وصف مسؤولون إسرائيليون المحادثات التي أجروها مع المبعوث الأميركي لشؤون إيران، روبرت مالي، الذي زار إسرائيل بداية الأسبوع الحالي، بأنها كانت “محادثات صعبة وخيبة أمل عميقة”، وحتى أنهم اعتبروا المبعوث الأميركي “جهة معادية” بادعاء أنه دفع الإدارة الأميركية إلى “استسلام مخزٍ للعدو”، وفق تقرير للمحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة.
وعبر مسؤولون إسرائيليون عن استيائهم من إيداع المفاوضات مع إيران بأيدي مالي، معتقدين أن “مالي سيسعى إلى العودة إلى الاتفاق النووي بأي ثمن، وأن الإيرانيين سيستغلون ضعفه”. وستستأنف المحادثات حول الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى يوم الإثنين المقبل.
والتقى مالي في إسرائيل مع وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الخارجية، يائير لبيد، فيما رفض رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، لقاءه بادعاء أنه لا يريد أن يظهر اللقاء كأنه موافقة على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق.
ورأى برنياع أن بينيت قرر افتعال أزمة في العلاقات مع البيت الأبيض عشية استئناف المحادثات النووية، في أول مواجهة أميركية – إسرائيلية خلال ولاية بينيت. وأشار إلى تصريحات مسؤولين أميركيين لصحيفة “نيويورك تايمز”، اتهموا فيها إسرائيل بتسريع البرنامج النووي الإيراني، وأن مالي وفريقه أوضحوا للإسرائيليين أن “العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المنشآت النووية ربما تكون مرضية في المستوى التكتيكي، لكنها تلحق ضررا في المستوى الإستراتيجي”، وأنها تدفع إيران قدما بدلا من لجمها.
وأضاف التقرير أن الاعتقاد في مكتب بينيت هو أن مالي مسؤول عن التسريب للصحيفة الأميركية، لكن برنياع أفاد بأن هذا الاعتقاد ليس صحيحا بحسب استيضاح أجراه بنفسه في واشنطن، لكن هذا لا يقلل من المشكلة وإنما يصعدها، “فقد سعى أحد ما في إدارة بايدن، عشية المحادثات، إلى التوضيح للدول العظمى الخمس ولإيران أن أميركا وإسرائيل لم تعودا معا”.
وتصف مصادر في مكتب بينيت المقترح الأميركي باحتمال التوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران، يجمد مؤقتا تخصيب اليورانيوم مقابل رفع جزئي للعقوبات على طهران، بأنه “كارثة واستسلام أخطر من العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي”، بادعاء أن الأموال الإيرانية التي ستحرر “ستستثمر في تسريع تطوير رؤوس حربية وصواريخ وتعميق الأنشطة العسكرية الإيرانية في سورية ولبنان وغزة”.
واعتبر التقرير أن بينيت لن يدخل إلى صدام مع بايدن مثلما فعل نتنياهو خلال ولاية أوباما، “لكنه قرر مهاجمة سياسة إدارته علنا”. فقد صرح بينيت خلال خطابه في جامعة رايخمان في هرتسيليا، الأسبوع الحالي، بأنه في سياق المحادثات النووية “قد يكون هناك عدم اتفاق مع أفضل أصدقائنا”.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل دمرت مفاعلين نوويين في العراق وسورية، “لكن المفاعلين كانا في طور البناء. وإيران ليست في هذا الوضع منذ فترة طويلة. ولذلك تصعب رؤية حل عسكري للتهديد الإيراني، وخاصة أن إيران محمية بواسطة اتفاق دولي بدعم أربع دول عظمى وألمانيا”.
ولفت التقرير إلى أن الاعتقاد السائد في جهاز الأمن الإسرائيلي هو أنه “لا توجد طريقة لتغيير النظام في إيران بواسطة هجوم من الخارج. واحتمال حدوث انقلاب داخلي ضئيل. وآيات الله سيحكمون الدولة لسنوات طويلة. ولا خيار أمام إسرائيل سوى الاستثمار بالجهوزية”.
من جانبه، اعتبر رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، في مقابلة لموقع “واينت” الإلكتروني، نُشرت اليوم، أن “هجوما إسرائيليا مستقلا ضد المنشآت النووية، في حال اتجهت إيران إلى مسار يشكل خطرا على وجودنا، يجب أن يكون على الطاولة”.
وأضاف كوهين أن “اتفاقا جيدا بإمكانه أن يمنع إيران من تحقيق إنجازات باتجاه القنبلة. واتفاق سيء كالذي تم توقيعه في الماضي لا يمكنه أن يكون مثاليا. والخلاصة هي أننا ملزمون بأن نأخذ القدرات من إيران، لأننا لن نتمكن من أن نأخذ الدوافع منهم. والحلم والدافع الإيرانيان موجودان ولذلك هم يصرون بشكل بالغ على حيازة قدرات من أجل تطوير قدرات نووية، ونحن ملزمون بأخذ ذلك منهم”.
وقال كوهين، ردا على سؤال إذا كان يعتمد على الأميركيين في الموضوع النووي الإيراني، “إني أعتمد علينا بأن نطالب باتفاق جيد وآمل كثيرا أن الولايات المتحدة تدرك معنى اتفاقا ليس جيدا. فقد رأت في الفترة الأخيرة، وخاصة منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق، ماذا بإمكان إيران أن تفعل إذا قررت التوجه إلى مسارات سيئة بالنسبة لنا”.