قال السفير الإسرائيليّ المتقاعد مايكل هراري من معهد (ميتفيم الاسرائيليّ) إنّ أهمية الوضع في سوريّة بالنسبة للأمن القوميّ التركيّ أمرٌ مفهومٌ، فهي دولة مجاورة تشترك معها في حدودٍ طويلةٍ، وتاريخ معقّد، كما تتقاسم معها أقلية كردية، وهو ما يُنظر إليه على أنّه تهديد”.
وتابع: “بينما حاولت أنقرة العام الماضي تطبيع علاقاتها مع نظام الرئيس السابق بشار الأسد، بعد أنْ بدا أنّه ثبت موقعه، على أمل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ “تركيا حافظت على دعمها للمتمردين في سوريّة والعناصر الأخرى التي رعتها خلال سنوات الحرب، كورقةٍ مساومةٍ ضدّ النظام ومواصلة الضغط على الأكراد”.
وأردف السفير الصهيونيّ: “لقد فاجأ الانهيار السريع لنظام الأسد المتمردين، وكذلك تركيّا، ومع ذلك، في اليوم التالي، كانت أنقرة في وضعٍ مريحٍ تجاه الإدارة الجديدة في دمشق”، ورأى أنّه يتم تصوير تركيا الآن على أنّها قادرة على التأثير على صورة النظام في سوريّة، بما يساعد في حماية مصالحها وتعزيز موقعها الإقليميّ، بينما وزير الخارجية التركيّ فيدان ذهب إلى دمشق للقاء أحمد الشرع (الجولاني)، وكان من الصعب إخفاء الحميمية بين الاثنين”، طبقًا لأقواله.
ولفت هراري إلى أنّ “الوضع الجديد يُعيد تركيا إلى الطاولة الإقليميّة التي غابت عنها عمليًا منذ 7 تشرين الأول 2023، فسقوط الأسد، و”إضعاف إيران وحزب الله والتطبيع المبكر لعلاقات تركيا مع دول الخليج ومع مصر، يُعيد “الاحمرار الطفيف” إلى خدود أردوغان، ومن ناحية أخرى، يطرح سؤال حول قدرة سورية على تشكيل إجماعٍ داخليٍّ واسعٍ بعد سنوات الحرب الطويلة، وبالطبع تطرح القضية الكردية”.
علاوة على ما ذُكِر آنفًا، أكّد هراري أنّ المشاركة التركيّة المفرطة في عملية تعزيز الحكومة يمكن أنْ تثير معارضة واسعة النطاق من السكان في سورية، وفي السياق الكرديّ، تبدو الصورة صعبةً للغاية، بينما تشعر أنقرة بأنّها قامت بتحسين وسائل الضغط على المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتيّ شمال شرق سورية، لكن ليس من الواضح ما إذا كان سيتّم الاستفادة من هذه الإجراءات وكيف سيتم ذلك، بالنظر إلى سياسات الإدارة الجديدة في واشنطن، وسياسات إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى”، على حدّ تعبيره.
وفيما يتعلق بإسرائيل، قال هراري إنّ “قضيتيْن رئيسيتيْن تبرزان في السياق التركيّ، أحدهما على المستوى الثنائيّ، فانهيار نظام الأسد يخلق مصلحة مشتركة لإسرائيل وتركيّا، والسؤال هو ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى مصلحةٍ مشتركةٍ؟”، مضيفًا: “المسألة الثانية تتعلّق بالأكراد ولإسرائيل تاريخ طويل في دعم الأكراد في المنطقة، ومن المرجّح أنّ لها مصلحة مفهومة ومبررة في استمرار الوجود العسكري الأمريكيّ في سوريّة”.
وشدّدّ على أنّ السياسة الإسرائيليّة التي يمكن تفسيرها على أنّها تميل أكثر من اللازم إلى الجانب الكرديّ ستُثير تفكيرًا تركيًا شديد اليقظة والعدائية تجاه تل أبيب، وفي الوقت نفسه، كان هناك بالفعل تبادل كلام ساخن بين الجانبين”، وذكر أنّ أنقرة كانت قد أدانت تصرفات إسرائيل في سورية، وردت تل أبيب ببيانٍ رسميٍّ رفضت فيه الاتهامات التركيّة، ووصفت النشاط التركيّ في شمال سورية بالعدوانيّ، وختمت بالتوضيح: “لا يوجد أيّ مبررٍ لاستمرار العدوان التركيّ على الأكراد في سوريّة”.
وخلص الى أنّه “من المرجح أنْ يستمر التوتر الخطابيّ في المستقبل القريب، ولكن سيتعيّن على الطرفين إيجاد طريقةٍ لإجراء حوارٍ جادٍ، والذي سيبحث ما إذا كان من الممكن وكيف يمكن التعاون بطريقة تخدم المصالح المشتركة بينهما في سوريّة”، طبقًا لأقواله.
في سياقٍ ذي صلةٍ، رأى الأكاديميّ والباحث الإسرائيلي مائير بن شاحر، في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، رأى أنّ “السياق الآخر لما حصل في سوريّة هو خشية إسرائيل من تأثيره على تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط في غضون سنواتٍ قليلةٍ قادمةٍ، ممّا يجعل دورة التاريخ تُعيد نفسها من جديد، كما حصل قبل أكثر من نصف قرن من الزمن، حين نجحت ثورة الضباط الأحرار المصرية 1952، وتولّي جمال عبد الناصر للسلطة، وتسببه بإدخال الشرق الأوسط في سباق تسلّح، وأنشأ المحور العربيّ ضدّ إسرائيل”.
واختتم قائلاً: “حاول عاهل الأردن الملك عبد الله الجدّ إجراء محادثاتٍ متقدمةٍ لتحقيق السلام مع إسرائيل، حتى اغتاله شابٌ فلسطينيٌّ في المسجد الأقصى في 1951، حتى جلب حفيده الملك الحسين السلام معها متأخرًا بأكثر من أربعين عامًا، أيْ اتفاقية السلام المعروفة باتفاق وادي عربة”، كما قال.
أمّا المُستشرق د. تسفي بارئيل، مُحلِّل الشؤون العربيّة في (هآرتس) العبريّة، فقال إنّ تحوّل سوريّة لدولةٍ تقع الوصابة التركيّة من شأنه أنْ يحّدّ من حرية العمل الإسرائيليّ، علمًا أنّه في الخلفية توجد المشكلة الكرديّة، حيث ستعمل تركيّا على “احتلال” المواقع التي كانت تقع سيطرة كلٍّ من إيران وروسيا، وبالتالي، ختم، فإنّه إذا تحققت هذه الأمور ستجِد دولة الاحتلال نفسها مُجبرةً على التوصّل لتفاهماتٍ واتفاقياتٍ مع أنقرة في جبهاتٍ أخرى، على حدّ قوله.
تل ابيب قلقة من قلب الأنظمة العربيّة والعودة لعهد عبد الناصر..سفيرٌ إسرائيليٌّ: مصلحةٌ مشتركةٌ لتركيّا والكيان بسوريّة..
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0