تصريف الجبيل يتفوق على الرياض وجدة والدمام

يتفق المهندسون والمتخصصون والمهتمون أن تصريف مياه الأمطار من الخدمات الرئيسة التي تحتاجها أي منطقة، سواءً كانت سكنية أو تجارية أو صناعية، وتزداد أهميتها مع التوسع العمراني.

وتعمل شبكات التصريف من المناطق الحضرية إلى خارج تلك المناطق، وترتكز أنظمة التصريف على الطبيعة الجغرافية والأحوال المناخية للمنطقة، وترتبط بكمية مياه الأمطار.

والصرف الصحي نظام قديم، حيث عثر على أنظمة الصرف الصحي في مدن قديمة يزيد عمرها عن 5000 عام، وركزت في مجملها على تقليل الإزعاج من الفيضانات الموضعية ومياه الصرف، كما استخدمت بعض تلك المدن أنظمة الصرف لحماية المناطق المنخفضة من هطول الأمطار الزائدة.

وفيما تتباين فعاليات شبكات الصرف الصحي في مدن المملكة، فإن الشبكة المعتمدة في الجبيل الصناعية حظيت بكثير من علامات الرضا وتفوقت على نظيراتها في كبريات المدن السعودية مثل الرياض وجدة والدمام حسب تقييم عدد من المهندسين والمختصين لـ«الوطن».

3 ركائز أساسية

أشارت الهيئة الملكية في الجبيل لـ«الوطن»، إلى أنها تعتمد في معاييرها لتصميم شبكات تصريف مياه الأمطار على ثلاث ركائز أساسية وهي (الدراسة والتخطيط، واستخدام المعايير والمواصفات العالمية المناسبة لمناخ المنطقة، وجودة التصميم والتنفيذ)، حيث إن جميع أنظمة شبكات تصريف الأمطار في المدينة يتم دراستها والتخطيط لها مسبقًا وفق الخطة العامة للمدينة، فيتم تجهيز جميع الأراضي (سكنية/ صناعية) بارتفاعات ومناسيب واتجاهات وميول مناسبة تعمل على توزيع وتصريف الأمطار إلى نقاط التجميع المحددة لها تصميميًّا ضمن شبكات التصريف.

وتنقسم هذه الشبكات في المدينة إلى ثلاثة أقسام، وهي:

* شبكات التصريف الرئيسية:

وتكون غالبًا عبارة عن قنوات تصريف مفتوحة كبيرة (Open Channels) تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 50 سنة، وكذلك منطقة استيعاب إضافية (Floodplain) تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 100 سنة، وتخدم هذه القنوات تجميع وتصريف مياه الأمطار للمدينة بكاملها.

* شبكات التصريف الثانوية:

ويمكن أن تكون قنوات مفتوحة (Open Channels) أو مغلقة كشبكات الأنابيب، وتصمم هذه الشبكات على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 25 سنة، وتخدم تصريف مياه الأمطار لأحياء بكاملها.

* شبكات التصريف الفرعية:

عادة ما تكون شبكات أنابيب وتخدم تصريف مياه الأمطار لأجزاء من الحي (حارات) وتصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 10 سنوات.

نظام مدروس

أضافت الهيئة، ترتبط جميع هذه الشبكات مع بعضها بعضًا من الفرعية وحتى الرئيسة مرورًا بالثانوية بنظام مدروس يعمل على تجميع مياه الأمطار من جميع أنحاء المدينة وصرفها أخيرًا للبحر أو للبحيرات الصناعية المخصصة لتجميع مياه الأمطار في الأماكن التي يتعذر فيها التصريف إلى البحر.

ولضمان عدم تلوث مياه البحر تشترط الهيئة الملكية على جميع المصانع بالمناطق الصناعية إنشاء أحواض لتجميع أول 30 مليميتر من مياه الأمطار السطحية فيها وصرف الباقي على النظام العام لتصريف الأمطار في المدينة، وذلك لضمان خلو المياه من الشوائب ومخلفات المصانع السطحية التي قد تسحبها مياه الأمطار إلى الشبكة.

وأوضحت أنها تستخدم الهيئة الملكية الطرق الهندسية التالية لحساب كميات تصريف مياه الأمطار وتصميم الشبكات:

* Rational Method:

تستخدم في حساب كميات تصريف مياه الأمطار السطحية للأراضي التي مساحتها تصل إلى 80 هكتارًا.

* SCS Method:

تستخدم في حساب كميات تصريف مياه الأمطار السطحية للأراضي التي مساحتها تزيد عن 80 هكتارًا.

* Manning’s Equation:

تستخدم لحساب سعة القنوات المفتوحة والأنابيب.

وشددت على أن معايير ومواصفات الهيئة الملكية هندسيًّا لا تختلف كثيراً عما هو مستخدم عالميًا لتصميم شبكات تصريف الأمطار في المناطق ذات الطابع المناخي المشابه، إلا أن الهيئة الملكية حريصة على جودة المنتج من ناحية الدراسة الدقيقة للتصميم وجودة الإشراف على التنفيذ للتأكد من تطبيق هذه المعايير والمواصفات.

مدن غير مغطاة

أكد الخبير في إدارة المشاريع والصيانة المهندس عبدالله المقهوي لـ«الوطن»، أن الحدث السنوي، الذي يتكلم عنه كثير من الناس في عدد من مناطق المملكة، هو فيضانات مياه الأمطار والأضرار الناجمة عنها، والتي بلغت ذروتها في عام 2009، حيث شهدت محافظة جدة أمطارًا غير مسبوقة، أدت إلى شلل الحركة المرورية وامتلاء عدد من الأنفاق بالمياه، ونجم عن ذلك وفاة أكثر من 100 شخص، وهدم أكثر من 8000 منزلًا، وتلف أكثر من 7000 سيارة، وتكررت تلك المآسي في الرياض والدمام وغيرها في أعوام لاحقة، وبنسب متفاوتة. وما زالت المدن الرئيسية غير مغطاة بالكامل بشبكة تصريف مياه الأمطار.

خسائر غرق المصانع

تساءل المقهوي «لماذا نجحت مدينة الجبيل الصناعية في تصريف مياه الأمطار بيسر وسهولة قياسًا على المدن الكبرى، مثل الرياض وجدة الدمام؟».

وأوضح «مخططو مدينة الجبيل الصناعية، وضعوا تصريف مياه الأمطار في حسبانهم منذ الخطوات الأولى في التصاميم الهندسية للمدينة، فصممت الشبكة الأساسية لاستيعاب أعلى معدل لمياه الأمطار والسيول خلال 50 عامًا، وهذا يعني إنشاء شبكة تصريف مياه أمطار ضخمة لاستيعاب ذلك المعدل الأعلى المفترض لكثافة الأمطار، كما قرر مخططو الجبيل الصناعية، رفع مستواها إلى 2.5 متر لتكون صالحة للتأسيس كونها أرض سبخة، إضافة إلى إنشاء شبكة تصريف لمياه الأمطار تتكون من تصريف سطحي مائل وتصريف باستخدام الأنابيب والقنوات الخرسانية التي تدفعها للبحر، كما أن خطة التشغيل والصيانة لشبكة تصريف مياه أمطار مدينة الجبيل الصناعية تتضمن عمل تفتيش دوري على فتحات تصريف مياه الأمطار لتنظيفها من العوالق لضمان عملها، إذ أن الخسائر والضحايا التي ستتكبدها مصانع البتروكيماويات في الجبيل في حال الغرق بمياه الأمطار ستكون باهظة.

حساب افتراضية تساقط الأمطار

أضاف المقهوي أن الأمطار تسبب خسائر في الأرواح والممتلكات، وتدمر البنية التحتية، وترفع تكلفة صيانة الطرق والجسور، وعليه فإن المطلوب من مخططي المدن ومسؤولي الميزانيات إعادة النظر في كيفية حساب افتراضية أعلى معدل لتساقط الأمطار، ومن ثم عمل تصاميم ملائمة لذلك، واعتماد ميزانيات لتنفيذها بجودة عالية، للمخططات القائمة والجديدة، ولاستكمال ذلك، مراجعة إستراتيجية تشغيل وصيانة شبكة تصريف مياه الأمطار والاستفادة من تجربة الجبيل الصناعية.

الطبقة الصخرية

وضع المتخصص في الجودة والأيزو في المشاريع الهندسية المهندس عبداللطيف البحر، خارطة طريق لمعايير دراسة تصميم شبكة تصريف مياه الأمطار، تعتمد على الطبيعة الجغرافية والأحوال المناخية، منها نوع التربة ومساحة المنطقة وكمية وغزارة الأمطار المتوقعة والوقت للتدفق، موضحًا أن «حالة التربة تتمثل في قدرتها على تحمل منسوب المياه الجوفية بها، وعمق الطبقة الصخرية، ومدى الحاجة إلى حوائط ساندة أثناء عمليات الحفر، ومن المناسب عمل جسات لتحريات التربة، مع الأخذ في الحسبان عند تصميم شبكة التصريف التدفق اللحظي لشدة المطر، وسرعة التدفق في الأنابيب، وأقطار الأنابيب في الشبكة، مع جدولة الفحص والصيانة الدوية المتبعة لشبكة تصريف مياه الأمطار والسيول والتأكد من جاهزيتها».

خرائط لمنطقة المشروع

قال المهندس عبدالمجيد المؤمن «إن من بين المعايير الهندسية لتصميم شبكات تصريف الأمطار، جمع المعلومات عن خرائط منطقة المشروع، توضح المباني والشوارع والأراضي الفضاء، والخدمات المتوفرة من شبكات مياه وكهرباء وهاتف والأنفاق والجسور لمعرفة مدى إعاقتها لشبكات الأمطار والسيول».

وبّين أن «أنواع شبكات تصريف مياه الأمطار هي شبكات الأنابيب المغلقة، وشبكات القنوات المفتوحة وهي قليلة الاستخدام بالمملكة لحاجتها إلى الصيانة المستمرة».

لافتًا إلى أن من بين معايير التصميم: تقسيم منطقة المشروع إلى مناطق جزئية، وإيجاد معامل مياه السيول الجارية حسب طبيعة كل منطقة، ومعامل خشونة حسب سطح المياه التي يجري عليها المطر سواء كانت صخرية أو عشبية أو رملية، وإيجاد الوقت اللازم لدخول مياه الأمطار إلى البالوعات، وتتراوح في الغالب بين 5 و20 دقيقة، وحساب شدة أو غزارة المطر عن كل منطقة، وحساب قطر مياه أنبوب التصريف، ويجب التأكد من الاستقامة لخطوط مواسير تجميع مياه الأمطار باستخدام أشعة الليزر أو لمبة الإضاءة.

حجم الأمطار خلال 25 عامًا

أكد المؤمن ضرورة التنسيق مع الجهات الرسمية والجهات المختلفة ذات العلاقة للحصول على موافقتها على مواقع محطات الضخ (إن وجدت)، كما يجب اعتماد مسارات خطوط تصريف المياه السطحية ومواقع المصبات البحرية ومواقع المصبات على الأودية في حالة تواجدها، وتجنب وقوع مسار خطوط المواسير في الأراضي الصخرية أو ضعيفة التربة أو أن يكون منسوب المياه الجوفية مرتفعًا، وتنفيذ جميع الأعمال المتعلقة بتصريف مياه الأمطار على الطرق المرصوفة، علاوة على عمل حماية كل الأعمال المنفذة من تأثير مياه الأمطار وتصريفها عنها، ويراعى أن يكون حجم كمية المياه المتوقع أكبر حجم لمياه الأمطار خلال ٢٥ عامًا عند تصميم وتنفيذ جميع بنود التصريف السطحي لضمان عدم تراكم مياه الأمطار بشكل دائم أو مؤقت، وتصميم وتنفيذ الإنشاءات المناسبة تصريف المياه السطحية مثل العبارات والمصارف الجانبية السطحية أحواض التجميع بطريق تضمن تصريف مياه الأمطار بسرعة تمنع تجمع المياه بشكل دائم أو مؤقت على الطريق أو بجانب أو تسربها إلى طبقاته الإنشائية وتأثيرها على أدائها، وتأمين تصريف المياه السطحية أثناء التنفيذ عن كافة الطبقات المنفذة وتأمين الوسائل اللازمة والفعالـة لتحقيق هذا التصريف لمنع حدوث أية أضرار للطرق والمنشآت المجاورة والبيئة، وتأمين تصريف المياه السطحية المجتمعة من الأكتاف الجانبية والأرصفة باتجاه الطريق والتقاطعات قبل الوصول إلى مسار الحركة بتنفيذ المصائد الجانبية وفتحات تصريف المياه السطحية.

إزالة المخلفات

شدد المهندس سلطان المغلوث على عمل الخرائط المساحية وتحديد الكمية المتوقعة حسب معدلات سقوط الأمطار واتجاه الرياح ودرجات الحرارة على مدار العام، وتحديد مناسيب الشوارع والمصارف، وتحديد أنواع وملحقات وأقطار المواسير المستخدمة، وحساب ميول المواسير مع اعتبار القطاعات الطولية، وتحديد نقطة التجمع النهائية، وتكمن إجراءات صيانة شبكة تصريف مياه الأمطار في تنظيفها، وإزالة المخلفات المتكونة حولها بما فيما ذلك الأتربة الناتجة عن العواصف الرملية الموسمية.

3 ركائز لتصميم شبكات الصرف الصحي في الجبيل

1ـ الدراسة والتخطيط

2ـ استخدام المعايير والمواصفات العالمية المناسبة لمناخ المنطقة

3ـ جودة التصميم والتنفيذ

3 أقسام للشبكات في الجبيل

1ـ شبكات التصريف الرئيسية

* تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 50 سنة

* تشتمل على منطقة استيعاب إضافية تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 100 سنة

2ـ شبكات التصريف الثانوية

ـ تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 25 سنة

3ـ شبكات التصريف الفرعية

ـ تصمم على أعلى معدل كمية تساقط أمطار حدثت خلال 10 سنوات

خطوات ومعايير هندسية لتصميم شبكات تصريف الأمطار

ـ جمع المعلومات عن خرائط منطقة المشروع

ـ الخريطة توضح المباني والشوارع والأراضي الفضاء

ـ الخريطة توضح كذلك الخدمات المتوفرة من شبكات مياه وكهرباء وهاتف والأنفاق والجسور

ـ تحدد مدى إعاقة هذه الخدمات لشبكات الأمطار والسيول

ـ تقسيم منطقة المشروع إلى مناطق جزئية

ـ إيجاد معامل مياه السيول الجارية حسب طبيعة كل منطقة

ـ إيجاد معامل خشونة حسب سطح المياه التي يجري عليها المطر سواء كانت صخرية أو عشبية أو رملية

ـ إيجاد الوقت اللازم لدخول مياه الأمطار إلى البالوعات (عادة بين 5 و20 دقيقة)

ـ حساب شدة أو غزارة المطر عن كل منطقة

ـ حساب قطر مياه أنبوب التصريف

ـ التأكد من الاستقامة لخطوط مواسير تجميع مياه الأمطار باستخدام أشعة الليزر أو لمبة الإضاءة؟