جندي إسرائيلي في “وحدة 8200”: تل أبيب تراقب كل مكالمة هاتفية في الضفة وغزة

قال عضو سابق بوحدة نخبة استخبارات الإشارة 8200 بالجيش الإسرائيلي، لموقع Middle East Eye البريطاني، إنَّ إسرائيل بإمكانها التنصُّت على كل محادثة هاتفية تجري في الضفة الغربية وغزة، مؤكداً أنَّ كل هاتف أو هاتف محمول مستورد يدخل غزة عبر معبر كرم أبو سالم –جنوبي غزة- يكون مزروعاً به جهاز تنصُّت إسرائيلي، وإنَّ أي شخص يستخدم شبكتي الهاتف المحمول الوحيدتين في الأراضي المحتلة –جوال والوطنية- مُراقَبٌ أيضاً.

وفق تقرير للموقع البريطاني، الإثنين 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فإن مئات من الجنود يتنصتون على المحادثات التي تُجرى خلال أي وقت من الأوقات. 

كيف يتم ذلك؟
تنقسم المراقبة الصوتية إلى مجموعتين. الأولى تضم الفلسطينيين النشطين سياسياً أو يُشكِّلون تهديداً أمنياً من وجهة نظر إسرائيل. ويُستخدَم المستوى الثاني من المراقبة من جانب جهاز “الشين بيت”، جهاز الأمن العام الإسرائيلي، للعثور على “نقاط ضغط” في المجتمع الفلسطيني.

يقول الجندي السابق بالجيش الإسرائيلي: “قد يكون ذلك بإيجاد أشخاص مثليي الجنس يمكن الضغط عليهم للإبلاغ عن أقاربهم، أو إيجاد بعض الأشخاص الذين يخونون زوجاتهم. ويعني إيجاد شخص ما، يدين بالمال لشخص آخر مثلاً، أنَّ بالإمكان التواصل معه وعرض المال عليه لسداد دينه مقابل تعاونه”.

كما أضاف: “هذا يمثل عالماً كاملاً يمكن فيه لـ(الشين بيت) الحصول على سلطة على الفلسطينيين تجبرهم في نهاية المطاف على التعاون أو فضح أمور عنهم لأشخاص آخرين، وكل هذا جزء من نظام السيطرة”.

العيش دون خصوصية
كان الجندي السابق يتحدث عقب كشف صحيفة The Washington Post الأمريكية عن تقنية “Blue Wolf” (الذئب الأزرق)، وهي تقنية تعرُّف على الوجه تُنبِّه الجنود عند نقاط التفتيش لاعتقال المشتبه بهم.

يتم “العمل القذر” لنظام المراقبة الجماعية هذا على يد الجنود اليهود الإسرائيليين الذين درسوا اللغة العربية كجزء من خدمتهم العسكرية. ويخضع الأشخاص للمراقبة من جانب جنود دروز أو يهود ينحدرون من أصل سوري وتكون اللغة العربية هي اللغة الأم بالنسبة لهم. ويقومون بتسجيل المحادثات، وتُترجَم نصوصها وتُرسَل إلى وحدات استخبارات الجيش و”الشين بيت”.

يقول الجندي السابق إنَّه لا حدود لقدرة إسرائيل على انتهاك الحياة الخاصة والعامة للفلسطينيين. ويبدو أنَّه لا حدود لما يفعله الجنود بالمحادثات التي يعترضونها.

والجنود الذين يفعلون ذلك لا يعتبرون مراقبتهم مشكلة أدبية أو أخلاقية.

كما يضيف المتحدث ذاته أن “الناس حولهم وعائلاتهم يخبرونهم بأنَّ ذلك ملائم، الجميع يدعمهم، قائدهم ووالداهم والدولة وأصدقاؤهم”.

الكشوفات الأخيرة بخصوص برنامجَي “بيغاسوس” و”الذئب الأزرق” ليست شيئاً جديداً بالنسبة للفلسطينيين الذين نشأوا تحت رقابة مستمرة.

فيما باتت المراقبة الجماعية روتينية للغاية لدرجة أنَّ القيادة العليا الإسرائيلية لجأت لخلق حوافز من أجل دفع الجنود لالتقاط صور للفلسطينيين الذين يعبرون نقاط التفتيش.

يحدث هذا في الوقت الذي يقال فيه إنَّه تم تقديم جوائز للوحدات التي جمعت أكبر عدد من الصور للفلسطينيين من أجل إضافتها إلى قاعدة البيانات التي وصفها الجندي السابق بأنَّها “فيسبوك الفلسطينيين” لدى الجيش.

نظام السيطرة
أحياناً لا يكون غرض أخذ الصور سوى الترهيب، وتعرَّض محمد راغب صلاح، وهو أسير سابق قضى 10 سنوات بالسجن ويعيش في قرية بُرقة قرب نابلس، لالتقاط صور له ولبطاقة هُويته وسيارته ثلاث مرات خلال 30 دقيقة عند نقاط تفتيش مختلفة.

وفي السياق نفسه، قال عدنان بلاونة، من نابلس، إنَّ الجنود غالباً ما يلتقطون صوراً لسيارات معينة أو يختارون التقاط صور لكل السيارات التي تعبر نقطة التفتيش.

كما أضاف: “أشعر بالقلق حين يختارني الجنود من بين حشد من كثير من الناس (للتصوير)… خصوصاً إذا ما تعرَّض الجنود في نقطة التفتيش أو حتى نقطة تفتيش أخرى لهجوم ما في اليوم نفسه، لأنَّ ذلك من شأنه إخضاع كل مَن التُقِطَت لهم صور ذلك اليوم للتحقيق”.

من جهته، صرح إيتاي ماك، وهو محامي حقوق إنسان أطلق حملة لكشف مبيعات الأسلحة الإسرائيلية السرية، بأنه “من وجهة نظر الشين بيت، يُعَد كل فلسطيني تهديداً. وهم ينزعجون بالتحديد من النشطاء غير العنفيين، لأنَّ مثل هؤلاء يمكنهم قيادة حركة شعبية وإنتاج احتجاج واسع النطاق، وفي الوقت نفسه إثارة التعاطف في المجتمع الدولي”.

كما أضاف ماك: “من وجهة النظر هذه، لا يوجد فلسطيني لا يُمثِّل تهديداً”، وقال أيضا إنَّ الأمر لا يتعلق بمراقبة أو منع الهجمات من المسلحين الفلسطينيين.

المتحدث ذاته أوضح “أنَّهم يعرفون كيف يتعاملون مع التنظيمات الإرهابية، لكن أكثر ما يُقلقهم منظمات المجتمع المدني، لأنَّها قد تؤدي إلى نهاية للاحتلال وتحشد التعاطف في المجتمع الدولي”.

من جانبه، صرح عيسى عمرو، وهو ناشط فلسطيني من الخليل، بأن الأمر الجديد هو أنَّ المراقبة الآن يمكن أن تتم من جانب الجنود العاديين والمستوطنين. إذ بات المستوطنون الآن يمتلكون أنظمة كاميرات خاصة بهم.