قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، “إن الكنيست الإسرائيلي قد تحول إلى منصة لتبييض الفساد والبؤر الاستيطانية، مشيرًا إلى مصادقته الأسبوع الماضي بالقراءة التمهيدية على عدة قوانين تمنح الأحزاب الفاشية في الحكومة القادمة صلاحيات غير مسبوقة في الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي اعتبر تطبيقًا لمخطط الضم”.
ومن هذه القوانين “قانون بن غفير” الذي يُمنح بموجبه عضو الكنيست المتطرف صلاحيات واسعة في عمل الشرطة وحرس الحدود، والتدخل بمناطق نفوذها وأساليب عملها، ويسمح القانون المذكور بنقل صلاحيات واسعة للشرطة في الضفة الغربية في خطوة هي الأولى من نوعها منذ الاحتلال عام 1967.
أما القانون الثاني الذي صودق عليه بالقراءة التمهيدية، فيمنح حزب “الصهيونية الدينية” بزعامة “بتسليئيل سموتريتش” صلاحيات واسعة على الأمن في الضفة الغربية، بعد استحداث منصب وزير في وزارة الجيش سيقتطع من صلاحيات وزير الجيش في الضفة الغربية. وسيكون الوزير في وزارة الجيش مسؤولًا عن الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة والبناء الفلسطيني هناك، بالإضافة لصلاحية المصادقة على شرعنة البؤر الاستيطانية ومصادرة الأراضي.
والقانونان غير مسبوقين في تاريخ الاحتلال منذ عام 1967، إذ كان الأمن في الضفة من صلاحيات وزير الجيش بشكل حصري ، بالإضافة إلى أن أساليب عمل شرطة الاحتلال ومناطق نفوذها كانت حكرًا على مفتش عام الشرطة ورئيس الحكومة.
في الوقت نفسه، وقع 35 عضواً من ائتلاف حزب “الليكود” بما في ذلك نتنياهو، على اقتراح بإلغاء قانون فك الارتباط، ما يسمح بحرية التنقل للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، كما يسمح إلغاء هذا القانون بتعزيز البناء الاستيطاني في شمال الضفة الغربية. ووفق وسائل إعلامية إسرائيلية، فإنه رغم عدم تشكيل الحكومة بعد، فقد طرح أعضاء الائتلاف المستقبلي في الكنيست، قانون الخمس سنوات وهدفه الأساسي هو العودة إلى الاستيطان في شمال الضفة الغربية. وقدم مشروع القانون كل من عضوي الكنيست يولي إدلشتاين من حزب “الليكود”، وأوريت ستروك من حزب “الصهيونية الدينية”، اللذين فشلا في تمرير القانون في دورة الكنيست السابقة، حيث وقع على مسودة القرار آنذاك 35 عضواً، بمن فيهم نتنياهو نفسه. وفي الماضي، جرت محاولات لإلغاء قانون الانفصال إلا أن القانون بصياغته الجديدة يأتي ضمن الاتفاق الائتلافي بين “الليكود” و”الصهيونية الدينية”.
التوقعات تشير إلى تطورات خطيرة محتملة على صعيد النشاطات الاستيطانية والبناء في المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، فعلى أرضية نتائج انتخابات الكنيست الخامس والعشرين ارتفع عدد النواب المستوطنين في الكنيست الإسرائيلي خلال الانتخابات العامة التي جرت في الأول من تشرين الثاني الماضي.
وأصبح عدد النواب المستوطنين الذين انتخبوا في قوائم الأحزاب المختلفة، بينها “الليكود”، 14 عضواً ، أي ما يوازي 12% من مجمل أعضاء الكنيست البالغ حسب القانون 120 عضواً. نسبة المستوطنين هذه في الكنيست تصل إلى ضعفي نسبة المستوطنين من مجمل السكان في دولة الاحتلال والتي لا تتجاوز 5% وفقاً لمعطيات دائرة الإحصائيات الرسمية الإسرائيلية من العام 2021. ويقيم عدد من المرشحين للمشاركة في ائتلاف نتنياهو الحكومي القادم، في هذه المستوطنات.
وعلى صعيد النشاطات الاستيطانية، ما زالت مدينة القدس في بؤرة تركيز سلطات الاحتلال. المخططات والمشاريع الاستيطانية تعصف بمدينة القدس المحتلة. ومع اقتراب انتهاء العام 2022، تكثف سلطات الاحتلال هجمتها على القدس المحتلة بإقرارها مزيدا من مخططات الاستيطان تمهيدًا لتنفيذها خلال العام المقبل، خاصة في ظل الحكومة اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، حيث تعِد بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم”، ووزارة البناء والإسكان الإسرائيلية خطة لتعبيد شارع استيطاني جديد يبدأ من مفترق طرق مستوطنة “ميشور أدوميم” شرقي القدس، والمنطقة الصناعية في قرية الخان الأحمر، ليمر عبر بلدة حزما ومستوطنة “موديعين”، وصولًا إلى تجمع “غوش دان” داخل الخط الأخضر.
الشارع الجديد يهدف إلى ربط الأراضي المحتلة عام 1948 مع الأراضي المحتلة عام 1967، وشطب ما يسمى بـ”الخط الأخضر” الفاصل بينهما، فقد التقى رئيس بلدية “معاليه أدوميم” بني كسرائيل، الأسبوع الماضي مع إدارة وزارة البناء والإسكان، وشرعا بالإعداد لتعبيد الشارع الجديد، الذي من شأنه أن يربط بين “ميشور أدوميم” شرق القدس، وشارع “432”، ومن ثم مستوطنة “موديعين”، الواقعة على الطريق الواصل بين القدس وتل أبيب، وتجمع “غوش دان”، دون الحاجة للدخول إلى وسط مدينة القدس.
ويبلغ طول الشارع الاستيطاني 75 كيلو متر، وسيقضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في المناطق المستهدفة، وخاصة في منطقة (E1) شرقي القدس، بالإضافة إلى حزما وعناتا والعيسوية في مرحلة أخرى. جدير بالذكر أن سلطات الاحتلال وضعت يدها على عشرات الدونمات من الأراضي، تمهيدًا لتنفيذ المشروع خلال العام المقبل، وخصصت أيضًا 120 مليون شيكل لتنفيذه. ومن شأن تنفيذ المشروع، طرد وتهجير تجمعات فلسطينية بدوية شرقي القدس.
في الوقت نفسه، قررت لجنة التخطيط والبناء اللوائية الإسرائيلية إيداع خطط لبناء 1250 وحدة استيطانية في مستوطنة “غيلو”، جنوب مدينة القدس الشرقية المحتلة، حيث تقرر إيداع خطة لبناء خمسة أبراج من 25-35 طابقا إلى جانب بناء يصل إلى 9 طوابق، ليصبح المجموع 750 وحدة سكنية، بدلا من 178 وحدة سكنية في 6 مبان سكنية، وتنص الخطة على أنه من بين جميع الشقق، سيتم تخصيص حوالي 150 شقة ضمن الشقق الصغيرة. كما تقترح الخطة تحسين المساحة العامة وتخصيص مساحة لصالح الجمع بين مناطق السكن والأنشطة المتنوعة لصالح سكان الحي.
كما تمت أيضا الموافقة على خطة للإيداع تشمل 500 وحدة سكنية، والتي سيتم بناؤها في ثلاثة أبراج من 20-30 طابقا إلى جانب البناء السفلي حتى 12 طابقا. وتقترح الخطة تحسين المساحة العامة، وهي منطقة عامة مفتوحة تبلغ مساحتها حوالي 12 دونما تضم متنزها وملاعب وساحة حضرية واسعة. وبالإضافة إلى ذلك تخصص الخطة مناطق للمؤسسات العامة ، بما في ذلك معبدان يهوديان وثلاثة فصول للرعاية النهارية وأربع رياض أطفال.
كما تم الكشف عن عطاءات لبناء 1380 وحدة استيطانية في 4 مستوطنات بالقدس الشرقية، وهي: “بسغات زئيف”، و”أرمون هنتسيف”، و”التلة الفرنسية”، و”تلبيوت الشرقية”. حيث فازت شركة “دان” العقارية الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة بعطاءات لبناء 600 وحدة استيطانية في مستوطنة “بسغات زئيف”، على أراضي بيت حنينا شمال القدس الشرقية، و240 وحدة استيطانية في مستوطنة “أرمون هنتسيف” على أراضي جبل المكبر، و380 وحدة استيطانية في مستوطنة “التلة الفرنسية”، و160 وحدة استيطانية في مستوطنة “تلبيوت الشرقية”. في وقت صادقت فيه لجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي على تحويل 50 مليون شيكل لتنفيذ أعمال استيطانية ما بين القدس المحتلة ورام الله، والمبلغ المخصص لتجديد وتطوير طريق 437 الاستيطاني من عند حاجز حزما وحتى مستوطنات رام الله.
وفي محافظة قلقيليه، أخطرت سلطات الاحتلال مجلس قروي جينصافوط، بقرارها الاستيلاء على على نحو 400 دونمًا، وتحويل ملكيتها لما يسمى “أراضي دولة”، وهي تقع في مناطق “القرنة، وخلة دجة، وجبل السريج ، وخلة البلاع ، وراس بشير ، والعاروض ، وواد الخانق من أراضي القرية ووزعت سلطات الاحتلال إعلانا موقعاً باسم “يوسي سجال” المسؤول عما يسمى بأملاك الحكومة الإسرائيلية في الضفة، يقضي بسلب الأراضي التي أوضحها في خرائط مرفقة بالإعلان العسكري.
وسبق أن أصدر جيش الاحتلال أوامر مماثلة للسطو على مساحات من أراضي المواطنين في جينصافوط، كما جرفت آليات إسرائيلية أكثر من 100 دونم لصالح توسيع مستوطنة “عمانوئيل” الجاثمة على أراضي القرية.
كما شرعت سلطات الاحتلال مؤخرا بتوسيع مفترق”جينصافوط– الفندق”، الواقع على شارع قلقيلية– نابلس، على حساب أراضي المواطنين التي سيتم الاستيلاء عليها. وتأتي هذه الأعمال تلبية لمطالب المستوطنين من خلال إنشاء جزر السير الفاصلة التي تؤمن ذهابهم وإيابهم من وإلى مستوطناتهم الجاثمة على أراضي المواطنين، إضافة إلى وضع كاميرات مراقبة عالية الدقة بالمنطقة.وهذا المشروع الاستيطاني هو جزء من مخطط ضخم يتضمن شق شارع استيطاني بطول (2) كم في أراضي بلدة جينصافوط ، لصالح مستوطنة “عمانويل” والمستوطنات المجاورة، وبموجبه سيتم الاستيلاء على نحو (1000) دونم مع نهاية تنفيذه.
وفي محافظة جنين، يستعد المستوطنون للعودة الى تلك المستوطنات، التي اخلاها شارون عام 2005 في اطار خطته للانفصال عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، حيث قدمت أحزاب اليمين التي تسعى لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، برئاسة بنيامين نتنياهو، مشروع قانون يهدف إلى إعادة إقامة مستوطنة “حوميش” في شمال الضفة الغربية، التي جرى إخلاؤها في إطار خطة الانفصال عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية في العام 2005.
وبادر إلى هذا القانون عضوا الكنيست يولي إدلشتاين، من حزب الليكود، وأوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية، ووقع عليه 35 عضو كنيست من أحزاب الائتلاف المقبل، بينهم نتنياهو نفسه. ويسعى مشروع القانون إلى “السماح بتواجد المستوطنين والتحرك بحرية” في المنطقة التي كانت المستوطنة مقامة فيها، والسماح لاحقا بإعادة تخطيط وبناء المستوطنات التي اقتلعت في إطار خطة الانفصال. وكان المستوطنون قد أقاموا بؤرة استيطانية عشوائية في موقع هذه المستوطنة، تشمل معهدا دينيا، التي أقيمت في الماضي على أراضي بلدتي برقة وسيلة الظهر . وكانت حكومة لابيد قد رفضت تحديد موعد لإخلاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية حيث اخطرت في شهر آب الماضي المحكمة الإسرائيلية العليا بأنها لا تعتزم إخلاء البؤرة الاستيطانية “حومش”.
وفي الأغوار الشمالية، يتعرض المزارعون الفلسطينيون لسلسلة من الاستفزازات والمضايقات بهدف دفعهم للتخلي عن حقهم في استثمار اراضيهم وهجرتها. فقد أخطرت سلطات الاحتلال بوقف العمل في بيت زراعي لمزرعة موز بمساحة 60 دونما بالإضافة إلى إخطار بوقف العمل في خط مياه زراعي بقطر 6 إنشات وطول 1.5 كيلو متر يغذي ما يزيد 1300 دونم من الأراضي الزراعية في منطقة الرأس الأحمر، وبوقف العمل في بيت زراعي لمزرعة موز بمساحة 30 دونما وخط مياه بطول 1.5 كيلو متر يغذي 180 دونما وفي بركس زراعي بمساحة 40 مترا مربعا، وبوقف العمل في طريق زراعية بطول كيلومترين تصل إلى الأراضي الزراعيه في الرأس الأحمر. كما شملت إخطارات وقف العمل التي وزعها الاحتلال مساكن ومنشآت للمواطنين في عاطوف والرأس الأحمر.
وكانت قوات الاحتلال قد أخطرت بوقف العمل في طريق زراعية إلى الشرق من قرية عاطوف، في وقت شرع فيه مستوطنون، بتجريف أراض، وإقامة بركسات لتربية الماشية، في المنطقة جنوب خربة موفيه، مقدمة لبناء بؤرة استيطانية جديدة في الاغوار.
ويلفت الانتباه استحداث الاحتلال جهاز رقابة على المواطنين الفلسطينيين من نوع يظهر مدى عنصرية الاحتلال، وهو جهاز لسلب أراضي الفلسطينيين برعاية دولة الأبرتهايد وتنفيذ من المستوطنين. وهو جهاز أقامته الإدارة المدنية في تشرين الثاني 2022 بهدف إحباط البناء الفلسطيني في معظم الأراضي المحتلة الواقعة تحت السيطرة الادارية والامنية لجيش الاحتلال. هذا الجهاز الذي يطلق عليه صفة “الواشي” هو عبارة عن منصة محوسبة للإدارة المدنية، تتضمن استبانة إلكترونية حول اشتباه بانتهاك قانون التخطيط والبناء يسمح للمستوطنين بالتبليغ عن أي عمل فلسطيني لا يروق لهم.