باحث ينتقد فوضى مؤرخي «واتساب» وأصحاب «الدال» المزيفة !

انتقد الباحث والمؤرخ الدكتور تنيضب الفايدي، الحاصل أخيرا على جائزة أمين مدني في تاريخ الجزيرة العربية، ما أسماه فوضى البحث العلمي في التاريخ والأحداث التي لا تستند إلى بحث علمي دقيق، ودعا في حديث مع «» إلى وضع حد لما أسماه العبث التاريخي، منتقدا بعض من يطلقون على أنفسهم باحثين ومؤرخين، كاشفا في الوقت ذاته وجود أخطاء كبيرة في التاريخ، وضرب مثلا بقصة «طلع البدر علينا». وأضاف أن كثيرين يطلقون على أنفسهم مؤرخين برغم عدم توفر شروط البحث العلمي والمؤهلات العلمية والأكاديمية الدقيقة من جامعات معروفة، وتكاثر بذلك في الفترة الأخيرة من يحمل اسم «دكتور» ولا يُعرف من أين حصل على الشهادة، برغم أن الجهات المعنية نظمت وقيدت هذا الأمر ومن يخرج عن هذا النطاق يتابع من الجهات المعنية والبعض يدلى بمعلومات غير دقيقة وهذا عبث، والجهات الرسمية سبق أن حذرت بهذا الخصوص وليست هناك متابعة للواقع الميداني لمن يتناول التاريخ وهناك من سبقونا في ذلك واستفدنا منهم. واستطرد الباحث والمؤرخ تنيضب الفايدي، أنه لا يقصد التعميم، لكن الفترة الأخيرة شهدت كثيرا من المعلومات غير الدقيقة في التاريخ وأصبحت لدى البعض مفردات لغوية وأطلق على نفسه مؤرخا وباحثا، وتشكلت مجموعات من خلال «الواتساب» لا تنطبق عليها صفة الباحث والمؤرخ.

وعما تناوله البعض عن تاريخ المدينة المنورة، أوضح الفايدي أن كثيرين كتبوا عن تاريخ المدينة المنورة في طبقات التاريخ منذ العهد النبوي حتى اليوم ونستطيع توزيعهم 10 طبقات (مائة عام) كل طبقة بها مجموعة ولا يوجد مؤرخ كتب بشكل كامل عن المدينة وكلهم مكملون لبعض في سرد المعلومات وكل واحد أكمل الثاني من حيث بدأ. وحول حصوله على جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية، قال شعرت بالتكريم بعد أكثر من ٥٠ عاما وأنا أكتب في التاريخ والتوثيق وحكمت من باحثين علميين ولجنة علمية عليا أجازت مؤلفاتي في تاريخ المدينة وجميع مؤلفاتي موثقة وكتبت عن السيرة النبوية مرتين، الأولى تم عرضها في التلفزيون والثانية كتابيا عن طريق 600 مرجع، وقد لا تكون كل هذه المراجع بدرجة واحدة ولكن تعزز بعضها، بمعنى إذا هناك مرجع ضعيف تجد بجانبه مرجعا قويا بحثت عنها داخليا وخارجيا.

قصة «طلع البدر علينا»

وسلط الباحث والمؤرخ الفايدي الضوء على بعض الخلافات في مواقع وأحداث وقعت بالمدينة المنورة، وقال إنه أشار إلى بعض الاختلافات في عدد من المواقع والأحداث منها ثنيات الوداع في قباء وترحيب الأنصار بالرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا توجد ثنيات في جنوب قباء وإنما الثنيات المعتمدة في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما في شرق جبل سلع شمالي المدينة المنورة لا جنوبها.

وأشار بعض المؤرخين إلى وجود الثنيات جنوب قباء وهذا كذب وخطأ تاريخي، وللأسف موثق ورحب الأنصار بالرسول عليه الصلاة والسلام عندما انتقل من قباء إلى المسجد النبوي الشريف، وحسب ما أشار بعض المؤرخين إذا كانت صحيحة ذكرت بعد رجوع الرسول عليه الصلاة والسلام بعد عودته من غزوة تبوك وهذا قول، و«طلع البدر علينا» لم تكتب إلا في القرن الرابع ولم تذكر نهائيا في القرن الأول حسب ما أكده كثير من الباحثين، وقد يجتمع المؤرخون على أحداث أو واقعة وعليها اختلاف بينهما إذا كانت أنشودة طلع البدر علينا صحيحة فإنها قيلت، علماً بأنهم كانوا يقولون ضمن هذا النشيد جئت شرفت المدينة، والمدينة عند هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم اسمها يثرب وليست المدينة وإنما عدلت لاحقاً بعد هجرته بعدة سنوات.

حقيقة براكين المدينة

وعن حدود المدينة المنورة يقول الفايدي، إنه تتبع الأمر وألف كتابا في ذلك وصادقت عليه دارة الملك عبدالعزيز وأي خلاف لن تتم المصادقة عليه إلا بعد الرجوع لدارة الملك عبدالعزيز وتم اعتماد حدود المدينة والاستناد على أن تحديد الحرم النبوي الشريف من الجهتين الشرقية والغربية جاءت الروايات فيها بلفظ «اللابتين»، وهما الحرة الشرقية والغربية ومن الشمال إلى الجنوب من جبل عير إلى ثور ووضعت الجهات المعنية علامات بارزة توضح حدود المدينة، وذكرت المستندات والأدلة والشواهد على كل حد من الحدود وتم تصويره.

وحول وضع كثير من الأحياء التي يسكنها أهالي المدينة، سبق أن ذكرت عن مواقع الخطر وهناك خطر على كثير من الأحياء وسبق أن تعرضت إلى الغرق في فترات زمنية متباعدة وقد يعود الخطر في أي وقت وهناك أودية ومجارٍ لها شهرة منها وادي بطحان وقد وجه إلى وادي العقيق والرانوناء ووادي العقيق ووادي قناة وقبل 35 عاما دهمت السيول منازل حي الأزهري عبر سيل وادي العقيق.

أما البراكين فهي حقيقة، وسبق أن ثار بركان عام 652 هجرية في الحرة الشرقية وما زالت آثاره موجودة، وكذا في حرة الشاقة وحارة الشاقة في العيص والحرات الموجودة في خيبر ولا سيما الرأس الأبيض والبيضاء والقدر والقدير.

لماذا عارض اسم درب السنة ؟

وفي سؤال حول طريق قباء إلى المسجد النبوي الشريف والطريق الذي سلكه الرسول عليه الصلاة والسلام قال الفايدي، إنه كان يسمى درب السنة وعارضت تسمية هذا الطريق خلال 12 عاما، وطالبت ألا يسمى بدرب السنة، إذ كانت ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام تأتي يمينا وشمالا وبين القبائل وقال لهم (دعوها فإنها مأمورة)، فسارت حتى بركت موضع المسجد النبوي الشريف ولا يوجد خط مستقيم لها، وتمت الاستجابة ورأيت أن يسمى بدل درب السنة طريق قباء وسميت جادة قباء لأنه من المحتمل لاحقاً أن يأتي شخص من جنوب قباء ليصلي في قباء فيقال له لقد أخطأت السنة ارجع للحرم ثم تأتي عن طريق السنة إلى قباء.

لا عيون.. بل عيينة انقطع ماؤها

وعن العيون التي ذكرها بعض المؤرخين، يقول الفايدي: لا توجد أي عين وهناك آبار تعمل لها دبولة بجريان الماء مثل العين الزرقاء، والعيون بالمدينة لا توجد أصلا وإنما يجلب لها الماء من أعماق متفاوتة فبعضها قد يكون من وادي العقيق ومنها من العين الزرقاء من دبولة قباء التي وصلت إلى سيد الشهداء ومنها وصلت إلى أرض الزبير شمالي المدينة، وقد أخطأ بعض المؤرخين ممن زار المدينة في وصف الماء القادم من آبار قباء بأنه من العيون وهذا خطأ تاريخي، فالمدينة تاريخياً قليلة المطر قليلة الماء وهناك في فترة تاريخية سابقة عيينة انقطع ماؤها في كهف بني حرام فوق جبل سلع الذي كان يبيت به الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء غزوة الأحزاب (الخندق) محروساً ثم انقطعت تلك العيينة.