كشفت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ ليلة أمس الأربعاء النقاب عن أنّ وزير الأمن القوميّ، إيتمار بن غفير، اقتحم الأقصى برفقة وزيرٍ ثانٍ هذا الأسبوع، بعد حصوله على مصادقةٍ من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهذا الاقتحام يخدِم نتنياهو الذي يعتبر نفسه (المسيح المنتظر)، الذي سيُخلِّص الغرب الحضاريّ من الإسلام البربريّ، ويشكّل خطرًا على السلام العالميّ.
وفي خطابه أمام الكونغرس، الشهر الماضي، أوضح نتنياهو أنّه يرى إسرائيل رأس الحربة في حرب الغرب ضدّ الإسلام الراديكاليّ العالميّ، أوْ كما سمى ذلك “الحضارة ضد البربرية“.
وفي هذا السياق، رأى المُحلِّل روغل ألفِر، من صحيفة (هآرتس) أنّ “نتنياهو أوضح نتنياهو للأمريكيين بأنّه يقوم بحمايتهم، وأنّه يحارب حربهم. وقد كان واضحًا من اقواله بأنّ أمريكا ملزمة بأنْ تعترف بجهوده من أجلها، وليس العكس من ناحيته المساعدات الضخمة التي تحصل عليها اسرائيل من واشنطن تخدم المصلحة الأميركية الوجودية. وكلما قامت الولايات المتحدة بزيادة هذه المساعدات يتم خدمة المصلحة الوجودية الأمريكية بشكل أفضل. والمصلحة الأمريكيّة حسب نتنياهو هي الحرب العالمية”.
في الواقع، في تلك المناسبة، قدّم نتنياهو نفسه كزعيم للعالم الحر وراسم طريقه. في مقابلة مع مجلة (تايم)، الاسبوع الماضي، أكد على أن المذبحة في 7 تشرين الاول مثل “بيرل هاربر” بالنسبة له. من خلال افعاله والحلم الذي عرضه في الكونغرس فإنّه مثل فرنكلن روزفلت، وبيرل هاربر خاصته، وضع أمامه واجبًا استراتيجياً واخلاقياً لشن الحرب العالمية.
ولفت الكاتب إلى أنّه “يمكن الادعاء بأنّ نتنياهو هو استراتيجي سيء. فقد قام بتصفية كل من هنية في طهران وشكر في الضاحية، ولم يأخذ في الحسبان حجم الرد. هل هو حقًا لم يأخذ ذلك في الحسبان؟ مَنْ يعتبر نفسه زعيم الغرب في الحرب ضد البربرية يعرف جيدًا أنّ الاغتيال الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح يمكن أنْ يشعل الحرب العالمية، التي ستستمر سنوات، وستبقيه في الحكم الى حين انتهائها”.
وأوضح: “تثير نتيجة اغتيال هنية الانطباع أكثر من ناحيته. أرسل بايدن الى المنطقة قوة عسكرية تجعل ما حصل في نيسان يتقزم. نتنياهو يحدد جدول الاعمال. العالم ينقسم حوله. افعاله تقض المضاجع، وحتى مضاجع بوتين. هو أكثر اهمية على المسرح العالمي من أيّ وقتٍ مضى. يمنع نتنياهو إنهاء الحرب في قطاع غزة من اجل اشعال الحرب العالمية، وبأوهامه المصابة بجنون العظمة فإنّ هذه الحرب العالمية، انتصار الحضارة على البربرية، ستكون ارثه”.
واختتم “في غضون ذلك فإنّ مَنْ سينقذون مواطني اسرائيل، إيران والعالم، من بربرية نتنياهو هم بالذات بوتين، ورئيس (البرابرة) الجديد، مسعود بازشكيان. للعالم كلّه يوجد له الآن سبب جيّد للأمل في اسقاط نتنياهو، فطالما أنّه موجود في الحكم فإنّ العالم كلّه في خطر”، على حدّ تعبير المُحلِّل الإسرائيليّ.
الى ذلك، حذر جنرالٌ إسرائيليٌّ من عواقب خطيرة لسياسة الاغتيالات، وذلك في أعقاب اغتيال الاحتلال في الفترة الأخيرة، إسماعيل هنية وفؤاد شكر.
وقال اللواء الإسرائيليّ المتقاعد إسحاق بريك في مقال نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة: “دعونا نعترف بأنّ غالبية الشعب كانت في حالة نشوةٍ وغبطةٍ بعد القضاء على اثنيْن من كبار قادة حماس وحزب الله“.
وأوضح بريك أنّ “هذا الأمر مقلق بشكلٍ خاصٍّ، لأنّه يتضح لنا مرارًا وتكرارًا أنّ غالبية الإسرائيليين يجهلون تمامًا مجال أمن الدولة والأمن الشخصي، فهم لا يفهمون العواقب الخطيرة للاغتيالات التي تبدو لامعة الآن، لكنها قد تجلب الكارثة على الإسرائيليين في المستقبل“.
وأكّد أنّ اغتيال اثنين من كبار قادة حماس وحزب الله حدث في توقيت غير ملائم تمامًا، وهو ليس تقدمًا نحو النصر، بل إنّه على العكس، أدى إلى تدهور وضع إسرائيل بشكلٍ كبيرٍ، وجعل الأغلبية من الإسرائيليين سعداء دون أنْ يدركوا أن ّهذا الحدث يقربنا من حربٍ إقليميّةٍ شاملةٍ”.
وتابع: “لا يستطيع الجيش الإسرائيليّ الدفاع عن المواطنين في الحرب الشاملة، ولا يمتلك القدرة على الانتصار فيها”، لافتًا إلى “إننا نمتلك اليوم حكومة سيئة للغاية، وأعضاء الكنيست والوزراء يهتمون بالمصالح الشخصية، ويدعمون نتنياهو في خطواته بعدم إبرام صفقة لإعادة الأسرى“، طبقًا لأقواله.
وشدّدّ بريك على أنّ مواصلة القتال في قطاع غزة فَقَدَ غايته، ما يقرب الإسرائيليين كلّ يومٍ إلى الحافة، و”نحن نتحدث عن مجموعةٍ من الجهلة في مجال الأمن القومي وفي جميع المجالات الأخرى، ويمشون كالأغنام وراء نتنياهو بعيونٍ مغلقةٍ وآذان صماء نحو الهاوية مع جميع الإسرائيليين“، على حدّ تعبيره.
وهاجم بريك سياسات نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانط وقائد الجيش هرتسي هاليفي، مؤكّدًا أنّهم يضرون بالإسرائيليين وأمنهم القومي، و”إذا استمروا فسيقودوننا إلى طريقٍ مسدودٍ“.
وفي الختام طالب الثلاثة بالتنحي فورًا، وأنْ يظهر الإسرائيليون لهم الطريق للخروج، “مع الفريق الجديد من القيادة السياسيّة والعسكريّة يجِب إعادة بناء الدولة في مجال الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية“، طبقًا لأقواله.
والسؤال: إذا ردّت إيران على اغتيال هنيّة، وإذا ردّ (حزب الله) على اغتيال شكر، هل سيستغِّل نتنياهو الضربات المُوجعة، وتواجد الأسطول الأمريكيّ بالمنطقة، والدعم الغربيّ الذي يتلّقاه للبدء في الحرب العالميّة الثالثة؟.