توثيق 838 حالة تعذيب بحق الأطفال أثناء اعتقالهم

أكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إساءة معاملة وتعذيب الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم بطريقة ممنهجة وواسعة النطاق.

ووثقت “الحركة العالمية” حالة الطفل مجد رضوان (14 عاما) من بلدة عزون بمحافظة قلقيلية، الذي تعرض للتعذيب وإساءة المعاملة من جنود الاحتلال، خلال اعتقاله في التاسع والعشرين من شهر نيسان الماضي.

وقال الطفل مجد في إفادته، إن جنود الاحتلال اعتقلوه أثناء وجوده في الحي الغربي بالبلدة مع مجموعة من أصدقائه، بعد أن طاردتهم مركبتان عسكريتان لمسافة قصيرة، نجح خلالها أصدقاؤه في الفرار، بينما اضطر هو إلى التوقف، خوفا من أن يتعرض للدعس.

وتابع: “فور توقفي ترجل حوالي 10 جنود من داخل المركبتين العسكريتين، وصوبوا أسلحتهم نحوي، ثم تقدم أحدهم وركلني بقدمه (بسطاره) على وجهي فسقطت أرضا، وواصل الاعتداء علي بالضرب المبرح لحوالي 30 دقيقة متواصلة، كان يضربني بعقب بندقيته ويديه وقدميه، وكنت أصرخ وأبكي من شدة الخوف والألم، بعدها قام بتكبيل يدي بوساطة مربط بلاستيكي واحد إلى الخلف وتعصيب عيني، ثم دفعني إلى داخل أحد الجيبات العسكرية وأجلسني على أرضيته”.

وأضاف: “داخل الجيب جدد جنديان الاعتداء علي بالضرب المبرح على أنحاء جسدي كافة، وأحدهما وضع مقدمة (بسطاره) العسكري في فمي، بالتزامن مع الدعس على صدري بقدمه الأخرى، وكنت أصرخ وأبكي من شدة الألم والخوف، وشعرت بأنني سأختنق، وقد استمر الاعتداء علي داخل الجيب حوالي 10 دقائق”.

واقتاد جنود الاحتلال الطفل مجد إلى النقطة العسكرية المقامة عند مدخل عزون الشمالي، حسبما أفاد للحركة العالمية.

وتابع: “أخرجني أحد الجنود من داخل الجيب وأرغمني على الوقوف دون السماح لي بأن أحرك جسدي مطلقا، بعدها ضربني بعقب بندقيته على صدري ورأسي وخاصرتي وسط شتمي بأقذر الشتائم، وكنت أتوسل إليه لكي يتوقف عن ضربي، لكن بلا جدوى، بعدها وضع يديه على عنقي وضغط بكل قوة وقال لي باللغة العربية (بدي أقتلك خنق)، وقد شعرت بدوار شديد جراء ذلك قبل أن أفقد الوعي”.

وأردف الطفل مجد: “استعدت وعيي في حوالي الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم، فوجدت نفسي ملقى عند باب غرفة وكنت لا أزال مكبل اليدين ومعصوب العينين، وسمعت نباح كلب ومواء قط بجانبي، فبدأت أصرخ من شدة الخوف، وفي تلك اللحظات قال لي أحد الجنود باللغة العربية (بدي أخلي الكلب يوكلك)، فبكيت وتوسلت كثيرا لكنه كان يسخر مني ويتهكم، وبالفعل اقترب الكلب والقط مني، فشعرت بجسد الكلب يلامسني وهو يصدر صوتا مخيفا، وكان الجندي يتحكم به فكلما اقترب كثيرا مني سحبه الجندي قليلا، في حين تسبب لي القط بعدة جروح في وجهي ومختلف أنحاء جسدي، وقد استمر ذلك حتى حوالي الساعة الثانية من فجر اليوم التالي”.

أبعد الجندي الكلب والقط عن الطفل مجد، وعاد إليه وضربه بوساطة قدميه على صدره ورأسه، وقام بضرب رأسه بأحد الجدران عدة مرات، حسب ما جاء في الإفادة.

“كنت منهارا ولم أعد أقوى على البكاء أو الصراخ، وشعرت بالعطش الشديد فأخبرت الجندي بذلك لكنه تجاهل طلبي، وطلب مني التزام الصمت، بعدها تم سحبي ودفعي إلى داخل جيب عسكري، وهناك تكرر الاعتداء علي، وقال لي أحد الجنود باللغة العربية (بدي أكسر إيديك ورجليك) قبل أن يضربني بقوة على يدي وقدمي”، قال الطفل مجد.

اقتاد جنود الاحتلال الطفل مجد إلى مركز للشرطة في مستعمرة “عمانوئيل” (المقامة على أراضي محافظتي سلفيت وقلقيلية)، وهناك وضعوه في ساحة، وطلبوا منه البقاء واقفا، وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف من فجر اليوم نفسه اقتادوه إلى التحقيق الذي استمر حوالي ساعتين وسط تعرضه للضرب والصراخ من المحقق، وفق إفادته.

وأضاف الطفل: “بعد انتهاء التحقيق معي تمت إعادة تكبيل يدي بوساطة مربط بلاستيكي واحد للخلف وتعصيب عيني، ووضعني الجنود داخل مركبة وقالوا سنأخذك إلى مستعمرة “أرئيل” (المقامة على أراضي محافظة سلفيت)، وهناك وضعوني في ساحة، وقام أحدهم برشي بالمياه حتى ابتلت ملابسي، بعدها قام بالبصق علي، وفي حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا فكوا العصبة عن عيني وقال لي أحدهم إنه سيتم نقلي إلى سجن مجدو، وخلال الطريق تعرضت للضرب والاعتداء والشتم، وكان الجنود يصورون فيديوهات لي بوساطة هواتفهم المحمولة خلال اعتدائهم علي. كنت أبكي”.

وبعد وصول الطفل مجد إلى سجن “مجدو” الساعة التاسعة والنصف صباحا، وضعه الجنود في ساحة لمدة ساعة تقريبا، ومن ثم نقلوه إلى سجن “عوفر” (المقام على أراضي بيتونيا غرب رام الله)، وهناك أخبروه بأنه لا مُتسع له، فأعادوه إلى مستعمرة “أرئيل” ووضعوه في ساحة وسط أجواء حارة بعد إعادة تعصيب عينيه، لمدة ساعتين تقريبا.

“كنت أشعر بالدوار والإرهاق جراء حرماني من الطعام والماء أو استخدام المرحاض طيلة فترة احتجازي، وبعد مرور ساعتين تم سحبي إلى داخل مركبة، وبعد حوالي 10 دقائق من السير توقفت المركبة، وفك أحد الجنود المربط البلاستيكي عن يدي والعصبة عن عيني، ودفعني خارج المركبة، فنظرت من حولي فأدركت أنني عند مفترق قرية حارس القريب من مستعمرة “أرئيل”، قال الطفل مجد.

وتابع: “لم أقو على الحركة أو الوقوف وبقيت على الأرض إلى أن توقفت مركبة فلسطينية بجانبي، ونقلني سائقها إلى بلدتي عزون بعدما أخبرته بما حصل معي، وهناك تم نقلي إلى مستشفى عزون الحكومي حيث تلقيت العلاج والإسعافات الأولية، قبل أن أعود إلى المنزل”.

وخلال الفترة التي تمتد بين الأول من كانون الثاني/ يناير 2016 والحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر 2023، وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال 838 حالة تعذيب لأطفال فلسطينيين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وحذرت “الحركة العالمية” من أن استمرار سياسة الإفلات من العقاب وعدم المساءلة التي يتمتع بها جنود الاحتلال، وعلمهم المسبق بأنهم لن يحاسبوا على أفعالهم مهما كانت، تشجعهم على المضي في انتهاكاتهم وتصعيدها، الأمر الذي يشكل خطرا على حياة المدنيين الفلسطينيين، خاصة الأطفال.

إن الحظر الشامل والمطلق ضد التعذيب المكرس في القانون الدولي يعني أنه لا يجوز إخضاع أي طفل أو بالغ للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.