08:05 م
الأحد 05 ديسمبر 2021
أثينا – (بي بي سي)
شجب البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، ما سماه “المصلحة الذاتية الضيقة والقومية” في الطريقة التي تتعامل بها أوروبا مع المهاجرين.
وقال البابا في حديث له من جزيرة ليسبوس اليونانية، حيث التقى العشرات من المهاجرين، إنه يتم استغلالهم لأغراض الدعاية السياسية.
ودعا إلى التركيز على أسباب الهجرة، مثل “الحروب المنسية”، بدلاً من معاقبة أولئك الذين يشعرون بآثارها.
كما انتقد بناء الجدران لإبقاء الناس خارجها.
وقال البابا: “في أوروبا هناك أولئك الأشخاص الذين يصرون على التعامل مع المشكلة بوصفها مسألة لا تخصهم- هذا واقع مأساوي”.
وأضاف أن “التاريخ يعلمنا أن المصلحة الذاتية الضيقة والقومية تقودان إلى عواقب كارثية”.
وقال إنه في وقت أظهرت جائحة فيروس كورونا أن التحديات الكبار يتعين مواجهتها بشكل جماعي وهناك بعض المؤشرت على حدوث ذلك بشأن موضوع التغير المناخي، إلا أنه لا وجود لدلائل كثيرة على هذا التوجه إزاء مسألة الهجرة.
وقال البابا فرانسيس: “إن من السهل التأثير على الرأي العام من خلال زرع الخوف من الآخر”.
وأضاف أن “الأسباب البعيدة يجب مهاجمتها، وليس الفقراء الذين يدفعون ثمن العواقب ويتم حتى استغلالهم لأغراض الدعاية السياسية”.
واستشهد البابا بالحرب والاتفاقيات الاقتصادية “التي يدفع ثمنها الشعب” وتدفق الأسلحة باعتبارها عوامل تدفع الأشخاص إلى البحث عن حياة أفضل في مكان آخر.
لا رغبة في أوروبا للترحيب بالمزيد من المهاجرين
كان هذا خطاب البابا الذي قدم أمام اللاجئين لكنه كان يستهدف بشكل مباشر القادة السياسيين عبر القارة الأوروبية. وعبرت كلمات البابا عن الإحباط مما يراه أخفاقاً من جانب السياسيين في معالجة قضية الهجرة بشكل كاف.
لم تكن رسالته بالتعاطف مع طالبي اللجوء جديدة لكن لهجته في ليسبوس كانت صريحة بصورة استثنائية.
وكان البابا فرانسيس يتحدث على خلفية عمليات صد المهاجرين في البحر- بما في ذلك في أماكن بالقرب من ليسبوس- وعلى الحدود البرية الأوروبية، بالإضافة إلى إقامة الجدران لمنعهم من الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
فهل ستُحدث كلماته أي فرق؟ إنها بالتأكيد تحقن عنصر تعاطف قوي في الجدال الذي يوضع عادة في إطار لغة الخوف.
لكن لا توجد الكثير من الرغبة السياسية في أوروبا لرفع القيود عن نظام الهجرة. كما أنه لا توجد هناك أي دلالة على وجود إرادة سياسية عالمية لمعالجة مشاكل الصراع والفقر المدقع التي تدفع الكثيرين إلى الفرار من منازلهم.
بلغ عدد الأشخاص الذين دخلوا أوروبا مستوى كبير في 2015، عندما قام بهذه الرحلة أكثر من مليون شخص من الهاربين من الحرب الأهلية في سوريا والأزمات الأخرى.
ومنذ ذلك الوقت، انخفضت الأعداد مع قيام الدول الواقعة على امتداد خطوط الهجرة بإغلاق حدودها. ووافق الاتحاد الأوروبي أيضاً على صفقة لإعادة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم إلى تركيا وقدم الدعم لخفر السواحل الليبي لالتقاط الأشخاص الذين ينطلقون إلى البحر.
وفي الشهر الماضي توفي 27 شخصاً عندما غرق قاربهم المطاطي في بحر المانش بين فرنسا والمملكة المتحدة. وقد شهد عدد الأشخاص الذين يحاولون العبور تزايداً، مع وصول أكثر من 26,000 شخص إلى المملكة المتحدة هذا العام حتى الآن، وهو أكثر من ضعف إجمالي عدد الواصلين العام الماضي.
وقد لقي العديد من الأشخاص مصرعهم أيضاً في درجات الحرارة المتجمدة خلال محاولتهم العبور إلى بولندا من بيلاروسيا، التي تنفي الاتهامات لها بتنظيم الأزمة على حدودها بهدف زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي.
وسجلت منظمة الهجرة الدولية 1650 شخصاً باعتبارهم أشخاصاً مفقودين خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط هذا العام.
وقال البابا فرانسيس إنه يفهم أن هناك الكثير من “التعب والإحباط” بسبب الهجرة التي تفاقمت بفعل الجائحة، لكنه حذر من أنه بدون إدخال تغيير فإن هناك خطراً بأن تجد الحضارة ذاتها نفسها “محطمة”.
وقال: “دعونا نجتث العقلية السائدة التي تدور حول الأنا والأنانيات الشخصية والقومية التي تحدد كل قرار نتخذه”.
كان البابا يتحدث في مخيم مؤقت يأوي حوالي 2000 شخص من طالبي اللجوء، والذي حل محل مخيم موريا المزدحم الذي تم تدميره في حريق العام الماضي.
وقالت الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيلاروبولو، التي كانت ترافق البابا فرانسيس، إن قضية الهجرة هي مسؤولية أوروبا بأسرها، وليس اليونان فقط.
وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي، فإن أكثر من 8,000 شخص عبروا إلى اليونان براً وبحراً هذا العام، في انخفاض عن نحو 15,000 عن العام الماضي ونحو 75,000 العام الذي سبقه.
وتعمل اليونان على بناء مخيمات مغلقة في العديد من الجزر لإيواء طالبي اللجوء إلى أن يتم البت في طلباتهم. وتنفي قيام خفر السواحل اليوناني بصد المهاجرين وهم في عرض البحر، مصرة على أنهم يقومون بانقاذ الأرواح.
واستشهدت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل بعمليات صد المهاجرين التي تقوم بها اليونان كنموذج محتمل للمملكة المتحدة في صد قوارب المهاجرين في بحر المانش.