قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، إن التوسع الاستيطاني وتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، يجعل من بلوغ إسرائيل هدفها المتعلق بتطبيع العلاقات مع السعودية “أصعب كثيرا… إن لم يكن مستحيلا”.
وفي كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة (CFR)، قال بلينكن: “قلنا للمسؤولين الإسرائيليين، طالما تشتعل النيران في باحتكم الخلفية، فسيكون ذلك صعبا، إن لم يكن مستحيلا، الدفع بمزيد من اتفاقيات التطبيع، بما في ذلك مع السعودية”.
ولدى سؤاله عما إذا كان تراجع آمال إقامة الدولة الفلسطينية، في ظل عوامل منها التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وتصاعد العنف مؤخرا بالضفة الغربية، قد أدى إلى تصعيب تطبيع إسرائيل علاقاتها مع دول جوار، قال بلينكن إن هذا الأمر كان جزءا من مناقشاته مع مسؤولين إسرائيليين.
وأوضح بلينكن أنه تحدث في هذه الأمور مع نظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، خلال محادثات هاتفية بينهما أمس، الثلاثاء؛ وحثه على بذل إسرائيل المزيد من الجهود، لمواجهة اعتداءات المستوطنين وهجماتهم الإرهابية في الضفة.
وقال بلينكن “قلنا لأصدقائنا وحلفائنا في إسرائيل إن وجود نيران مشتعلة في باحتهم الخلفية سيجعل تعميق الاتفاقات القائمة وتوسيعها، لتشمل السعودية مثلا، أصعب بكثير، إن لم يجعله مستحيلا”. وأضاف أنه تحدث عن هذا مع وزير الخارجية الإسرائيلي، كوهين، أمس الثلاثاء.
وتابع قائلا “وأيضا، من وجهة نظرنا على الأقل كأقرب صديق وحليف لإسرائيل، إن حدوث هذا ليس من مصلحتها، لسببين أولهما الصعوبة التي يضيفها ذلك للمساعي إلى اتفاقات التطبيع، أو تعزيزها، والآخر هو تبعات ذلك العملية”.
وأضاف بلينكن أن محاولات الدفع نحو التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب “صعبة للغاية”، لكنه أشار إلى ما وصفه بـ”فرصة حقيقية”، وأضاف “هذا ليس شيئًا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها”.
وبشأن الاتفاق النووي مع إيران، شدد بلينكن خلال فعاليات المؤتمر الذي عقد في مدينة نيويورك على أنه “لا يوجد اتفاق في المستقبل القريب (حول المشروع النووي الإيراني). ما زلنا مستعدين لبحث المسار الدبلوماسي”.
واعترضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال الأسبوع الجاري، على قرار إسرائيلي بالتصريح ببناء أكثر من 5 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة، في أحدث خطوة من الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، رغم مناشدات من واشنطن بعدم تأجيج التوتر المتصاعد أصلا.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء تصاعد عنف المستوطنين ضد أميركيين من أصل فلسطيني في الضفة الغربية. وكان مستوطنون هاجموا أكثر من مرة الأسبوع الماضي قرية ترمسعيا وأحرقوا سيارات ومنازل واعتدوا على ممتلكات ومواطنين ما أدى الى مقتل فلسطيني وإصابة عدد اخر.
وتم التعبير عن القلق الأميركي في الاتصال الهاتفي الذي أجراه بلينكن، الثلاثاء، مع نظيره الإسرائيلي، كوهين، وفي كلمة الولايات المتحدة خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، الثلاثاء، لبحث التطورات في الشرق الأوسط.
وقال متحدث الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان، “أعرب الوزير بلينكن عن قلقه إزاء التصعيد الأخير للعنف، والذي أثر بشكل مباشر على المواطنين الأميركيين بالضفة الغربية، وشدد على ضرورة أن تعمل جميع الأطراف على زيادة تهدئة الوضع”.
ومن جهته، قال السفير روبرت وود، الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة في بعثة واشنطن في الأمم المتحدة: “ندين هجمات المستوطنين المتطرفين الأخيرة ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وإلحاق أضرار جسيمة بممتلكاتهم”.
وأضاف في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن، الثلاثاء، “نقدم تعازينا لأسر المتضررين وأكدنا للحكومة الإسرائيلية على أهمية محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف هذه ومحاكمة المسؤولين عنها بشكل كامل”.
وتابع وود “نحن قلقون أيضًا من تأثير هذا العنف على المواطنين الأميركيين”. وقال “كان المواطنون الأميركيون ضحايا لأعمال إرهابية لا معنى لها هذا العام، ومن بين ضحايا العنف الأخير في ترمسعيا بالضفة الغربية، وهي قرية يسكنها أغلبية من المواطنين الأميركيين”.
وأضاف “نعمل بنشاط مع حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية لتأمين رفاهية مواطنينا وتوفير تدابير متساوية للعدالة والأمن لجميع المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين المتضررين من هذا العنف”.
وكان قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية وصفوا، السبت، هجمات المستوطنين بأنها ” إرهاب قومي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” رونين بار والمفتّش العامّ للشرطة يعقوب شبتاي: في بيان مشترك: “تجري في الأيام الأخيرة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) اعتداءات عنيفة من جانب مواطنين إسرائيليّين ضد فلسطينيّين أبرياء”.
وأضافوا: “تنافي هذه الاعتداءات كلّ قيمة أخلاقيّة ويهوديّة وهي إرهاب قومي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ونحن ملتزمون بالتصدي لها”.