جدعون ليفي في هآرتس: لن نتفاوض مع الفلسطينيين ولا يوجد شريك اسرائيلي …

“نتذكر بأن كون يائير لبيد وزيراً للخارجية أفضل من تكون لإسرائيل كاتس. لقد سنحت الفرصة للبيد بقول الحقيقة هذا الأسبوع: “عندما أصبح رئيساً للحكومة، لن نجري مفاوضات مع الفلسطينيين”. هذا نبأ تم إبعاده إلى هامش الأخبار كما يستحق، لأنه لا جديد فيه عدا عن ظهور وزير قال الحقيقة ولو للحظة. مع ذلك، يجب شكر لبيد لأنه كشف لنا الحقيقة المعروفة منذ زمن، وهي أنه لا يوجد شريك إسرائيلي. لا يوجد شريك إسرائيلي لإنهاء الاحتلال، ولا يوجد شريك إسرائيلي لأي حل، والآن لا يوجد أي شريك إسرائيلي حتى لإجراء المفاوضات. والحقيقة تقول إنه لم يكن هناك شريك إسرائيلي يوما ما، لكن إسرائيل الرسمية الآن وللمرة الأولى في تاريخها، تعترف بذلك. المبرر هو كالعادة من مجال السياسة الداخلية: “الاتفاقات الائتلافية تمنع أي تقدم في هذا المسار”، شرح من سيكون رئيس الوزراء.

المضربون عن الطعام سينتظرون، وآلاف السجناء يجب عليهم الانتظار، والعائلات الممزقة يجب عليها الانتظار، والعائلات الثكلى يجب عليها الانتظار، والعاطلون عن العمل واللاجئون ومسلوبو الكرامة والأرض والحاضر والمستقبل، جميعهم سينتظرون الحكومة ما بعد القادمة. فيها بالتأكيد، سيتم تشكيل ائتلافات تمكن من إنهاء الاحتلال بسرعة كبيرة. لو صرح وزير خارجية إسرائيلي بذلك قبل بضع سنوات، لسقطت السماء على الأرض. لن تكون هناك أي مفاوضات؟ بالمرة؟ الأمريكيون كانوا سيدينون ذلك، والأوروبيون كانوا سيغضبون، والأمم المتحدة كانت ستنشر مشروع قرار، وحزب العمل كان سيهدد بالانسحاب، وكانت هناك أيضاً خطوة بين “ميرتس” والانسحاب.

لبيد وفر علينا كل ذلك؛ فقد أعلن عن نهاية عبادة السلام، التي أعطت إسرائيل سنوات احتلالها الجميلة. لأنه لا أحد يخطر بباله أن تتشكل حكومة معتدلة أكثر من هذه في إسرائيل في السنوات القادمة. وعلى أي حال، كانت تكفي خمسين سنة من حكومات سلام معتدلة جداً كي نفهم أنه لا يوجد في إسرائيل من نتحدث معه، ولا يوجد ما نتحدث عنه، بصرف النظر عمن سيكون في السلطة. لبيد يقودنا خطوة صغيرة ومهمة أخرى إلى الاعتراف بذلك. يجب أن يتسرب هذا الاعتراف عميقاً: لن يكون هناك حل، خصوصاً حل الدولتين.

احتمالية أن يتم الحكم على الفلسطينيين بمئة سنة أبرتهايد أخرى لم تعد احتمالية معدومة. فعلياً، هذا هو الخيار المرجح أكثر، ومن سيخلصهم من الأبرتهايد، وكيف سيخلصون أنفسهم؟ لقد جربوا كل شيء، والآن يدركون، والعالم معهم، بأنه لا احتمالية لذلك، لأنه لا يوجد شريك، ولأن اتفاقيات ائتلافية تتحكم في إسرائيل.

لن يستمر الأمريكيون بالتأرجح مع مبعوثي السلام خاصتهم، ولن يصدر الأوروبيون المزيد من بيانات الإدانة الفارغة، ومثلهم الأمم المتحدة، أما الرباعية فستموت. ولن يضطروا رؤساء دول لإضاعة الوقت والكرامة في محادثات عقيمة حول القضية الفلسطينية؛ لأنه لا يوجد في إسرائيل شخص يمكن التحدث معه، وسيكون بالإمكان الحديث فقط عن إيران وشركة “إن.إس.أو” والعلاقات الثنائية، على الفور بعد وضع إكليل ورود في “يد واسم” وبطاقة على حائط المبكى، دون دفع ضريبة كلامية عن السلام.

نأمل بأن تنبؤ وزارة الخارجية حقيقي: يتوقع خبراء الوزارة منع مشاركة إسرائيل في أحداث رياضية وثقافية عالمية. هنا يكمن الإسهام الحقيقي للبيد في الخطاب العالمي. ولأن الدبلوماسية أسقطها من أجندتها بسبب الاتفاقات الائتلافية، فقد انتهى عهد الأحاديث والحوارات الفارغة بالنسبة له.

والآن جاء وقت الأفعال. هذا هو السؤال المفتوح والمهم: هل ستكون شهادة وزير الخارجية الإسرائيلي مقنعة بما فيه الكفاية في نظر العالم للبدء في العمل؟ هل ستعتبر الحقيقة التي كشفها لبيد عن عدم نية إسرائيل التقدم نحو حل، قاطعة بما فيه الكفاية لواشنطن وبروكسل من أجل استخلاص الدروس المطلوبة منها؟ وربما لن يكتفي العالم بذلك أيضاً، وسيمسك مرة أخرى بآخر من حمل السكين وطعن رجل حراسة على الحاجز من أجل اتهام الفلسطينيين بالإرهاب، وسيطلب من الطرفين مرة أخرى العودة إلى طاولة المفاوضات.

أيها العالم، استمع للبيد. لا يوجد شريك إسرائيلي. يجب عليك استخلاص الدروس.