11:23 م
السبت 18 سبتمبر 2021
كابول – (بي بي سي)
كثر الحديث عما إذا كانت القاعدة ستعود إلى واجهة الأحداث مع عودة حركة طالبان للسيطرة على كابل وأفغانستان برمتها.
هذا النقاش يأتي بالتزامن مع ذكرى مرور عقدين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، حين فجر أعضاء من التنظيم طائرات تجارية في مبان أساسية في الولايات المتحدة متسببين في مقتل الالاف.
هجمات غيرت وجه العالم، فقد عمدت دولة عظمى إلى شن حربا على تنظيم مسلح دولي، وبدأت تلاحق التنظيم في كهوف أفغانستان وجبالها.
أوجه القاعدة المتغيرة
تنظيم القاعدة الذي بدأ كفكرة في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي بين أوساط المقاتلين العرب في أفغانستان إلى أن أٌعلن عن “الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبين”الذي كانت النواة التنظيمية للقاعدة.
وكانت تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر مفصلية في وضع القاعدة كأكبر التنظيمات “الإرهابية” في العالم.
ودفعت الحملة الأميركية على القاعدة التنظيم إلى تغيير تكتيكاته. فبفعل الضغط الأميركي بدأت القاعدة بتجنيد أعضاء وتدريبهم في أفغانستان، ومن ثم إرسالهم لينفذوا تفجيرات في مدن عدة حول العالم.
وبالتالي استُهدفت مدن عدة حول العالم في تلك الفترة، مثل بالي والدار البيضاء والرياض ومدريد ولندن وغيرها.
كل هذا جرى على وقع الغزو الأميركي للعراق واحتلاله، الذي تحول إلى فرصة ذهبية للقاعدة.
وقد أتاح بروز الجيل الجديد من القاعدة في العراق بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي، “للقاعدة أن يزيد من أتباعه ويتوسع في خلق فروع له في مناطق أخرى”، كما يقول حسن حسن المتخصص في الجماعات الإسلامية ويرأس تحرير مجلة Newlines في العاصمة الأمريكية واشنطن.
هذه الحقبة التي أبرزت فروعا للتنظيم في اليمن والجزائر والصومال والعراق .
بداية الأفول
لم يحمل العام 2011 أخبارا جيدة للقاعدة، فالربيع العربي، حيث خرج الشبان العرب يطالبون سلميا بالتغيير السياسي، همش تنظيم القاعدة بشكل ملحوظ.
وفي أيار/ مايو قتل أسامة بن لادن زعيم التنظيم لشكل ضربة قوية للتنظيم.
كما شكل ظهور منافس أيديولوجي للقاعدة، متمثلا في تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، تحديا أساسيا لجهاديي القاعدة.
هذه العوامل مجتمعة تركت القاعدة بقيادة متهالكة بين أفغانستان وباكستان، ومجموعات صغيرة في اليمن وسوريا ومنطقة الساحل جنوبي الصحراء.
وبالتالي، يميز حسن بين أول عقدين في الألفية، في بروز وأفول القاعدة، إذ شكل العقد الثاني التراجع الأساسي للقاعدة.
العلاقة مع طالبان
يراقب العالم اليوم طالبان، التي استعادت السيطرة على أفغانستان، ولا سيما أنها استضافت القاعدة لسنوات، فهل تعيد القاعدة نشاطها؟
طبيعة العلاقة بين القاعدة وطالبان كانت تقوم على تحالف ديني-تقليدي، أكثر من كونه اندماج أيديولوجي بين الطرفين.
فيما تعبر القاعدة عن نفس سلفي-جهادي يقوم على تأسيس دولة إسلامية عبر العنف، وفق لتصور أعضائه، فإن طالبان تعبر عن أيدولوجية قبلية وعرقية ودينية.
فطلاب المدارس الدينية التي اشتهرت في المناطق الحدودية، بين أوساط اللاجئين الأفغان، خلال الغزو السوفيتي تحولوا إلى قوة عسكرية تعبر عن القومية البشتونية (أكثر من40 ٪ من الأفغان) وتعبر دينيا عن المذهب الحنفي والمدارس الديوباندية.
وبالتالي فإن أيدولوجية القاعدة العابرة للجنسيات والقوميات جذبت كثيرا من الشبان المسلمين، لكن طالبان ببنيتها القومية-الدينية لم تكن لتستقطب سوى الأفغان الباشتون.
ولذا تجد في أدبيات الجهاديين، تقارير، منها ما هو ميداني، بداية التسعينات، تتقصى طبيعة طالبان ومدى إمكانية التحالف معها.
وقد تعززت علاقة التحالف هذه خلال حكم طالبان لأفغانستان، منتصف التسعينيات، واليوم مع عودة طالبان، تستبعد آن ليكوسكي من معهد الدراسات الدفاعية في العاصمة النرويجية أوسلو، ومؤلفة كتاب “القاعدة في أفغانستان” ان تستطيع القاعدة استعادة نشاطها.
تقول ليكوسكي: “شهدت القاعدة تراجعا واضحا وانحصر نشاطها في مجموعات صغيرة محلية، كما أن طالبان تعود اليوم بتصور مختلف”.
وتضيف آن: “الظروف تغيرت ولم تعد القاعدة تلك التي عرفناها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر”
وقد لعبالخلاف مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، دورا أساسيا في إضعاف القاعدة، لكن هذا التنظيم بقي يحمل ما يوصف بالأسبقية في حمل الأيديولوجية الجهادية.
ومع إضعاف تنظيم الدولة أيضا، فإن بعضهم يرى ان أيديولوجية هجينة بين القاعدة والدولة قد تطفو إلى السطح.
وهو تصور يؤكد على أنه، ورغم انحسار القاعدة وأفولها خلال العقدين الماضيين إلا أن أيدولوجية التنظيم لا تزال باقية.