اختتمت فعاليات الذكرى الـ21 لهبة القدس والأقصى التي ارتقى خلالها 13 شهيدا فلسطينيا في مناطق الـ48 بنيران قوات الأمن الإسرائيلية، بمسيرة مركزية ومهرجان خطابي في مدينة سخنين، مساء اليوم، السبت.
وانطلقت المسيرة القطرية من أمام مسجد النور وسط سخنين، إذ جابت الشوارع الداخلية في المدينة وصولا إلى ساحة البلدية.
ورفع المشاركون في المسيرة الأعلام الفلسطينية وصور الشهداء بالإضافة إلى لافتات منددة بالجريمة وتواطؤ الشرطة مع عصابات الإجرام.
هذا واختتمت المسيرة القطرية في مهرجان خطابي في ساحة بلدية سخنين، حيث افتتح المهرجان بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء، وتلاوة آيات من القرآن الكريم، والاستماع إلى النشيد الوطني الفلسطيني.
وتولى عرافة المهرجان، المحامي محمود شاهين، أما الكلمة الأولى فكانت لرئيس بلدية سخنين، صفوت أبو ريا، الذي قال في كلمته إن “الهبة تركت فينا جرحا نازفا، طوال الأعوام 21 التي مرت لم يتغير شيء، لا زلنا مشبوهين في نظرهم، نسوا أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني؛ تتواصل ذات الطرق والأساليب والقتل فحياتنا ليست مهمة في نظرهم”.
وتابع “اليوم (سجل المجتمع العربي، نحو) مئة قتيل في جرائم العنف، وكل ذلك لا يعني لهم أي شيء، لأن دمنا ليس مهما ودم اليهودي حرام. نحن نتمنى أن تكون هذه الذكرى بوصلة لتوجيه جهودنا نحو السلطة وليس تجاه بعضنا بعضا، فصونوا الوحدة ولا تفرقوا”.
من جانبه، قال رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة في كلمته إن “الشهداء كانوا أبناء أمهاتهم وآبائهم عام 2000 واليوم هم أبناء شعبهم بأسره. لا نحيي الذكرى فقط بل نجتمع على العهد الذي قطعناها على أنفسنا أننا لن نهدأ حتى نحقق الأهداف التي من أجلها ضحى الشهداء، الثوابت الفلسطينية، (حق) العودة والقدس”.
وأضاف أن “شعبا فاقدا للذاكرة هو شعب مقطوع عن التاريخ ومنزوع من الجغرافيا، شعب بدون ذاكرة يخرج نفسه خارج الحضارة والتاريخ والمكان، ذلك وإلا ستصبح ذاكرتنا كذاكرة خراف في حظيرة، يذبح الأول والثاني ولا يذكر أخوه بفقده”.
وتابع “لسنا خرافا ننتظر العلف من أحد، نحن شعب يعتز بنفسه بأقصاه وقيامته وحذار ممن يراهن على الثوابت ومن يريد أن يحولنا إلى مستهلكي خدمات نقول له نحن شعب رافع الرايات. هذه القلة التي تعبث بحياتنا من عصابات الإجرام الذين يطلقون الرصاص بسلاح جيش إسرائيل ويحظون بحصانة أجهزة أمن إسرائيل وتهاون مقرف من الجهاز القضائي الإسرائيلي”.
وأضاف “علينا اجتثاث وباء الجريمة لأنها من صناعة المؤسسة ووباء العمالة ووباء الكورونا. علينا أيضا هنا أن نحافظ على التعليمات الصحية وتلقي التطعيمات لأننا نريد خلاصا من هذه الأوبئة الثلاثة، لكي نكون قادرين على دعم القدس والأقصى وغزة ومواجهة الاستيطان”.
واستطرد “نريد أن نلعب دورنا أيضا في قضية العودة والقضية الفلسطينية، هذه ليست قضية خارجة عن السياق، نعلن من هنا باسم شعبنا في الداخل إلى اللاجئين خارج الوطن أننا بانتظاركم عندما تعودون، وستعودون طال الزمان أو قصر”.
وتابع “من واجبنا أيضا مساندة أسرى الحرية. الأسير الذي يحمل القضية، مسكون يوميا بحلم الحرية، وسيحاول كل يوم نيل الحرية، هذا هو الأمر الطبيعي والأمر غير الطبيعي هو أسر أكثر من خمسة آلاف أسير وليس من الطبيعي أن نتبنى الرواية الإسرائيلية؛ ومن هنا ندين استمرار الانقسام الفلسطيني، وخيانة التطبيع مع إسرائيل”.
وختم بالقول إن “الشعب الفلسطيني يحمل قضية عادلة ولا يتسول من أحد. إن الهبات المتكررة هي انتصار للهوية الفلسطينية، وهذا ما شهدناه في أيار في هبة الكرامة كما قبلها، فتحية لعكا وحيفا واللد والرملة ويافا عروس فلسطين، باسم كل مدينة، باسمنا جميعا، نعلن وقوفنا إلى جانب عشرات المعتقلين، علينا أن نقف إلى جانبهم ونساند السلطات المحلية واللجان الشعبية من أجل نيل حقهم في الحرية”.
زيارة أضرحة الشهداء
وسبق المسيرة زيارة أضرحة الشهداء الـ13 في بلداتهم وهم: رامي غرّة (جت المثلث)، أحمد صيام جبارين (معاوية)، محمد جبارين ومصلح أبو جراد (أم الفحم)، وسام يزبك، وإياد لوابنة، وعمر عكاوي (الناصرة)، محمد خمايسي (كفركنا)، رامز بشناق (كفر مندا)، عماد غنايم ووليد أبو صالح (سخنين)، علاء نصار وأسيل عاصلة (عرابة).
ومما يذكر أن بداية الأحداث تعود إلى يوم 28 أيلول/ سبتمبر من العام 2000، حينما اقتحم زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، أريئيل شارون، المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة تحت حراسة مشددة، إذ أشعلت خطوة شارون الاستفزازية نيران الغضب الفلسطيني في باحات الأقصى ومختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية.
واندلعت هبة القدس والأقصى في مناطق الـ48 في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2000، عبر الإضراب العام والمفتوح الذي دعت له لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، ردًا على اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، أرئيل شارون، للمسجد الأقصى.
وقد ردت لجنة المتابعة على الأحداث الغاضبة والقمع الإسرائيلي للتظاهرات في القدس المحتلة والأقصى بإعلان إضراب عام ومفتوح، سرعان ما تحول إلى يوم غضب عارم. فقد شل الإضراب العام كافة القرى والبلدات الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب. وانطلقت تظاهرات منددة بانتهاك حرمة الأقصى، استشهد خلالها، في اليوم الأول من الأحداث ثلاثة من الشهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية وهم: رامي غرة، أحمد جبارين ومحمد جبارين.
وزاد ارتقاء الشهداء والعنف القاتل الذي لجأت إليه الشرطة الإسرائيلية في تفريق التظاهرات، الغضب الفلسطيني. وأُعلن مرة أخرى عن إضراب مفتوح. استمرت المواجهات بين شرطة الاحتلال التي استخدمت العيارات النارية، ووحدات القناصة وبين الفلسطينيين حتى الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، ليبلغ عدد الشهداء 13 خلال أيام الهبة. إذ استشهد في اليوم الثاني للهبة كل من أسيل عاصلة، وعلاء نصار، ووليد أبو صالح، وعماد غنايم، وإياد لوابنة ومصلح أبو جرادات. كما استشهد كل من الشهيد محمد خمايسي ورامز بشناق في الثالث من الشهر ذاته، فيما استشهد عمر عكاوي ووسام يزبك في الثامن من الشهر نفسه.
وكانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد قد دعت إلى أوسع مشاركة في مسيرة الذكرى الـ21 لهبة القدس والأقصى.
وبدأت فعاليات هبة القدس والأقصى بزيارة ضريح الشهيد، رامي حاتم غرة، في قرية جت المثلث، بحضور عائلة الشهيد ومشاركة العشرات من الأهالي والنشطات من منطقة المثلث ورئيس لجنة المتابعة ورؤساء سلطات محلية عربية، إذ قاموا بوضع أكاليل الزهور وقراءة الفاتحة على روح الشهيد.
وقال رئيس مجلس جت المثلث، خالد غرة، إننا “نحيي هذه الذكرى وسط حالة من الذل تعيشها الحكومات العربية التي تتهافت على الاحتلال، هذه الذكرى هي رسالة نسترد من خلالها حقوقنا من هذه المؤسسة”.
وأكد رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، أن “قضية القدس والأقصى وأحداثها في العام 2000 لم تنته، لا زلنا نرى تدنيسا للمسجد الأقصى من قبل قطعان المستوطنين وعناصر الشرطة”.
وأضاف أن “المجتمع العربي أثبت أنه أمين لمجتمعه وسط مخططات يعيشها لصرف أنظارنا وتشتيتنا عنها، وإحداها نشر العنف والجريمة، فالجريمة هي قضية اجتماعية ولكنها سياسية، وتبقى هذه الذكرى لأهالي الشهداء”.
وانتقلت بعدها مسيرة زيارة الأضرحة إلى أم الفحم ومعاوية حيث الشهيدين محمد جبارين وأحمد أبو صيام، كما جرى زيارة أضرحة الشهداء الثلاثة محمد جبارين الذين ارتقوا برصاص عناصر الشرطة الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى عام 2017.
وقال النائب السابق، د. يوسف جبارين، إننا “نواصل استذكار هذه الهبة لأن فيها معاني من التحدي للبقاء على أرض أجدادنا. وهي تأكيد على أننا أوفياء للشهداء والقدس والأقصى وأننا نحيي هذه الذكرى رغم الآلام التي نعيشها اليوم.
وفي مدينة الناصرة، وصلت المسيرة إلى النصب التذكاري للشهداء الثلاثة إياد لوابنة وعمر عكاوي ووسام يزبك، إذ ألقيت بعض الكلمات وجرى قراءة الفاتحة على أرواحهم.
وانتقلت المسيرة بعد ذلك إلى كفر كنا حيث النصب التذكاري للشهداء الذين ارتقوا برصاص الشرطة بينهم شهيد هبة القدس والأقصى، محمد خمايسي، والشهيد خير الدين حمدان؛ وجرى وضع أكاليل الزهور وقراءة الفاتحة على أرواحهم.
بعدها وصلت المسيرة إلى كفر مندا حيث النصب التذكاري للشهيد، رامز بشناق، وجرى وضع أكاليل الزهور وقراءة الفاتحة على روحه.