يقترب العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها من خط النهاية، وفق ما قد يُستشف من المعلومات والتصريحات، ومنها بيان جيش الاحتلال الذي تحدّث اليوم الثلاثاء، عن تحقيق جزء من أهدافه، وضبط أسلحة وعبوات ناسفة، واعتقال أكثر من 120 فلسطينياً، فضلاً عن الحديث عن 10 أهداف متبقية يسعى لتحقيقها، وأنه لم يترك مكاناً في جنين لم يعمل به.
ويضاف كلّ هذا إلى محاولات الاحتلال مغادرة مخيم جنين قبل تعقّد الأمور، ووقوع خسائر وإصابات في صفوفه، وتجنّب وقوع مواجهات على جبهات أخرى، على الرغم من تصريحات وزير أمن الاحتلال يوآف غالانت ظهر اليوم، بشأن أهمية الحفاظ على حرية حركة جيش الاحتلال، وتقديم الدعم الكامل له لاستخدام كلّ الوسائل المطلوبة، “من أجل تحقيق أهداف الحملة العسكرية، وإعادة الهدوء إلى المنطقة”.
وأشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى تقديرات تتكهن بسحب القوات وإنهاء العدوان هذه الليلة. وتنضم هذه التقديرات إلى أخرى لمحللين عسكريين إسرائيليين. كما يشير العديد منها إلى أن العملية العسكرية في جنين، وإن حققت أهدافاً معينة، لكنها لن تحدث تغييراً جذرياً على أرض الواقع.
وتوقع اور هيلر، المراسل العسكري للقناة 13 أن الجيش سينتهز حلول الظلام للانسحاب من مخيم جنين.
فيما نقلت القناة 14 العبرية عن مسؤولون أمنيون قولهم:” نقترب من نهاية العملية قريبًا، وسنواصل دخول جنين ومخيمها بقدر ما نريد حتى في المستقبل القريب.”
وكتب المحلل العسكري رون بن يشاي، في موقع “يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، أنّ أبرز الإنجازات التي حققها العدوان يكمن في أنّ قوات الاحتلال، وأجهزته الأمنية والاستخباراتية، بات يمكنها التحرك بحرية أكبر للقيام بعمليات عينية كما كان الحال في السابق، دون أن يتمكن المقاومون من رصد تحركاتهم، في إشارة إلى الدمار الذي تسبب به الاحتلال في مخيم جنين، وتدمير البنية التحتية وكاميرات المراقبة، كما تخلصت القوات من العبوات الناسفة التي زُرعت في أرجاء المخيم لاستهدافها.
ويرى يشاي أنّ هذه العملية ستتيح لجيش الاحتلال تطبيق استراتيجية مستقبلية في شمال الضفة الغربية، تتمثل في القيام بعمليات عسكرية محدودة، ولكنها مكثفة ضد المقاومين. واعتبر أنّ من بين الإنجازات، اعتقال عشرات الفلسطينيين، وتدمير البنى التحتية للمقاومة في المخيم، ومع هذا يلفت إلى أنه ما زالت في المخيم كميات كبيرة من الأسلحة التي لم يتم الوصول إليها، وحتى لا تعرف الأجهزة الإسرائيلية بوجودها، وعليه “ما زال المشوار طويلاً”.
يُذكر يشاي أنّ العملية “الدقيقة والحذرة”، على حدّ وصفه، تسببت من جهة أخرى بأن يكون عدد المقاومين الذين استشهدوا “منخفضاً”، محذراً من أن زيادة الاحتكاك داخل المخيم قد تشكّل خطراً على الطرفين، وأن أي تعقيد سينقل العملية “من الجانب الإيجابي للنتائج، إلى الجانب السلبي (بالنسبة للاحتلال إذا وقعت خسائر في صفوفه)، وعليه يجب عدم محاولة تحقيق كلّ الأهداف في حملة واحدة، وإبقاء شيء لمرات مقبلة”.
من جهته، كتب المحلل العسكري في صحيفة “معاريف” طال ليف رام، اليوم الثلاثاء، أنّ جيش الاحتلال يقترب من تحقيق أهداف الحملة العسكرية المحدودة في مخيم جنين كما حُددت من قبل المستوى السياسي. ومن ضمن الأهداف التي تحدث عنها، مساهمة التحقيقات التي أجرتها أجهزة الاحتلال مع المعتقلين الفلسطينيين، بتوفير معلومات، يرى أنها ستضيف إلى ما ينقص الاحتلال من معلومات استخباراتية.
وأضاف أنه إلى جانب الرضا الإسرائيلي عن تعامل قوات الاحتلال مع الوضع، ومستوى المقاومة المنخفض، فإنّ جيش الاحتلال يدرك أنّ صورة الوضع قد تنقلب بسرعة، وهذا ما يدركه غالانت أيضاً.
وينضم ليف رام إلى المحللين الذين يرون أن الاحتلال غير معني بحملة عسكرية واسعة، وأن حملة واحدة، وإن كانت ناجحة، لن تحلّ مشكلة العمليات ضد الاحتلال وأهداف إسرائيلية.
وخلص إلى أنّ تحديد نقطة الخروج (من العملية العسكرية) يتحول إلى معضلة كبيرة، بشكل خاص، عندما تُعتبر العملية – حتى الآن – ناجحة، وتشكّل إغراءً للاستمرار لفترة أطول، مضيفاً أن التقديرات تشير إلى أن جيش الاحتلال سيعمل على سحب قواته اليوم، وأن حدوث تطورات استثنائية قد يحوّل الحملة العسكرية إلى معقّدة أكثر، وهو ما لا تريده إسرائيل، في حين أن “الإنجازات حتى الآن تمنحها بالتأكيد نقطة خروج مريحة”.
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقاً مئير بن شبات، لصحيفة “يسرائيل هيوم”، إنّ العملية العسكرية في جنين مهمة، وكان لا بد منها، برأيه، لكنها لن تغيّر الواقع بشكل عام في المنطقة. ولفت إلى أن الهدف الرئيس لأجهزة الأمن الإسرائيلية هو إحداث أكبر قدر من الضرر بقواعد المقاومة، مع الحدّ الأدنى من المخاطر على قوات الاحتلال، ودون إدخال ساحات إضافية إلى العملية (سواء غزة أو جبهات أخرى).
وأضاف أن “التحدي الآخر للمؤسسة الأمنية هو مراقبة وإحباط نوايا القيام بعمليات انتقامية من ساحات أخرى أثناء القتال في جنين”.
ورأت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، أنّ المستوطنين فرضوا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الخروج إلى العملية العسكرية في جنين، لافتة إلى أنّ السياسات الإسرائيلية، من الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وزيادة الاستيطان، والاعتقالات، وقتل الأبرياء، وإحراق البيوت، وغيرها، من شأنها التحفيز على تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، مضيفة أنه في ضوء فظائع الاحتلال وأعمال الشغب التي يقوم بها المستوطنون، لا يمكن لإسرائيل أن تتوقع الهدوء في المنطقة.