بوليتيكو: مخاوف بين الديمقراطيين من تقويض نتنياهو صورة بايدن بين الناخبين الأمريكيين

نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا حول مخاوف الديمقراطيين من تقويض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صورةَ الرئيس جو بايدن بين الناخبين الأمريكيين.

وفي التقرير الذي أعده أدم كانسرين وجوناثان ليمير وجينفر هاركون، قالوا فيه إن اندلاع الحرب في غزة قبل ستة أشهر، كان نوعا من الأزمات الدولية التي أخبر بايدن الناخبين الأمريكيين بأنه مهيأ بشكل جيد للتعامل معها.

ومع مضي الحرب ومحاولة الولايات المتحدة لمنع النزاع من الخروج عن السيطرة إلى كارثة إنسانية، بدأ عدد من مساعدي وحلفاء الرئيس بالقلق من طريقة تعامل بايدن مع الحرب. فبدلا من تقوية صورته كزعيم عالمي مجرّب، إلا أن دعمه الثابت لإسرائيل، يخاطر بجعل حجته أن الانتخابات المقبلة هي اختيار بين كفاءته ووضوحه الأخلاقي، والفوضى التي يتميز بها الرئيس السابق دونالد ترامب.

وتردد صدى هذه المخاوف من خلال مقابلات مع مسؤولين بارزين في الحزب الديمقراطي، وأعضاء يمثلونه في مجلس الشيوخ، بمن فيهم تيم كين وبيرني ساندرز. وكانوا بمثابة التيار الخفي لقرار البيت الأبيض في الأسبوع الماضي إصدار تحذير واضح لنتنياهو بأن الدعم الأمريكي قد يتبخر لو لم يروا تدفقا مهما للمساعدات الإنسانية إلى غزة، خاصة بعد الغارة الإسرائيلية التي قتلت سبعة من العاملين في المطبخ المركزي العالمي.

وكان التحذير تحولا مفاجئا في الموقف، وجاء نتيجة حالة إحباط خلال الأشهر الماضية من تحدي نتنياهو لنصيحة الإدارة الأمريكية، إلى جانب الغضب الشخصي المتزايد لبايدن من زيادة أعداد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين.

وكان الغضب هو إشارة لرؤية فريق الرئيس مشاكل سياسية محلية نابعة من النزاع الذي يهدد بالانتشار خارج قاعدة الحزب الديمقراطي.

ونقلت المجلة عن مات داس، المستشار السابق في الشؤون الخارجية للمرشح الرئاسي سابقا بيرني ساندرز، والذي يعمل حاليا في المركز للسياسة الدولية، قوله إن موقف نتنياهو “قوّض أهم الأرصدة له ضد ترامب”. وقال إن “بايدن، اتفقت معه أم لم تتفق، رجل محترم ورجل متعاطف ورجل صادق، لكن هذه السياسة كانت قاسية”.

 وهذه ليست المرة الأولى التي يتأثر فيها بايدن بسبب السياسة في الشرق الأوسط، فقد كان قراره الانسحاب من أفغانستان عام 2021 محل تساؤلات حول التخطيط، وإن كان يفي بوعد قطعه أمام الناخبين بالانسحاب من حرب طويلة في أفغانستان بشكل تصبح فيه أمريكا قوة للاستقرار العالمي، مما أدى لتراجع شعبيته التي تتعافى منذ ذلك الحين.

وربما لم تكن الموازنة بين الوضعين تامة، نظرا لعدم انخراط القوات الأمريكية في حرب غزة، إلا أنه وبعد ثلاثة أعوام، هناك قلق بين الديمقراطيين من أن الرئيس يواجه عقبة بسبب تعامله مع نزاع فيما وراء البحار. وقال كين، السيناتور الديمقراطي البارز في الشؤون الخارجية: “لقد ثمن دعوة بايدن وإلحاحه على نتنياهو لفتح معبر آخر من إسرائيل والسماح بدخول دعم إنساني قوي” ولكن “كان هذا حل يجب أن يحدث قبل عدة أشهر”. وأضاف أن “النهج الحالي” لبايدن “غير ناجع”.

ورغم التحفظات من بايدن تجاه حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، إلا أنه وقف معه بعد  هجمات 7 أكتوبر، حيث قامت حساباته وإدارته على أن هذا الانحياز سيعطيهم فرصة للتأثير على الطريقة التي ستنفذ فيها إسرائيل هجومها المضاد، ولمنع اندلاع حرب إقليمية. ومع مرور  الوقت، بدأ البيت الأبيض بتوجيه النقد لنتنياهو مع مواصلة الدعم العسكري لإسرائيل، وأنه النهج الصحيح.

وأكد البيت الأبيض أن نهج إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو الطريق الأسلم لحماية المصالح الأمريكية بالمنطقة، إلى جانب التوصل لوقف إطلاق النار وتأمين عودة بقية الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. ويقول المساعدون للرئيس، إن بايدن أثّر على نتنياهو أكثر من مرة خلال أشهر الحرب، كالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وتأمين وقف مؤقت للنار، تم فيه إجراء صفقة تبادل.

وبعد ساعات من التحذير القاسي من بايدن لنتنياهو، والتزام الأخير بفتح المزيد من المعابر البرية لمرور المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفي  أعقاب الغارة على عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي، شعر العديد من الديمقراطيين بالجرأة، وقالوا إنه كان على البيت الأبيض تبني نهج صارم، وأن مواصلة تقبّل مواقف نتنياهو الداعية للحرب، ستضر بأهداف بايدن في الداخل والخارج.

وقال السيناتور الديمقراطي عن ميريلاند، كريس فان هولين: “ما يكشفه هذا التبادل، هو أنه عندما يستخدم الرئيس النفوذَ الأمريكي لتعزيز مطالبه، فإنه يحصل على نتائج” و”ستظهر الولايات المتحدة ضعيفة لو لم نرفق كلماتنا بأفعال”.

وفي بيان، قال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس، إن “تجربة بايدن المهمة، والضغط المتواصل والعلاقات والقيم، كانت مهمة في إدارة التحديات الصعبة للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط وحول العالم”. وأضاف أن “قيادة الرئيس بايدن حققت تغيرات مهمة خلال النزاع، وقللت من التوتر، وهو على تناقض مع الطرق التي كان يمكن لنقاده من معسكر اليمين تحقيقها”.

وتقول المجلة إن أنصار بايدن يعرفون ما يمكن لترامب فعله، فقد قدم لهم نظرة عما سيفعله. فبعد هجمات 7 أكتوبر، انتقد نتنياهو ووصف حزب الله بـ”الذكي”، وكانت هذه التصريحات إلى جانب سجل متقلب في السياسة الخارجية، بمثابة الدليل الواضح حول المرشح القادر على التعامل مع أزمات مقعدة.

ومع ذلك، فهناك من يقلق في دوائر بايدن من الصور المروعة التي تخرج من غزة كل يوم، وربما تشوّه الدعم للرئيس بين الناخبين. والمثال الأوضح، هو الكارثة الإنسانية المتكشفة في غزة، والتي أغضبت قطاعا من قاعدة بايدن: الناخبون الشباب، العرب والمسلمون الأمريكيون، والتقدميون الغاضبون من عدم قدرة الولايات المتحدة على وقف الرعب المتكشف. ويواجه بايدن احتجاجات في أي مكان يذهب إليه، ومخاوف من تحول المؤتمر العام للديمقراطيين هذا الصيف إلى مناسبة للتعبير عن الغضب من الحرب في غزة.

وهناك إشارات عن تحول الناخب الأمريكي عن بايدن، ففي استطلاع أجري الشهر الماضي، بلغت نسبة الرضى عن أداء الرئيس 47%، وأقل من نسبة 60% المسجلة في تشرين الثاني/ نوفمبر. ولم تتجاوز نسبة الرضى بين المستقلين 21%.

وقد تسرب القلق من تأثير غزة على حظوظ الرئيس إلى الدوائر المقربة من بايدن. وقال مسؤول بارز إنه وفي الأيام التي قادت لمواجهته مع نتنياهو، كان هناك قلق من عدم قدرة بايدن على السيطرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بطريقة تقوّض زعم الرئيس بأنه القادر على حل الأزمات الصعبة. مما سيعطي ترامب فرصة للترويج لنفسه كزعيم جريء وإن كان متقلبا على المسرح العالمي.

وقال إيفو دالدر، المدير التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون الدولية: “أعتقد أن هناك وعيا كبيرا من أن موقف الولايات المتحدة من الحرب، قد أضر بموقفها الدولي”.

وبالمقارنة، ناضل ترامب لتقديم رؤية عن إسرائيل، ولم يعط رؤية تفصيلية حول كيفية إنهاء الحرب. وكان سابقا من الداعمين الكبار لنتنياهو، وقال قبل فترة إن إسرائيل “تخسر حرب العلاقات العامة” ويجب عليها إنهاء المهمة سريعا، ولكن بدون أن يتحدث عن الكيفية، وماذا يعني هذا للمحتجزين الإسرائيليين في غزة.

ويعتقد الديمقراطيون وخبراء السياسة، أن ترامب سيكون داعما لنتنياهو في غزة، مما سيزيد من تدهور الوضع الإنساني.

وناقش جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، تشريد سكان غزة وتحويل القطاع إلى مبان سكنية جذابة على الشاطئ.

وخفف بعض الديمقراطيين من إحباطهم تجاه الرئيس على أمل إعادة انتخابه، وسيكون في موقع جيد لتحقيق الاستقرار بالمنطقة. وقال ساندرز: “ما يحدث في غزة لا يمكن وصفه”.

ولدى الولايات المتحدة الكثير من الخيارات للتحرك، من السماح بتمرير قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، إلى اشتراط الدعم الأمريكي لإسرائيل. ويقول داس: “أنا متشجع لأن الرئيس على ما يبدو اعترف بالحاجة لتغيير نهجه” مضيفا أن التغير “بطيء، ولكنه يتحرك”.