تروج أوساط سياسية مصرية لما تصفه بأنه حراك إقليمي مكثف في إطار مساعي وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والعمل على صياغة رؤية تحظى بقبول كافة الأطراف الفلسطينية وظهير عربي للدفع بها بعد ذلك نحو الساحة الدولية لممارسة ضغوط على تل أبيب للتجاوب معها.
وزار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى القاهرة، مساء أمس الأربعاء، حيث بحث آخر ما تمّ التوصل إليه في أعقاب اللقاءات التي شهدتها العاصمة المصرية على مدار أسبوع مع وفود من حركتي المقاومة الفلسطينية، “حماس”، و”الجهاد”؛ وكذلك وفد إسرائيلي، بالإضافة إلى رئيس الاستخبارات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، الذي زار القاهرة أول من أمس الثلاثاء، في زيارة استمرت لعدة ساعات بعدما جاء محملّاً برسائل عدة من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بشأن الرؤى التي يتم نظرها في القاهرة.
القاهرة تبحث عن صيغ توافقية لمستقبل غزة
وبحسب مصدر مصري مطلع على تحركات القاهرة في هذا الصدد، تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن الإدارة الأميركية تدعم رؤية تتضمن ألا تكون حركة “حماس” هي المسيطر الرئيسي على إدارة غزة عقب انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع، مضيفاً أن المسؤولين في مصر خلال اتصالات جرت هذا الأسبوع، نقلوا أن أي حديث عن غياب كامل لـ”حماس” و”الجهاد الإسلامي” من المشهد عقب الحرب لن يكون واقعياً، وأنه من الأفضل البحث في صيغ توافقية تراعي التركيبة السياسية في القطاع.
الإدارة الأميركية تدعم رؤية تتضمن ألا تكون “حماس” هي المسيطر الرئيسي على إدارة غزة
واعتبر المصدر أن تصور غزة ما بعد الحرب يعدّ عائقاً رئيسياً حتى الآن في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، حيث تبدو الولايات المتحدة غير متحمسة لخيار إنهاء الحرب قبل التوافق على شكل إدارة غزة بما يضمن أمن إسرائيل وعدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال المصدر إن القاهرة تسعى لإعداد طرح لا يستبعد “حماس” من المشهد الغزاوي بعد انتهاء العدوان ويضمن وجوده كشريك وليس كفاعل رئيسي، مع العمل على وجود آليات واضحة تضمن الرقابة على أنشطتها في القطاع من جانب الإدارة التي ستتولى المسؤولية، سواء كانت حكومة تكنوقراط أو إدارة مدنية مؤقتة يتم تشكيلها عبر لجنة الفصائل.
وكشف المصدر أن ما يثار بشأن التصور المصري ليس الوحيد من جانب القاهرة، ولكن يمكن وصف ما يجري بأنها مناقشات حول أفكار وأطروحات متعددة على أمل الوصول إلى صيغة تحظى بقبول كافة الأطراف، لافتاً إلى أن ما يشار إليه بأنه مقترح مصري، تمّ إدخال تعديلات عليه خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من مرة في أعقاب التواصل مع أطراف الأزمة وباقي الوسطاء.
وأشار إلى أن القاهرة على اتصال وتنسيق دائمين مع الدوحة، كون العاصمتين هما جناحا إدارة جهود إنهاء الأزمة المتفاقمة.
تواصل بين السنوار وكامل
وكشف المصدر عن تواصل مكتوب جرى خلال الأيام القليلة الماضية بين رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في غزة يحيى السنوار، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة المصري، اللواء عباس كامل، تضمّن موقف قيادة “كتائب القسام” والقيادة الميدانية في القطاع بشأن الخطوط العريضة التي تقبل بها المقاومة ولا يمكن أن تتراجع عنها وتعبر عنها المكاتب السياسية للفصائل.
وأوضح المصدر أنه “على الرغم من أن رسالة السنوار لكامل لم تحمل جديداً عما نقله رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية خلال زيارته للقاهرة، إلا أن المسؤولين في مصر كانوا حريصين عليها لدعم موقفهم كوسيط يملك الاتصال الفعّال بكافة الأطراف ويمنح الموقف المصري دعماً أمام حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية”.