تعمل ماكينة الدعابية الإسرائيليّة على مدار الساعة بهدف شرعنة العدوان الهمجيّ على لبنان، حيث زعمت اليوم الثلاثاء مصادر أمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب أنّ التصعيد سيستمِّر حتى “يقتنِع” الأمين العّام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، بعدم استطاعته تحمّل هذا الكمّ من الشهداء، 492 شهيدًا حتى كتابة هذه السطور، بالإضافة إلى تدمير المنصّات الصاروخيّة التابعة للحزب في الجنوب وفي البقاع.
وفي هذا السياق، نقل محلل الشؤون الخارجية في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أمير تيفون، عن مصادر أمنيّةٍ وصفها بالمطلعة جدًا، أنّ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وبعد فشلها في منع التصعيد في الجبهة الشماليّة، تعمل بوتيرةٍ عاليةٍ لمنع إسرائيل من اجتياح جنوب لبنان بريًا، على حدّ قولها، ولكن في الوقت عينه شدّدّ المُحلِّل المُتواجد بأمريكا، على أنّ واشنطن غيرُ مكترثةٍ وليست مُباليةٍ بما يجري في الجبهة الشماليّة لانشغالها في الانتخابات الرئاسيّة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، طبقًا لأقواله.
واستدركت المصادر عينها قائلةً إنّ واشنطن تؤيّد الهجمات الجويّة التي نفذّها سلاح الجوّ الإسرائيليّ في العمق اللبنانيّ، ولكن في المُقابل تُعارِض قيام جيش الاحتلال باجتياحٍ بريٍّ لبلاد الأرز، لأنّ من شأنْ ذلك أنْ يُحوِّل الحرب لحربٍ إقليميّةٍ، كما أنّ الإدارة الأمريكيّة، أكّدت المصادر، تعمل للحؤول دون تدّخل إيران في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله.
على صلةٍ بما سلف، أوضحت المصادر السياسيّة في تل أبيب أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الذي كان من المُقرر أنْ يصِل إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماع السنويّ للمنظمة، قد يُلغي زيارته بسبب التصعيد الحاصل في الشمال، وغنيٌّ عن القول إنّ دولة الاحتلال تعود وتُكرر دون توقفٍ أنّها ليست معنيةً بحربٍ شاملةٍ مع حزب الله، تمامًا مثلما أنّ حزب الله ليس معنيًا بالخوض في مواجهةٍ شاملةٍ مع إسرائيل.
على الصعيد الميدانيّ، أكّدت المصادر الأمنيّة في دولة الاحتلال أنّه خلال الليلة الماضية قام حزب الله بإطلاق 20 صاروخًا باتجاه قاعدة (رمات دافيد) بالقرب من مدينة (مغدال هعيميق)، والذي يبعد عن الحدود مع لبنان أكثر من خمسين كليومترًا، ولم تتطرّق وسائل الإعلام العبريّة إلى الأضرار التي سببتها صواريخ حزب الله للمطار العسكريّ، الذي كان قد أعلن خلال زيارته له، يوم الخميس الماضي، وزير الأمن يوآف غالانط، بأنّ قواعد اللعبة مع حزب الله ستتغيَّر، على حدّ تعبيره.
وأشار موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنيت (YNET) إلى أنّ مطار (رمات دافيد)، كان قد تعرّض أيضًا لقصفٍ صاروخيٍّ من قبل حزب الله، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الطائرة المُسيّرة (هدهد)، التي كان أرسلها حزب الله إلى داخل العمق الإسرائيليّ صورّت ووثقّت المطار المذكور، والذي يُستخدم لطائراتٍ حربيّةٍ من طراز (إف15).
إلى ذلك، قال الخبير العسكريّ الإسرائيليّ رون بن يشاي، في مقالٍ بصحيفة (يديعوت أحرونوت) إنّ دولة الاحتلال تُواجه معضلة ومأزق فيما يتعلّق بالصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله، مرجحًا أنّ هناك سياسة عليا تمنع استخدام هذه الصواريخ، وأنّ الحزب يمتنع حتى اللحظة من قصف مناطق إلى الجنوب من حيفا وطبريّا، لافتًا إلى أنّ مرّد ذلك يعود إلى التأثير الإيرانيّ، التي تأمل في أنْ يلجِم جيش الاحتلال نفسه، ولا يقوم باستخدام الصواريخ الثقيلة والدقيقة، على حدّ قول المصادر التي اعتمد عليها.
“من ناحيته قال الجنرال بالاحتياط إسحاق بريك في حديثٍ إذاعيٍّ إنّه “قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو مواصلة القتال في غزة، وإذا استمرت حرب الاستنزاف هذه لعام آخر هناك أرجحية عالية في انهيار إسرائيل في كل المجالات”.
وأضاف: حادثة تفجير (البيجرات) عزّزت اليقين باستمرار حرب الاستنزاف، هذه مع خطرٍ حقيقيٍّ من حربٍ إقليميّةٍ متعدّدة الساحات يمكن أنْ تشارك فيها إيران أيضًا، وهي عملية من شأنها تسريع تدهور إسرائيل”، على حدّ قوله.
الجنرال بريك وجّه انتقادات لنتنياهو مجدّدًا، فقال “جلستُ معه ستّ مراتٍ، نتنياهو اليوم لا يعمل وفق منطق، بل برغبة في البقاء بأيّ ثمنٍ، إنّه يواصل حربًا ليس بمقدور إسرائيل الانتصار فيها على العالم العربيّ”.
وخلُص إلى القول: “كان ينبغي عليه أنْ يتخذ قرارًا بوقف القتال العقيم الذي نخسر فيه ضدّ حركة (حماس) وألّا يقرر القتال ضد العالم العربي بأكمله، إسرائيل ليست قادرةً على الصمود لفترةٍ طويلةٍ من دون العالم الغربيّ الذي يبتعد عنّا”، طبقًا لأقواله.