جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لاتزال تداعيات الانسحاب الأمريكي المخزي، أشبه بالفرار، من أفغانستان، تتوالى وتتكشف، يوماً بعد الآخر وتحمل من المآسي والمفاجآت، ما ينبغي أن تخجل منه إدارة بايدن. كانت الولايات المتحدة نفذت بنود اتفاق سري، واجهته مباحثات الدوحة، في عهد ترامب، ثم من بعده جو بايدن، وبمقتضاه هرولت كل القوات الأمريكية، وقوات الناتو، تاركة البلاد لطالبان التي حاربتها أمريكا ٢٠ عاما… وتاركة مئات من جثث علامات الاستفهام والاستغراب. لقد استسلمت كل قوات الجيش والأمن الأفغاني، وفتحت أبواب المدن بسهولة، واحدة بعد الأخرى، وسقطت كابل العاصمة كما تسقط حبة برتقال من فوق الشجرة.
لم تمر أيام من هيمنة طالبان على البلاد حتى ظهرت مقاومة في وادي بانجشير، لم تلبث أن اكتسحتها طالبان… لديها الآن طائرات ودبابات ومدافع وذخائر من أحدث ما في الترسانة الأمريكية. مع فرار المقاومة ظهر العدو اللدود الشرس بل الأشرس من طالبان. لقد أعلنت داعش عن وجودها ولاتزال تواصل الإعلان… بالتفجيرات في المساجد، والأسواق، والمستشفيات، آخرها اليوم، المستشفى العسكري في العاصمة كابل، فلقي ١٥شخصا مصرعهم وأصيب ٣٤ آخرون، في حصيلة أولية.
ما سر قوة داعش وجرأة عملياتها ؟
السر في تخاذل أمريكا وتخليها عن مئات الجواسيس والآلاف من أفراد الجيش والشرطة الأفغان. والقصة أن طالبان قامت بعمليات تفتيش بالغة الهمجية والقسوة في بيوت مسؤولين بأجهزة المخابرات والأمن الأفغانية، وترتب على ذلك فرار كثيرين منهم واللجوء إلى أحضان داعش، تنظيم خراسان. العسكريون ورجال الأمن والجواسيس… كلهم نخبة ومدربون على أيدي الجيش الأمريكي والمخابرات الأمريكية، وبذلك وفروا لداعش مهارتين دقيقتين: القدرة العملية على جمع المعلومات، ومهارات التشغيل الفنية للأجهزة والأسلحة، أضف إليهما تطوير تدريبات أفراد داعش.
المفارقة أن داعش لديها أموال تكفي لدفع رواتب شهرية لأفرادها، وأفراد الأمن والجيش الفارين من طالبان، بينما طالبان التى سيطرت على كل أفغانستان تقريبا لا تجد المال للمرتبات ولا للغذاء!
كشفت عن هذا كله صحيفة وول ستريت جورنال WSJ في تقرير تفصيلي، أضافت فيه أن الخطر الإرهابي ضد الأراضي الأمريكية، ومصالح أمريكا، يزداد قوة مع استمرار العمليات التفجيرية تقوم بها داعش لتعلن عن قوة حضور نافذة. كانت طالبان عدواً مهدداً للحكومة الافغانية. أطاحت طالبان بالأخيرة باتفاق مع أمريكا. الآن داعش عدو لطالبان… وفي الغيب تكمن القاعدة… التي فجرت البرجين في نيويورك… والمشهد الأفغاني يضطرب بالدم والبارود… بينما يبحث العالم في جلاسجو، ومن قبلها في روما، عن إطفاء حرائق الغابات ووقف ذوبان جليد القطبين… حتى لا تغرق دول وجزر وشطآن ساحلية. كما فشلوا في جزء دموي من الأرض، يرعى فيه الإرهاب… سيفشلون في حماية الكوكب. الفاشل في جزء فاشل في كل.!