منذ بدء الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أخذت إسرائيل بفرض عقوبات مالية على السلطة الوطنية الفلسطينية، وصلت هذه العقوبات الاسبوع الماضي إلى منع تحويل العائدات الضريبية الفلسطينية، كذلك التهديد برفع الحصانة عنن البنوك الاسرائيلية بتعاملاتها مع البنوك الفلسطينية.
حزمة العقوبات التي أعلن عنها وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، جاءت رداً على اعتراف النرويج وإسبانيا وإيرلندا بدولة فلسطين، متوعداً بفرض مزيد من العقوبات في حال استمرار الاعتراف الدولي بفلسطين.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أن هذه الاجراءات قد تؤدي إلى أزمة مالية كبيرة لدى السلطة الفلسطينية. وفي المقابل تواجه اسرائيل ضغوطاً كبيرة وتحذيرات من العديد دول العالم لثنيها عن الإجراءات التي تسعى لتنفيذها.
فقد حذر البنك الدولي من تفاقم للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، حيث ظهرت أرقام غير مسبوقة من التضخم ونسب الفقر، مع توقعات بعجز بلغ 1.2 مليار دولار في الشهور القليلة المقبلة، وذلك بعد تدهور شديد في الأشهر الثلاثة الماضية بسبب الانخفاض الحاد في تحويلات إيرادات المقاصة من إسرائيل للسلطة الفلسطينية، يضاف إليه انخفاض هائل في النشاط الاقتصادي الذي أدى إلى خسارة الاقتصاد الفلسطيني ما يقارب من نصف مليون وظيفة، على خلفية الحرب في غزة.
عبد الكريم: لا انهيار للسلطة والجهاز المصرفي
وقال المحلل الاقتصادي عبد الكريم لمعا إن التهديدات الإسرائيلية وإن طبقت لن تؤدي إلى انهيار السلطة والجهاز المصرفي، مشدداً أن ما يتم تداوله من معلومات حول انهيار البنوك والجهاز المصرفي الفلسطيني جرى تضخيمه وتهويله، مما أحدث حاله من الخوف والفزع لدى المواطنين.
واستبعد نصر عبد الكريم الانهيار المالي للسلطة ولكنه لم يستبعد سعي إسرائيل والإدارة الأمريكية إلى محاولة إنهاء الكيان الفلسطيني واستبداله بآخر، مضيفاً أن الانهيار لن يكون كاملاً، ولكنه سيكون على شكل أزمة اقتصادية خانقة.
ويرى عبد الكريم أن السلطة الفلسطينية قادرة على الخروج من أزمتها في حال قامت إسرائيل بوقف التعامل بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية كإجراء عقابي ضدها، وذلك من التعامل مع البنوك العالمية، واستبدال عملة الشيكل بعملات أخرى مثل الدولار الأمريكي والدينار الاردني.
وأشار عبد الكريم أن المتضرر في هذه الحالة هي العلاقات الاقتصادية بين الطرفين التي تتم بعملة الشيكل، وليس بالعملات الأخرى، مثل التجارة وأجور العمال والمقاصة، لكن العملات الأخرى ستبقي البنوك قادرة على التواصل مع كافة دول العالم ما عدا الشيكل، خاصة وأن لديها “سويفت كود” يمكنها من إجراء التعاملات البنكية بكل سهولة، فلا حاجة للتهويل.
المطلوب إصلاحات جدية
ويعتقد عبد الكريم جازما أن العالم معني بوجود السلطة الفلسطينية وفي بقائها لكونها تشكل الشرعية الفلسطينية السياسية، لكن في الوقت ذاته يعتبر أن السلطة تقع على عاتقها مسؤولية إجراء إصلاحات حقيقيه تنهي حالة الفساد والترهل التي باتت تغلف مؤسساتها لتكسب مصداقيه العالم.
على السلطة الفلسطينية أن تعلن حالة طواريء، بحسب عبد الكريم ” وفتح حوار شامل واتخاذ قرارات صعبة حتى لو مست حقوق الناس وخاصة مراكز القوى التي تدافع عن مصالحها.
واضاف ” يجب دمج المؤسسات بدل تفريخ مؤسسات ، وتحديد الاحتياجات الأساسية للخدمات التي يتلقاها المواطنين تحت كل الظروف وان توجه الحكومة موازنات وسيولة لهذه الخدمات.
لا شك ان القرارات الرعناء لإسرائيل هدفها اضعاف السلطة وربما التخلص منها لأنها مسؤولة عن القرارات الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية، والأخرى من محكمة العدل الدولية، لكن من يتحكم في بقاء السلطة أو عدمه الولايات المتحدة وأوروبا الذين يعتقدون ان بقاء السلطة واستبدلها مصلحة اسرائيلية واقليمية ودولية”.