يمثل استهداف رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، محاولة ضمن سلسلة محاولات عبثية يائسة من الإرهابيين لمنع العراق الشقيق من استعادة عافيته ودوره العربي والإقليمي والدولي، وترسيخ أمنه واستقراره وتعزيز نمائه.
وتعدّ السعودية هذا الاستهداف عملاً إرهابياً جباناً، وتؤكد وقوفها صفاً واحداً إلى جانب العراق الشقيق، حكومة وشعباً، في التصدي لجميع الإرهابيين، كما أن مواقف المجتمع الدولي أجمعت على شجب وإدانة محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء العراقي، مع التأكيد على دعم استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه.
وجراء هذه الحادثة النكراء، فإن المجتمع الدولي يطالب بمحاسبة مرتكبي محاولة الاغتيال الفاشلة والمشاركين فيها ومنظميها ومموليها ومتبنيها وتحميلهم مسؤولية هذه العملية الإرهابية.
إن المجتمع العراقي الباحث عن الاستقرار والأمن، قد عبّر من خلال صناديق الاقتراع عن دعمه لمشروع الدولة الذي يقوده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وتطلعه لتعزيز سلطاتها، ورفضه لهيمنة المليشيات الإرهابية واستقوائها بالسلاح على الدولة، والمطالبة بالقضاء على الفساد، ووقف التدخلات الخارجية في الشأن العراقي الداخلي، إذ تحركت الحكومة العراقية الحالية بقيادة الكاظمي بشجاعة لمواجهة انفلات السلاح، ومحاولة المليشيات الإرهابية فرض إرادتها على الدولة، وتصدت للتجاوزات بحق الأهالي في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي، تحت ستار ملاحقة أعضاء التنظيم، كما تصدت لاستهداف الناشطين السلميين واغتيالهم، وكشفت المتورطين في بعض هذه الجرائم.
العراق الذي يتطلع لتعزيز الأمن والاستقرار لا يمكن له الخضوع لإرادة المليشيات الإرهابية والعودة إلى الوراء، خصوصا بعد الخطوات الإيجابية التي قطعتها حكومة الكاظمي نحو تعزيز استقلالية القرار العراقي، والشروع في الانفتاح على الدول العربية، كون هذه الخطوات تنسجم مع مطالب الشعب العراقي، وتتوافق مع المصلحة الوطنية العليا للعراق.
لذا فإن محاولة الاغتيال الفاشلة للكاظمي تعد تطوراً خطيراً في ممارسات المليشيات الإرهابية ضد الدولة العراقية، بعد أن تعمدت سابقاً الإساءة له، والضغط عليه عبر تسيير المواكب المسلحة ونشر عناصرها في الشوارع، فضلاً عن استهدافها المنطقة الخضراء، والمطارات والقواعد العسكرية، ومبنى جهاز المخابرات الوطني العراقي، بالقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة، إذ تتعمد المليشيات الإرهابية بممارساتها واستخدامها السلاح في استهداف رموز الحكومة العراقية، وتقويض قدرة الدولة في المحافظة على مقومات استقلالها وسيادتها وقوتها، ومنها منع التدخلات الخارجية، والسيطرة الكاملة على أراضيها.
لقد أثارت ممارسات المليشيات غضب الشارع العراقي ورفضه الشديد لها، لاسيما تجاوزاتها في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم «داعش» من تهجير للأهالي واعتقالات وخطف على الهوية وإخفاء قسري بزعم انتمائهم للتنظيم، إضافة إلى قمع الشبان والفتيات المتظاهرين سلمياً في العاصمة بغداد وفي المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية إبان أحداث ثورة تشرين، و اختطاف الناشطين السياسيين واغتيالهم.
كما عبر العراقيون عن حالة الرفض لممارسات المليشيات الإرهابية وأنشطتها الإجرامية علناً في مظاهرات احتجاجية حاشدة شهدتها العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، إذ شهدت تلك المظاهرات رفع شعارات رافضة لتلك الممارسات، وللتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، إضافة إلى إحراق مقرات بعض المليشيات الإرهابية، وكذلك التعبير عن حالة الرفض والاحتجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتجلى موقف الشارع العراقي الرافض لتجاوزات المليشيات الإرهابية، وتطلعه إلى استعادة الدولة قوتها وهيبتها، بوضوح في نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي عكست موقف العراقيين من تلك المليشيات، ومن قياداتها والداعمين والمؤيدين لها.
ولهذا السبب، تهدف ممارسات المليشيات الإرهابية إلى تحويل العراق إلى «دولة فاشلة» يتفشى فيها الفساد السياسي والمالي والإداري، وتنتشر فيها ظاهرة انفلات السلاح والجرائم الطائفية، على رغم كل ما يملكه العراق من قدرات وكفاءات وطنية وثروات طبيعية، كان من الممكن أن تجعل منه دولة قوية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.