور من أجل استعراض الفكرة أمامه. وقلت له إنك تقول دائما إن الجيش يمكن أن يكون في إحدى حالتين: إما في حرب أو يستعد للحرب. وعندي لك حالة ثالثة، وهذه الحالة هي ليست حربا شاملة ولكنها ليست استعدادا للحرب أيضا، وإنما معركة لعمليات متواصلة ضد الخصم. وهكذا جرى بين السنوات 2008 و2010. وتم الاتفاق على أن أديرها”.

وتابع أنه “بعد ذلك، خلال ولاية بيني غانتس كرئيس لأركان الجيش، تمأسست هذه المعركة وتصاعدت. وخلال ولايتي في رئاسة أركان الجيش تحولت إلى معركة كاملة”.

وبحسب آيزنكوت، فإنه في إطار “المعركة بين حربين”، “قررنا المشاركة في الحرب ضد داعش، وخاضت إسرائيل حربا (ضد “داعش”) في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعملنا بالتعاون مع جيوش كثيرة، وفي عدد لا نهائي من العمليات الخاصة، واستهدفنا داعش بحجم واسع جدا. وبإمكاني أن أقدّر أنه قُتل في عملياتنا مئات ناشطي داعش وأصيب أكثر من ألف وتم تدمير منشآت وبنية تحتية”.

وفيما يتعلق بأنفاق حزب الله عند الحدود بين لبينان وإسرائيل، قفال آيزنكوت إن أمين عام حزب الله حسن “نصر الله قرر بناء خطة هجوم على الجليل. وهم ستطلعون، كما يقولون، إلى ’إنزال ضربة على إسرائيل لم تشهد مثلها أبدا’. والتشبيه الذي يستخدمونه هو مثل ضرب صلاح الدين الصليبيين. وجاؤوا بفكرة احتلال الجليل وحفروا أنفاق. وهذه ليست مثل أنفاق حماس، وإنما هذا شيئ هائل، بعرض شارع، مع عشرات المسارات”.