رغم فظاعة الجريمة الالكترونية الإرهابية “الابادوية” التي ارتكبها العدو الصهيوني الفاشي بحق الالاف من المواطنين اللبنانيين عبر تفجيرات “البايجر” وأجهزة اللاسلكي، ورغم الاحزان التي عمت لبنان كله، فإن ما يعزي أهالي الشهداء والمصابين أمور عدة:
أولها : هذا التضامن اللبناني الواسع مع ضحايا الانفجار والذي تمثل أساساً بالأعداد الكبيرة من اللبنانيين والمقيمين في لبنان، من كل المناطق والبيئات التي وقفت بالطوابير أمام المستشفيات من اجل التبرع بالدم، ناهيك بأعداد كبيرة من اللبنانيين واللبنانيات الذين أبدوا استعدادهم بالتبرع بأعضاء من أجسادهم لمن فقد العين أو الكلية أو أي جزء آخر من جسده .
وهنا لم يكن التضامن مجرد فعل انساني ، بل هو ايضا فعل وطني وسياسي بامتياز، واسقاط لرهانات الصهاينة وداعميهم على إثارة الانقسامات والفتن بين اللبنانيين الذين أثبتوا انهم مهما بلغت الخلافات الداخلية بين تياراتهم وقواهم السياسية فهم حريصون على تجاوزها حين يتعرض لبنان لعدوان خارجي.
ثاني هذه الأمور: هو العمليات النوعية التي قام بها المقاومون في غزة والضفة وعموم فلسطين كتعبير عن وفاء شعب فلسطين ومقاومته لشعب لبنان ومقاومته الذي استطاع منذ 8 تشرين أول/أكتوبر الماضي ان يواكب ملحمة “طوفان الأقصى” وأن يفتح جبهة حقيقية مع العدو شكلت أثارها أحد أهم أسباب مجزرة 17 أيلول الالكترونية .
وثالث هذه الأمور: هو انتصار دولة فلسطين بانتزاعها قرارا أمميا باعتبارها عضو كامل العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وهو خطوة في مسار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتأكيد على ان موقع فلسطين الدولي بعد ” طوفان الأقصى” هو غيره قبل الطوفان .
ومن حق اللبنانيين أن يشعروا انهم شركاء في هذا الانتصار لأن تضحيات الشعب اللبناني في معركة فلسطين ، شعباً وجيشاً ومقاومة، تمتد الى عام النكبة نفسه عام 1948 حين كانت مجازر العدو في جنوب لبنان من أول المجازر التي ارتكبها في حرب فلسطين لا سيّما في بلدة حولا الجنوبية البطلة .
الأمر الرابع : هو تلاقي العديد من الدول العربية والإسلامية ، على ما بينها من تباينات، على ادانة هذه العملية الإرهابية الخطيرة ، ومبادرة بعض هؤلاء الاخوة الى اطلاق مبادرات تضامنية عملية كما فعل العراق وفلسطين والاردن وايران بانتظار إقدام الدول الأخرى على مثل هذه المبادرات.
أما الأمر الخامس هو ثقة اللبنانيين ومعهم شرفاء الامة وأحرار العالم بالمقاومة الإسلامية في لبنان ومقاتليها وقادتها بأن هذه الجريمة لن تمر دون عقاب، وإن اليد التي تمكنت من الوصول الى العمق الصهيوني، والى ضرب أخطر قواعد الاستخبارات الصهيونية، قادرة في الوقت المناسب ان تصل الى كل بقعة من فلسطين المحتلة لا سيّما اذا كان الرد ثمرة تنسيق بين قوى المقاومة الممتدة من فلسطين الى اليمن مروراً بسورية والعراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن ينضم اليهم من الاخوة العرب والمسلمين .
وستثبت ” الأيام والليالي” كم ستكون باهظة كلفة هذا العدوان على العدو وبالوقت المناسب، وسيكتشف اركان العدو كم كان زهوهم بهذه العملية مجوفاً امام حقائق تحملها لهم بطولات المقاومين وصمود شعبهم .
انها جدلية الألم والأمل.مجددا ..فمن قلب الامنا يولد الامل…وطريقنا لتحقيق امالنا مطوق بالالام.
كاتب لبناني