“تركترون الطائر”.. تكتيك جديد أربك الاحتلال وحيّد الجدار واخترق غلاف غزة

منذ العام 2002، تواصل المقاومة في قطاع غزة الهجمات وعمليات التسلل والاقتحام لمستوطنات وبلدات، ومواقع عسكرية، محيطة بالقطاع، باستخدام طرق وتكتيكات مختلفة، من بينها الأنفاق، والتسلل عبر السياج، والدخول من البحر، وغيرها.
ومع تكرار عمليات التسلل التي نجح الكثير منها، بدأ الاحتلال بتطوير دفاعاته للتصدي لتلك العمليات ومحاولة إفشالها، فوضع السياج الشائك والإلكتروني، ونشر كاميرات ومعدات تجسس، وبنى الجدران فوق وتحت الأرض، ونشر أبراجا آلية “ترى وتطلق”، تستطيع التعرف على عمليات التسلل، وإطلاق النار تجاه المتسللين بشكل آلي.
لكن عملية التسلل الأخيرة، والتي تعتبر الأكبر في تاريخ المقاومة الفلسطينية، والتي نفذت، فجر أول من أمس، بمشاركة أكثر من 1500 عنصر، استخدمت المقاومة خلالها تكتيكات وأساليب جديدة غير معهودة، كان أبرزها “التركترون الطائر”، وهو من إبداع واختراع غزة، عبارة عن دراجة نارية صغيرة، وضع عليها مروحة كبيرة من الخلف، وجرى ربطها بمظلة تساعد على التحليق.
وبمجرد تشغيل محرك الدراجة، تنطلق عجلاتها بالسير مسافة قصيرة، وحين تمتلئ المظلة بالهواء، تبدأ بالارتفاع والتحليق، إذ يتحكم عنصران يستقلانها بتوجيهها، ويحلقان بها إلى وجهتهما، قبل تنفيذ عملية هبوط، ظهرت في مقاطع فيدو انتشرت، مؤخرا، على أنها عملية سلسة وآمنة.
وعند الساعات الأولى من الفجر، سمع مواطنون من سكان شرق القطاع أصوات محركات في الهواء، في البداية، ظنوا أنها طائرات استطلاع إسرائيلية، لكن حين نظروا شاهدوا تلك المظلات تملأ السماء، وتتحرك بالعشرات في اتجاه الشرق، قبل أن تشاهد تهبط داخل غلاف غزة.
وأكد قادة في الجيش الإسرائيلي أن مهندسي “حماس” تمكنوا من صناعة وتطوير “تركترون طائر”، ساهم في سرعة وصول المقاتلين لغلاف غزة، وتخطيهم الجدار بسهولة.
ووفق مواطنون من سكان شرق القطاع، فإن وصول الدفعة الأولى عبر “التركترون الطائر”، لبلدات غلاف غزة، كان توطئة لدخول العدد الأكبر من المقاتلين، إذ خاض مقاومون تسللوا اشتباكات مع الاحتلال من الخلف، بينما عملت الكثافة الصاروخية الكبيرة على إرباك الجنود والضباط المكلفين حراسة الحدود، ما أسهم في سهولة وصول مئات المقاتلين، ممن اندفعوا باتجاه خط التحديد عبر دراجات نارية، ومركبات، والعشرات وصلوا مشياً على الأقدام.
ويقول الخبير في الشأن العسكري والاستراتيجي دكتور إبراهيم حبيب، إن الانهيار المفاجئ للدفاعات الإسرائيلية على طول خط التحديد، يعود لعدة أمور، أهمها عنصر المفاجأة، وسرعة الوصول للأهداف المرصودة، إضافة للجهد الاستخباراتي والمعلوماتي الكبير، الذي يبدو أنه استغرق جهداً ووقتاً طويلين، وساهم في تحديد نقاط القوة والضعف لدى الاحتلال، وتحديد مناطق الاقتحام بدقة.
وأكد حبيب لـ”الأيام”، أن كثافة النيران سواء من المقاومين، أو من خلال القذائف الصاروخية، أربكت الاحتلال، وأسهمت في سرعة السيطرة على مواقع إسرائيلية، خاصة بعد تدمير عدد من الدبابات التي كانت متمركزة في محيطها.
ولفت حبيب إلى أن وجود المقاتلين في مناطق غلاف غزة لأكثر من 40 ساعة، بل وإرسال تعزيزات، واستبدال مجموعات، تشكل فشلا إضافيا، وانهيارا آخر لمنظومة الدفاعات الإسرائيلية في محيط غزة، متوقعاً أن تكون للعملية المذكورة تأثيرات سياسية وأمنية مستقبلية كبيرة، إضافة لتأثيرات ديمغرافية متوقعة، أقلها هروب السكان من غلاف غزة بلا عودة، لأنه من وجهة نظرهم، أصبحت تلك المناطق غير آمنة، وقد تكون عرضة لعمليات مشابهة في المستقبل.
والعملية المذكورة أثبتت فشل الجدار الإسرائيلي في حماية بلدات غلاف غزة والمواقع العسكرية، والذي جرى بناؤه فوق وتحت الأرض على مدار ثلاث سنوات متواصلة، بطول يصل لنحو 60 كيلومترا، ويبلغ عرض قاعدة الجدار 50 متراً، وارتفاعه 6 أمتار “فوق الأرض، وما بين 40-50 متراً تحت الأرض، وتم تثبيته بتدابير تقنية واستخباراتية متقدمة، لتوفير تغطية كاملة واستكمال الوشاح الدفاعي”..، كما بلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء الجدار حوالي 3 مليارات شيكل.