لا تزال المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس تشمل وقف إطلاق نار في الحرب على غزة متعثرة، فيما الاعتقاد الواسع في إسرائيل هو أن رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، لا يريد وقف الحرب ويماطل في التوصل إلى صفقة، لأن من شأن ذلك أن يسقط حكومته ولذلك هو مضطر للرضوخ لإملاءات اليمين المتطرف، الممثل بإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان يطالبان باستمرار الحرب والاستيطان مجددا في قطاع غزة.
تابعوا تطبيق “عرب ٤٨”… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وكشف المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة، عن أن أحدث التقديرات في إسرائيل تفيد بأن قرابة نصف الرهائن الإسرائيليين في غزة، البالغ عددهم 134 رهينة، “ليسوا على قيد الحياة”. وأضاف أنه “إذا كان هناك أحد ما في الجانب الإسرائيلي يماطل، فإنه مجرم”.
ووفقا لبرنياع، فإنه يوجد خلاف داخل وفد المفاوضات الإسرائيلي، بين رئيس الموساد، دافيد برنياع، والمسؤول عن الأسرى والمفقودين في الجيش، نيتسان ألون. “والتقديرات التي يدلون بها في المداولات المغلقة تدل على خلافات شديدة ويصعب حلها. ويخيم لغز شخصية نتنياهو فوق هذه الخلافات. وهي شخصية واعدة بنظر الأول، ومعرقلة بنظر الآخر”.
ويعتبر رئيس الموساد أن رئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، “يماطل وليس معنيا بالتوصل إلى اتفاق”. لكن برنياع أشار إلى أن وفد حماس في مفاوضات الدوحة عبر عن استعداد للتقدم، “وإسرائيل لا يمكنها القول لا، ليس مقابل طلب أميركي وليس مقابل عائلات المخطوفين”.
ومنح نتنياهو رئيس الموساد تفويضا لمفاوضات الدوحة، بداية الأسبوع الحالي، أوسع من التفويض السابق، حسب برنياع. “وكان بإمكان رئيس الموساد أن يفاوض حول تغيير عدد الأسرى الذين سيحررون في المرحلة الأولى، وحول إعادة المهجرين إلى شمال القطاع، بما يشمل عددهم وسنهم وجنسهم، وحول انتشار قوات الجيش الإسرائيلي خلال وقف إطلاق النار”.
وحسب برنياع، فإن حماس أصرت على إلغاء تفتيش النازحين لدى عودتهم من جنوب القطاع إلى شماله، وضمانات دولية لوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع كله، وطالبت بالإفراج عن عدد الأسرى الذي طالبت به في لقاء باريس، الشهر الماضي.
واعتبر رئيس الموساد أن عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع ستجعل السنوار يتراجع، لكن “هذا لم يحدث، لأن الجيش لا ينجح في هذه الأثناء في الوصول إلى نقاط من شأنها التأثير على السنوار، وكذلك لأنه محصن من التأثير عليه”.
وأضاف برنياع أن رئيس الموساد يعتبر أن “خطة السنوار هي مرور شهر رمضان بدون اتفاق. فالاتفاق ليس جيدا لرعاته الإيرانيين ولا له. ولا مصلحة لديه بفتح الباب أمام تطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية وجبهة أميركية – سنية – إسرائيلية ضد إيران”.
وتابع أن نتنياهو معني جدا باتفاق مع السعودية، “لكن لديه الآن قاعدة انتخابية وائتلاف ولذلك هو يُخبئ نواياه خلف خطاب متشدد ورافض”.
من الجهة الأخرى، يعتقد نيتسان ألون أن “السنوار معني بصفقة. ومعظم الخبراء بشؤون السنوار، إذا تبقى في إسرائيل خبراء كهؤلاء، يؤيدون هذا التوجه. والتغيير الكبير الوحيد في شروط السنوار هو أنه سمح لمندوبيه في باريس أن يوافقوا على وقف إطلاق نار واسع فيما تبقى قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع”.
وفي ظل النقاش داخل كابينيت الحرب حول التفويض الذي منحه نتنياهو للوفد، قال عضو الكابينيت غادي آيزنكوت إن الوفد لم يحصل على تفويض. وحسب برنياع، فإن “الوفد لم يتلق تفويضا، لكن رئيس الموساد حصل على تفويض، ونتنياهو منعه من الإفصاح أمام أعضاء الوفد بشأن حجم التفويض. لكن نتنياهو حرص على ألا يكون التفويض كافيا للتقدم في المفاوضات”.
ولفت برنياع إلى أن “التوحل (الإسرائيلي) في المفاوضات مواز للتوحل في غزة، والتوحل في لبنان والتوحل في واشنطن”.
وتطرق برنياع إلى إعلان نتنياهو عن إلغاء زيارة وفد مؤلف من وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، إلى واشنطن لتقديم خطة إسرائيل لاجتياح رفح التي تعارضها الإدارة الأميركية. وجاء إعلان نتنياهو في أعقاب امتناع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لإحباط قرار يطالب بوقف إطلاق نار فوري في غزة خلال شهر رمضان.
وألمح إلى أنه “ليس جيدا أن ينظر البيت الأبيض إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية على أنه عدو. وأسوأ بكثير، وضار أكثر بكثير، أن البيت الأبيض يرى به أنه طرفة”.
وأشار إلى أن هنغبي وديرمر لا يملكان أي خبرة عسكرية تؤهلهما لشرح خطة عسكرية بخصوص رفح، حيث يتجمع حوالي 1.5 مدني فلسطيني.
وأضاف برنياع مستهزئا أن “المرة الأخيرة التي خطط فيها هنغبي عملية في رفح كانت عندما تسلق برجا في يَمّيت (المستوطنة الإسرائيلية في سيناء) عشية السلام مع مصر وكذب أنه يوشك على الانتحار” خلال مظاهرة ضد إخلاء المستوطنة.
وتابع مستهزئا أيضا، أن “ديرمر أنهى دراسته العسكرية في الجالية اليهودية في ميامي بيتش”. ووفق لبرنياع، فإن “تركيبة هذا الوفد هي العقاب الحقيقي الذي فرضه نتنياهو على البيت الأبيض”.