بين جيل حرية وجيل التبول اللاإرادي ..عامر أبو شباب

 

 

لأن الصراع مع الاحتلال لم ينتهي بانتصار مقولة أن الكبار يموتون والصغار ينسون، لسبب بسيط ان الاحتلال كرس على مدار الوقت سلوك عدواني يحيي الذاكرة باستمرار لدى كل الأجيال الفلسطينية، ويجعل من الحرية ممر اجباري للحياة بكرامة، في عالم جعل من استقرار الفلسطيني في أي مكان صعب يرقى لدرجة المستحيل، فأصبحت فلسطين هي المكان الأفضل لغالبية الفلسطينيين في الأرض المحتلة، ويتوق الغالبية في الشتات العودة لها، فيما لم ينس فلسطينيو المهجر وطنهم واستمر تواصلهم مع الوطن والاهل بطريقة او أخرى.

 

 

الانتفاضات والمعاناة صقلت الهوية الفلسطينية وجعلتها نقيض وند لمشروع الاحتلال، عبر مراحل شكلت تراكم مستمر، لن ينتهي الا بزوال الاحتلال ورفع مساهمة الشعب الفلسطيني ودوره في العالم إنسانيا وحضاريا كأي شعب.

 

 

مراحل المواجهة مع الاحتلال صاحبها قيادةفلسطينية تتغير بحكم كل مرحلة، لكن أجيال الشباب كانت وقود كل المراحل وقيادتها الميدانيةدوما، ولم يبخل شباب فلسطين بأرواحهم وحريتهم وأطرافهم وطموحهم من أجل عدالة قضيتهم.

 

عندما وصل مساري المقاومة المسيسة والسياسية الساذجة الى نهاية الطموح بإقامة سلطتين مأزومتين بلا مشروع ولا حيلة الا الثراء بالضرائب والامتيازات، كان لا بد أن يتحرك جيل جديد من الشباب ليعيد القضية الى مسارها الكفاحي متجاوزا كل الأجندات السلطوية الفصائلية المنهكة.

 

 

الخطير في الأمر أن الواقع الذي خلقه المجتمع الدولي والاقليم جعل السلطتين في الضفة وغزة في تناقض تام مع المسار الكفاحي التحرري الذي يقوده جيل غير مسيس من الشباب، وترك هذا المد الكفاحي الشعبي بلا حماية عبر قيادة موحدة تحمي الفعل النضالي وتستفيد منه بطريقة مختلفة عن الاستفادة من الانتفاضة الأولى التي انتهت باتفاق مؤقت تحول الى وضع دائم بائس وصل ذروته بالانقسام الأسود.

 

 

طُعم وكمين السلطة جعل من حركتين على طريق المقاومة والتحرير وكلاء لإدارة الشعب في الأراضي المحتلة، وضمان السيطرة عليه، وتحييد باقي الشعب في الشتات والمهجر، من خلال إيجاد “ملقط نار” يمكن ترغيبه وترهيبه إسرائيليا ودوليا وعربيا.

 

 

الهوة بين جيل الشباب والقيادة أصبحت شاسعة، والفارق على الأقل 23 عام هو عمر انتفاضة الأقصى، لكن الفارق الزمني الحقيقي يعود للعام 1987 لأن القيادة الحالية برزت خلال الانتفاضة الأولى وابتلعت جيل الحجارة الذي أقصته  لصالح مشاريعها السياسية القاصرة.

 

 

أقل عضو في القيادة الحالية يقترب من السبعين عاما، وللأسف يكرر نفس المقولات السياسية على الأقل منذ عام 2007 عام الفرز على أساس امتلاك السلطة، ليسجل الفصلين الكبيرين 16 عاما بلا رؤية ويقودان عملية انهاك للجماهير محققين أهم هدف للاحتلال لمعاقبة الكبار الذين ماتوا على حلم العودة، والصغار الذين دفعوا رأس المال من أعمارهم ومستقبلهم.

 

 

وبعد هذا التبيان الموجز، لا يحضرني الا مشهد رئيس جنوب السودان الذي قاد مشروع الانفصال وهو يتبول لاإراديا على مرأى ومسمع العالم، رافضا ترك السلطة لجيل جديد قد يعيد النظر في الانفصال او يتجاوز مأزقه الحالي، بدون تبول لاإرادي لازالت نفس القيادة الفلسطينية على مدار سنوات 1987-2023 تقود المشهد عبر مكاتب سياسية ولجان مركزية وتنفيذية وحكومات بصلاحيات بلديات دون أن تأخذ العبرة من السالفين الذين تمسكوا بالسلطة حتى التبول على أنفسهم او حملتهم كراسي الإعاقة.

 

 

الحتمية التاريخية وسنة التغيير مع تداول القيادة لكن الأسلم هو الشروع في عملية سلمية وطنية لتوارث الأجيال ليحمل جيل جديد القضية نحو مرحلة جديدة تجب أخطاء الماضي وتبني على تراكم نضال شعبنا، ويكفي القيادة الحالية ما في رصيدها الذي سيقف أمامه التاريخ بالنقد والتمحيص.

 

 

نرجوكم لا نريد ان نراكم في الأصفاد أو أرذل العمر حتى لا تنحرف مسيرة شعبنا من أجل الحرية.