عمل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على تشكيل قناة تواصل سرية مع البيت الأبيض، بهدف استئناف محادثات التطبيع المحتمل مع السعودية، التي كانت قد توقفت على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
جاء ذلك بحسب ما أوردت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الإثنين. علما بأن وكالة “فرانس برس” كانت قد نقلت عن مصدر مقرب من السلطات في السعودية أن “المملكة أبلغت المسؤولين الأميركيين أنها قررت تعليق المحادثات حول التطبيع”.
وأفادت القناة 12 بأن الشخص الذي يقود هذه الجهود من طرف نتنياهو هو وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، الذي ناقش هذا الأمر مطولاً في الاجتماعات التي عقدها مؤخرا في البيت الأبيض مع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان.
وأفادت القناة بأن الموساد شريكا في هذه المحادثات، مشيرة إلى أن الاتصالات لم تتم بواسطة كابينيت الحرب الإسرائيلي وكذلك الكابينيت الموسع للشؤون الأمنية والسياسية، موضحة أنه لم يتم إطلاع جميع الوزراء على هذه الاتصالات.
وحرصت تل أبيب على تمرير رسائل لواشنطن تفيد بأن “إسرائيل لن تتخذ خطوات تتعارض مع رؤية الولايات المتحدة، وأن إسرائيل ستكون أيضا مستعدة للعودة إلى النقاش حول التغييرات التي تطالب بها السعودية في الشأن الفلسطيني”.
واعتبرت القناة أن الجانب السعودي لا يزال مهتما بشكل كبير بالدفع نحو إبرام معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة، وكذلك الدفع نحو إبرام صفقات أسلحة كبيرة كان من المقرر أن تكون جزءًا من الاتفاقية، ما قد يجلب الرياض إلى طاولة المحادثات.
وبحسب القناة، فإن واشنطن تعتبر أن التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل بات أكثر أهمية في أعقاب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومن شأنه منع المزيد من التصعيد في المنطقة، أو اتساع الحرب على غزة لحرب الإقليمية.
ومن وجهة النظر الأميركية، ذكر التقرير أن اتفاقا محتملا مع السعودية يمكن أن يؤدي لإنهاء الحرب وتسخير الرياض في جهود إعادة إعمار غزة، وقد يشكل إنجازا سياسيا للرئيس الأميركي، جو بادين، في معركته لإعادة انتخابه رئيسا.
ويعتبر نتنياهو، وفقا للتقرير، أن تطبيعا مع السعودية، قد يشكل “صورة نصر” وقد يوفر له قيمة سياسية في إطار جهوده لإنقاذ مستقبله السياسي في أعقاب الحرب، ويمكن أن يدفع رئيس “المعسكر الوطني”، بيني غانتس، للبقاء في الحكومة.
وذكر التقرير أن المسؤولين في البيت الأبيض يتحدثون عن “نافذة فرص مدتها شهرين أو ثلاثة أشهر على أكثر تقدير، أي حتى نيسان/ أبريل المقبل تقريبا، بسبب الانتخابات في الولايات المتحدة.
في المقابل، نفى مسؤول إسرائيلي تحدث للقناة 12، أن يكون المسؤولين في واشنطن قد وضعوا جدولا زمنيا أمام إسرائيل أو أمهلوها حتى موعد نهائي محدد.
رغم ذلك، اعتبر التقرير أن إعلانا إسرائيليا عن الانتقال لمرحلة تالية في الحرب على غزة يمكن تفسيره في الرياض على أنه “عربون” من الجانب الإسرائيلي يؤكد على جديتها في محادثات التطبيع.
وذكرت القناة أن هذه المسألة ستكون في قلب المحادثات التي سيجريها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي وصل الليلة إلى تل أبيب، محملا بـ”قائمة من المطالب التي تتوافق مع الهدف النهائي المتمثل في منع تصعيد إقليمي”.
ومن ضمن المطالب الأميركية التي سيناقشها بلينكن مع المسؤولين في تل أبيب “مواصلة المحادثات الدبلوماسية لمنع تصعيد الجبهة الشمالية (مع حزب الله) وإدخال المزيد من المساعدات لغزة، والسماح بعودة نازحين غزيين إلى منازلهم”.
كما سيحاول وزير الخارجية الأميركية، وصل إلى إسرائيل قادما من السعودية، حيث أجرى محادثات مع ولي العهد، محمد بن سلمان، “الضغط على نتنياهو للسيطرة على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، لتحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى السلطة”.
وأكد بلينكن أنه ناقش في السعودية، الإثنين، مسألة التطبيع مع إسرائيل وتنسيق الجهود لمرحلة ما بعد الحرب على غزة، قبل توجهه إلى إسرائيل، في إطار جولته المكثفة في المنطقة سعيُا إلى تجنّب تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي.
وقال بليكن قبيل صعوده إلى الطائرة للتوجّه إلى إسرائيل، إنه في ما يتعلّق بالتطبيع “تحدثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية”.
وأضاف “هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك… لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة… وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين”.
وقال بلينكن “لا أحد تحدثتُ معه يظنّ أن أيًا من هذا سيكون سهلاً… لكننا توافقنا على العمل معًا وتنسيق جهودنا لمساعدة غزة في تحقيق الاستقرار والتعافي، ورسم مسار سياسي للمضي قدمًا من أجل الفلسطينيين، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار على المدى الطويل”.