06:17 م
الثلاثاء 07 يناير 2025
كتبت- سلمى سمير:
شهد الجنوب اللبناني في الأيام الأخيرة توغلات وضربات إسرائيلية متفرقة مع استمرار تواجد جنود الاحتلال في الجنوب اللبناني، وسط رفض متصاعد في تل أبيب لأي انسحاب أو وقف للعدوان، ما يثير المخاوف من انهيار اتفاق التهدئة مع حزب الله ووقف إطلاق النار الذي لم يكمل مدته حتى الآن.
ووجه الجيش الإسرائيلي إنذارًا إلى سكان 73 قرية في الجنوب اللبناني من العودة إلى منازلهم عند الخط الأزرق وحذر مما سيشكله ذلك من خطر على حياتهم، وسط تقارير تتحدث عن اختطاف الجيش الإسرائيلي لعدد من المدنيين اللبنانيين واقتيادهم إلى إسرائيل.
هل ينهار الاتفاق؟
في هذا الشأن يقول الخبير العسكري، العميد خالد حمادة، في تصريحات خاصة إلى “”، إنه لا يعتقد أن إسرائيل بصدد التراجع عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في الـ27 من نوفمبر الماضي.
وأوضح العميد خالد، أن من مصلحة إسرائيل الإبقاء على الاتفاق لأنه يمنحها ضمانات دولية بدعم أمريكي، فرنسي، ولبناني، إضافة إلى أنه يضمن عدم وجود أي بنية تحتية لحزب الله، سواء في جنوب الليطاني أو شماله أو في أي منطقة أخرى.
وتابع حمادة: الاتفاق يتيح لإسرائيل حرية التحرك في حال شعرت بأي تهديد يتم التحضير له من قبل حزب الله، شرط إبلاغ اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار مسبقًا، مؤكدًا أنه بناءً على تلك المعطيات، فإنه لا يعتقد أن أي اتفاق آخر يمكن أن يوفر لإسرائيل مثل هذه الضمانات، فضلًا عن إبقاء حرية تحركها دون قيود والتي يزامنها رغبة أمريكية في إقصاء طهران بشكل تام من المشهد وإنهاء دور الوكلاء.
من جانبه يرى المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتورغسان معلوف، أن تل أبيب لا تسعى لنقض اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، لأنها تُدرك تبعات وتأثيرات تلك الخطوة عليها في حال اتُخذت في الوقت الراهن.
على جانب آخر، أشار المحلل السياسي المختص في الشأن اللبناني، الدكتور أمين قمورية، لـ “”، إلى وجود مخاوف لدى البعض استنادًا للتطورات الأخيرة من أن إسرائيل قد تحاول تمديد احتلالها لبعض المناطق في الجنوب أو في بعض النقاط.
وتابع قمورية: التأكيدات الأمريكية، بانسحاب القوات الإسرائيلي من الجنوب اللبناني سيكون في الوقت المناسب لا يزال هو الفيصل في تلك المسألة، قائلًا إنه إذا لم تنسحب إسرائيل وفقًا للموعد المنشود فإن الأمور ستتغير بشكل كبير في لبنان، بحيث سيكون لبنان أمام احتلال حقيقي آخر للأراضي اللبنانية، وهو ما سيغير آلية التعامل مع الوضع نظرًا لما سيكون له من تداعيات كبيرة.
تفسير التحركات الأخيرة
رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، يقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي في الوقت المناسب بحسب التصريحات الأمريكية، إلا أن مخاوف ظهرت مؤخرًا من رغبة إسرائيلية في البقاء بسبب التحركات الأخيرة. وفي هذا الشأن يقول العميد خالد، إن المسؤولين الإسرائيليين ترددوا في إصدار بعض التصريحات العسكرية، قائلًا إن إسرائيل استندت في تحركاتها الأخيرة إلى أن أداء الجيش اللبناني لم يصل إلى المستوى المطلوب، وأن هناك بُنى تحتية لا تزال قائمة لحزب الله بحسب زعمهم.
وتابع حمادة، أن زيارة الموفد الأمريكي للبنان، آموس هوكستين، آتت ثمارها في الضغط على إسرائيل للانسحاب من القطاع الغربي، بما في ذلك منطقة الناقورة، التي تُعد نقطة استراتيجية تقع على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وحاول هوكستاين، إرسال تطمينات بحسب حمادة، وذلك من خلال قوله إن “يومًا واحدًا يكفي لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان بضمانة أمريكية، مؤكدًا أن التطورات تشير إلى أن الولايات المتحدة هي اللاعب الأساسي في المنطقة، بقدرتها على فرض الانسحاب على إسرائيل والالتزام بالقرار.
تأثير سوري
بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة على الحكم، حدثت بعض التغيرات العسكرية على الأرض تمثلت في سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة مع سوريا، إضافة لاحتلال جبل الشيخ ذا الأهمية الاستراتيجية نظرًا لأنه يطل على 4 دول عربية هي لبنان وفلسطين والأردن وسوريا.
وفي هذا الشأن يقول دكتور غسان، إن الوضع في سوريا أثر بكل تأكيد على التحركات الإسرائيلية الأخيرة في الجنوب اللبناني وذلك في ظل رغبة إسرائيلية في نشر الفوضى في سوريا، مستشهدًا بتصريحات سابقة لأحد المحللين الإسرائيليين حينما قال إن من مصلحة إسرائيل أن تستمر الحرب والاقتتال في سوريا لسنوات عديدة.
وتابع معلوف، أن الوضع في سوريا، كما في لبنان، يُشكل دائمًا مصدر قلق كبير لإسرائيل طوال العقود الماضية. مشيرًا إلى رغبة إسرائيلية مستمرة في إقامة ما يسمى “الشرق الأوسط الجديد” أو “المنطقة النظيفة والهادئة” بحيث تتحقق المصالح الإسرائيلية في لبنان وسوريا والمنطقة ككل.
من جانبه قال المحلل العسكري، خالد حمادة، إنه لا يوجد شك بأن لبنان وسوريا يشكلان بالنسبة لإسرائيل مشهدًا أمنيًا واحدًا، مؤكدًا على ضرورة الانتباه لكن من المهم إلى أنه أن هناك قرارًا دوليًا هامًا صادر عن الأمم المتحدة في العام 1701، الذي يفرض على إسرائيل الالتزام بتنفيذ هذا القرار في لبنان.
وتابع العميد خالد، أن إسرائيل حاولت اتباع الأسلوب ذاته فيما يخص الجولان السوري، حيث تبنت إسرائيل نفس الأسلوب الذي اتبعته في الجنوب اللبناني، حيث لم تلتزم بقرار وقف فك الاشتباك الموقع في عام 1974، وحاولت تبرير تجاوزاتها على الأراضي السورية بحجة أن السلطة السورية الجديدة ربما لا تكون موجودة بشكل فعال على الحدود، مما سمح لها بالتوغل في الأراضي السورية وتجاوز المنطقة العازلة، مشيرًا إلى أن التحركات الإسرائيلية الحالية تأتي في سياق سلوك إسرائيلي دائم يسعى إلى تجاوز الاتفاقات والظهور دائمًا بمظهر القوة العسكرية المتفوقة.