تيار كهرباء الباحة «هوائي» طامح للأرض!

عرفت قُرى منطقة الباحة (الكهرباء) منذ مطلع التسعينات الهجرية بجهود ذاتية لشركات أهلية، لم تدم مولداتها التقليدية طويلاً إذ سرعان ما وصلت الشركة الصينية في عام ١٣٩٧ بمعدات تدك الجبال وتفتت الصخور وتحفر الوعر، وتمد خطوط الخدمة في الجبال والسهول والأودية سالكة أملاكاً عامة وخاصة، ولا ينسى أول رئيس لشركة كهرباء المنطقة المهندس إبراهيم عبدالله عطية دور الأهالي وتعاونهم مع الشركة بالسماح بمرور أعمدة التيار من أملاكهم الزراعية وعدم معارضتهم لغرس الأبراج داخل حوزاتهم ومحاجرهم وبلادهم الأثيرة، مؤكداً أن حاديهم في ذلك (الصالح العام) ما أسهم في سرعة إنجاز المشروع في غضون أربعة أعوام، لتضيء الباحة مطلع عام ١٤٠١هـ، وتعم الكهرباء المنازل والشوارع والمنتزهات والأحياء، ولفت ابن عطية إلى تغير النمط المعيشي وانتساب معظم المزارعين للوظيفة الحكومية ووفرة القروض السكنية وتدافع المواطنين والمجتمع لبناء البيوت الإسمنتية مستعيضين بها عن البيوت الحجرية، دون حذر وانتباه لمخاطر البناء تحت تيار الكهرباء إلا إثر مرور الأعوام وحاجتهم لرفع البناء وزيادة عدد الأدوار.

البناء تحت الأعمدة اضطراراً

عزا عبدالهادي صندل الغامدي البناء تحت أبراج وخطوط التيار الكهربائي إلى اضطرار معظم أهالي المنطقة للبناء في أراض زراعية، لعدم توفر المخططات المكتملة البنية، وقال «برغم حاجة الآباء لمزارعهم وتعلقهم بها وحرصهم على الشرب منها في زمن مضى باعتبارها مصدر تمويل الأسرة بما تجود به إلا أن مكانة مزارعهم في نفوسهم لم تحل دون سماحهم بغرس أعمدة الكهرباء في قلب الأراضي الزراعية بشقيها العثّري والمسقوي تغليباً للصالح العام، لافتاً إلى ما شهدته المنطقة من تحولات متسارعة غدت معها المزارع أراضي بورا بحكم التحاق المزارعين بالوظائف وهجر الزراعة ما اضطر أجيالاً متلاحقة إلى بناء المساكن على أراض زراعية في الأصل، ومن لوازم ذلك دخول بعض المنازل تحت خطوط التيار الكهربائي وتعرض ساكنيها للخطر.

ويؤكد صالح محمد الغامدي أنه حاول مراراً نقل مسار خطوط الكهرباء عن سطح منزله إلا أن شركة كهرباء الباحة طالبته بتحمّل التكلفة المالية للنقل، موضحاً أن نقل عمودين يستلزم دفع ما يقارب 80 ألف ريال، مشيراً إلى أنه لم يتوفر بديلاً للصبر على بقاء أسلاك التيار فوق بيته ما يعرضه وأفراد أسرته للخطر واحتمال الإصابة ببعض الأمراض في ظل العجز عن دفع ثمن النقل وانعدام البدائل ومنها تحويل الشبكة إلى أرضية.

رئيس البلدي: توصية وخطاب للإمارة

كشف رئيس المجلس البلدي لأمانة منطقة الباحة أحمد مسفر آل هادي أن المجلس أقر توصية تتضمن الموافقة على مطالبة شركة الكهرباء بتحويل التيار الكهربائي من هوائي إلى كابلات أرضية شأن بقية المدن والمناطق، مشيراً إلى رفع المجلس خطاباً لإمارة المنطقة لتسريع الاستغناء عن أعمدة وأسلاك الكهرباء كونها معيقة للتنمية ومؤذنة بمخاطر على الأرواح والصحة.

ويشدد أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله محمد الشعلان، على أهمية عناية الإنسان بحياته وأمنه الصحي، واختياره المواقع الآمنة لبناء المنازل بعيداً عن أبراج وأعمدة التيار الكهربائي بما لا يقل عن سبعين متراً، وأوضح الشعلان لـ«» أن هاجس القلق من ظاهرة الإشعاعات الكهربائية والمغناطيسية (الكهرومغناطيسية) المنبعثة من خطوط الضغط العالي تنامت مع انتشار المعرفة وزيادة الوعي بين الناس بحكم ما يقرؤونه أو يشاهدونه أو يسمعونه،

وبرر مظاهر وحالات الخوف والتوتر وعدم الراحة التي تنتاب البعض من الأبراج الكبيرة الحاملة لخطوط الضغط العالي التي تخترق الأحياء وبعض الشوارع الرئيسة، ولفت الشعلان إلى أن أشعة «ألفا وبيتا وجاما» دقيقة الموجات عالية الطاقة سريعة النفاذ، ولها آثارها الجسدية (البيولوجية) الضارة، إضافة إلى الإشعاع ذي الطبيعة الموجية المتمثل في موجات كهرومغناطيسية ذات ترددات متناهية الصغر تنتشر بسرعة هائلة تقارب سرعة الضوء، وعد الأبراج والأعمدة مشوّشة على الأجهزة، ومشوّهة للمشهد الجمالي الطبيعي، وعرضة للصواعق ما يحيق الإنسان بالمخاطر خصوصاً الأطفال، وتطلّع ليوم قريب تغدو فيه الأبراج والأعمدة من الذكريات.

«الكهرباء»: التحوّل لشبكات أرضية مجدول

أوضح مدير دائرة العلاقات العامة بالقطاع الجنوبي للشركة السعودية للكهرباء فهد الشرفي لـ«» أن تحويل الشبكات لأرضية يتم العمل عليه بشكل دوري، وفقاً لاعتبارات كثيرة منها توفر الميزانية، وقياس نسبة خطورة الشبكة، لافتاً إلى اعتبار تاريخ الأسبقية للإنشاء بين شبكة الشركة ومبنى المواطن كون الشركة في الغالب تبني شبكاتها في حرم الطرق وبموافقة الأمانات والبلديات، مشيراً إلى تجاوز البعض بالاعتداء على المواقع المخصصة لتثبيت الخطوط والأعمدة، وتعمد البناء المخالف بالقرب جداً من البرج أو العمود أو تحتها، مؤكداً أنه برغم كل ذلك إلا أن الشركة تحرص على توفير البدائل وإيجاد حلول مناسبة لحماية الأفراد و الممتلكات وفقاً لكل الاعتبارات، مضيفاً أن الشركة على استعداد للمعالجة الفورية لأي حالات ضرر ودراستها وتقييمها والبحث عن أفضل الحلول لمعالجتها.