يضع الاتفاق الائتلافي بين حزب الليكود، الذي يشكل رئيسه بنيامين نتنياهو الحكومة المقبلة، وحزب الصهيونية الدينية، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، إشكاليات قانونية ودستورية قد يتمكن الائتلاف الجديد من تجاوزها. لكن الإشكالية الأكبر والأهم في هذا الاتفاق الائتلافي هي أنه يخلق واقع ضم قانوني فعلي لمعظم مناطق الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل.
والإشكالية الأساسية في الاتفاق الائتلافي، كما يراها محللون قانونيون من خلال تحليلات منشورة في وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، الأربعاء، هي تعيين وزير من الصهيونية الدينية، قد يكون سموتريتش نفسه (الذي سيتولى حقيبة المالية)، في وزارة الأمن وتنقل إليه صلاحيات حساسة من وزير الأمن والجيش الإسرائيلي، بإخضاع الوحدتين العسكريتين “منسق أعمال الحكومة في المناطق (المحتلة)” و”الإدارة المدنية”. وينص الاتفاق الائتلافي أيضا على إخراج هاتين الوحدتين من النيابة العامة العسكرية وتشكيل دائرة استشارة قانونية خاصة بهما ويُعين فيها خبراء قانون موالين لسموتريتش.
وأوضح المحلل القانوني في موقع “زْمان يسرائيل” الإخباري، يوفال يوعاز، أن الجيش الإسرائيلي يعمل بموجب “قانون أساس: الجيش”، الذي يحدد البنية الهرمية للجيش، وقائده الأعلى هو رئيس هيئة الأركان العامة، الذي يعمل بإمرة الحكومة ويخضع بشكل مباشر لوزير الأمن.
وبتعيين وزير آخر في وزارة الأمن، تُنقل إليه صلاحيات من وزير الأمن ورئيس هيئة الأركان العامة، يستدعي تعديلات قانونية، رجح يوعاز أن الائتلاف الجديد سينفذها ضمن تعديلات قانونية من أجل تعيين رئيس حزب شاس، أرييه درعي، وزيرا وتوسيع صلاحيات وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وسن قانون الالتفاف على المحكمة العليا بمنعها من شطب قوانين يسنها الكنيست.
ولفت يوعاز إلى أن الاتفاق الائتلافي يثير “مشكلة أخرى وأخطر بكثير، وتهدد بأن تكون لها تبعات دولية واسعة النطاق. وهي تتعلق بسريان ضم قانوني فعلي في الضفة الغربية، إذا تم إخراج الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة في المناطق من أيدي وزير الأمن”.
وأضاف أن إخراج هاتين الوحدتين من السلسلة القيادية العسكرية كي تكونان تحت إمرة وزير آخر، “لن يكون بالإمكان بعد الآن القول أن الجيش الإسرائيلي هو المسيطر في المناطق، وإنما هيئات مدنية من قبل الحكومة الإسرائيلية، وليست جزءا من الحكم العسكري”.
وسيؤدي ذلك إلى “فوضى قيادية”. والمسؤولون في هاتين الوحدتين لا يمكن أن يكونوا ضباط في الجيش. “وعدا ذلك، خطوة كهذه ستؤدي إلى عواقب واسعة في مجال القانون الدولي: فإذا أصبحت هاتين الوحدتين خارج الجيش الإسرائيلي، فإن دولة إسرائيل لن تتمكن بعد الآن من القول إنها تدير مناطق الضفة الغربية لأسباب أمنية”. لكن بحسب يوعاز، فإن المحكمة العليا الإسرائيلية قد تصادق على هذه التعديلات.
“قوانين التفوق اليهودي ستستبدل قوانين الاحتلال”
رأى الخبير القانوني، بروفيسور مردخاي كرمنيتسر، في صحيفة “هآرتس” اليوم، أنه “في إطار الاحتيال المنهجي الذي تمارسه إسرائيل منذ سنوات على المجتمع الدولي حيال ما يحدث في المناطق ومصيرها، تتم الآن إزالة قناع آخر. فإذا كان بالإمكان التظاهر بأن الاعتبار الأمني هو الاعتبار المركزي في إدارة المناطق، مثلما يلزم بذلك القانون الدولي، أصبح واضحا الآن لمن لا يصرّ على إغلاق عينيه، أن الاعتبار الأساسي هو سيطرة يهودية على المناطق واستبعاد السكان الفلسطينيين منها والقضاء على احتمال إقامة دولة فلسطينية”.
وأضاف أن “قوانين الاحتلال ستُستبدل بقوانين التفوق اليهودي: سيصادق على البناء اليهودي غير القانوني (أي البؤر الاستيطانية العشوائية)، وسيشرعن، وستمارس يد حديدية ضد بناء غير قانوني فلسطيني، في واقع يكاد يكون فيه بناء قانوني فلسطيني مستحيل. والموقعون على الاتفاق يفترضون على ما يبدو أن الفلسطينيين سيوافقون مضطرين على التنكيل بهم. وليس مؤكدا أن هذا الافتراض سيصمد أمام اختبار الواقع”.
وأشار كرمنيتس إلى الفجوة الهائلة في المكانة القانونية بين المستوطنين والفلسطينيين، “الذين ليس لديهم حقوق مدنية وسياسية ويتم الدوس على حقوقهم كبش وكمن يعتبرون في القانون الدولة مجموعة سكانية محمية. وهذه الفجوة ستتسع أكثر الآن”.
وأكد على أن “المجتمع الدولي أبدى استعدادا كبيرا لأن يكون مضللا. وثمة أمر واحد يصعب التشكيك فيه: بالنسبة للمحاكم المتخصصة بالقانون الدولي – محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية – يلحق هذا الاتفاق ضررا جسيما بإسرائيل. وكلما تستهدف الحكومة الجديدة استقلالية القضاء، سيتآكل الدرع الواقي للنقد القانوني حيال السيطرة في المناطق، بالنسبة للقانون الدولي والرأي العام الدولي”.