بروتوكولات سرية.. هآرتس تكشف: هذا ما فعله الجيش الإسرائيلي “الأخلاقي” عام 1948

ارتكب جنود الجيش الإسرائيلي جرائم حرب في النكبة الفلسطينية، وعلى رأسها مذابح في القرى الفلسطينية التي احتلت في معارك الحسم في الساحل، والجليل والنقب. وروى أبناء ذاك العهد عن قتل جماعي لمواطنين فلسطينيين على أيدي المقاتلين الذين احتلوا قراهم، وعن صفوف الإعدام، وعن تجميع عشرات بني البشر في مبنى جرى تفجيره، وعن تحطيم رؤوس الأطفال بالعصي، واغتصاب عنيف، وعن أمر للسكان بحفر قتلوا فيها بإطلاق النار عليهم فيها.

تلك المذابح، التي تعد مذبحة دير ياسين أشهرها، قرب القدس، ثم الدوايمة، في الحولة، والرينة، وصالحة، وميرون، والبرج، ومجد الكروم، وصفصاف… هي جزء من تراث قتالي مارسه الجيش الإسرائيلي وهي جزء من تاريخ إسرائيل. ليس أقل من معارك البطولة في المطل، وتلة الذخيرة والمزرعة الصينية التي تقاتلت فيها جيوش نظامية. ولكن جهاز التعليم الرسمي لا يعلم عن الدوايمة شيئاً، ولا يتجول خريجو قاعدة “بهت 1” في أنقاض القرية التي أقيمت عليها القرية الزراعية “اماتسيا”، ولا يقرأون شهادات الناجين من المذبحة، ولا يبحثون في المعاضل الأخلاقية للقتال في محيط مدني رغم أن قسماً كبيراً من النشاط العملياتي للجيش موجه ضد فلسطينيين غير مسلحين اليوم أيضاً، مثلما في الـ 1948.

هذا الصمت ليس صدفة، ويملى من فوق. لقد كانت المذابح معروفة في حينه، بحثتها القيادة السياسية. حقق فيها بقدر معين، وقدم ضابط واحد على الأقل إلى المحاكمة بتهم قتل مدنيين، وحكم بعقوبة سخيفة، ثم عين لاحقاً في منصب عام مهم. ولكن إسرائيل الرسمية تهرب منذئذ من القصة وتبذل كل جهد لمنع كشف الجرائم وإخفاء الشهادات المتبقية عن الأرشيفات. لقد كشف المؤرخ آدم راز، الأحاديث التي دارت في جلسات الحكومة لأول مرة، وعنيت بـ “سلوك الجيش في الجليل والنقب” في الحملات الكبرى من تشرين الأول 1948. وأعرب بعض من الوزراء عن صدمة حقيقية وطالبوا بمعاقبة المسؤولين: رئيس الوزراء، ووزير الجيش دافيد بن غوريون، وإن كان تحدث عن “أفعال صادمة” لكنه عملياً غطى على الجيش ومنع تحقيقاً حقيقياً. وهكذا يكون قد وضع الأساسات لثقافة الإسناد والطمس المتبعة حتى اليوم في الجيش الإسرائيلي (وفي شرطة إسرائيل) بالنسبة للمس بالمدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.

دولة ابنة 73 لا يجب أن تهرب من ماضيها وتغطيه بالبطانية الكاذبة لـ “طهارة السلاح” و”الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”. لقد حان الوقت للاعتراف بالحقيقة، وقبل كل ذلك كشف تقارير المستشار القانوني الأول للحكومة، يعقوب شمشون شبيرا عن المذابح في الخريف المظلم للعام 1948. ينبغي الكشف عن السطور المشطوبة في بروتوكول جلسة الحكومة التي عرض فيها شبيرا نتائج بحثه، لإجراء نقاش جماهيري حاد عن معناها الراهن.