جنرال إسرائيلي يقر بفشل تغييب “فلسطينيي الـ48” عن قضيتهم

أقر جنرال إسرائيلي بفشل مخططات الاحتلال لتغييب الفلسطينيين داخل مناطق الـ48 عن قضيتهم الأصلية، وإشغالهم بأمور أخرى.
 

وقال إن أحداث النقب الأخيرة، وقبلها هبّة أهالي الـ48 إبان أحداث المسجد الأقصى، وحرب غزة، تثير مخاوف المؤسسة الاحتلالية بشأن فشل سياسات الأسرلة والتهويد التي مارستها عليهم طوال أكثر من سبعين عاما.

الجنرال يوسي كوبرفاسر الرئيس السابق لقسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ووكيل وزارة الشؤون الاستراتيجية السابق، ذكر في مقاله المنشور على موقع القناة 12 أن “الاحتجاجات العنيفة التي خاضها فلسطينيو 48 خلال حرب غزة الأخيرة، وانتشرت على نطاق واسع منذ قيام الدولة، في سياق الرد على أحداث القدس والأقصى وصواريخ حماس من غزة، تكشف عن شدة العداء الذي يكنونه لإسرائيل، مما أذهل الجمهور اليهودي وقوات الأمن، وأظهر فشلا منهجيا فيما يتعلق بالتعامل معهم”.

وأضاف أن “هذه الأحداث، وآخرها احتجاجات النقب، تتطلب تحليل الأسباب الكامنة العميقة وراء هذه الأحداث العنيفة، ويُنظر إليها على أنها استمرار مباشر لأحداث مايو 2021، مما يزيد من أهمية التهديد الذي يمثله فلسطينيو 48، وضرورة دراسة الموضوع بعمق، صحيح أنهم جميعا لم يشاركوا في هذه الأحداث، لكن من لم يشارك أبدى تفهمه لأسباب ودوافع المشاركين، مع العلم أن أحداثًا بهذا الحجم لا تقع دون بنية تحتية واعية مناسبة توفر الوقود الذي أشعلته شرارة حرب غزة، وهو مرتبط بإدراك فلسطينيي 48 لهويتهم الوطنية”. 

 وتتحدث دوائر صنع القرار الإسرائيلي عن أن “استخلاصاتها من أحداث مايو والنقب أن فلسطينيي 48 يعتبرون إسرائيل كيانا احتلاليا وعنصريا، أسسه المستعمرون لخدمة مصالحهم، ويجب على الفلسطينيين، وهم الوحيدون الذين عانوا من الصراع معه، أن يحاربوا الصهيونية، وهذه قناعات ينطلق منها فلسطينيو 48 في نضالهم القومي، كعرب فلسطينيين، ومكوّنهم الديني كمسلمين، وهذه الرواية تمنع التوافق مع هوية إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وترفض القبول بها”.

انشغلت المراكز البحثية الإسرائيلية خلال الشهور الماضية بحقيقة الدوافع التي دفعت فلسطينيي 48 لمحاولة التأثير على سياسة إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية، والحفاظ على فكرة إعادة اللاجئين كعنصر في طريق تغيير هويتها من دولة يهودية إلى دولة لجميع مواطنيها، وهذه القناعات تنتشر بين مختلف مكوناتهم السياسية، الدينية منها ممثلة بالحركة الإسلامية، التي تعارض الاندماج في النظام السياسي الإسرائيلي، وإنكار الحق في وجود إسرائيل، وهي قريبة جدًا من مواقف حماس، والوطنية القومية مثل حزب البلد الذي يشارك في النظام السياسي، بهدف تغيير هوية الدولة.

 

تتهم دولة الاحتلال الأحزاب السياسية العربية داخل فلسطين المحتلة عام 48، بـ”تهيئة البنية التحتية التي حرضت فلسطينيي 48 على أعمال الاحتجاج العنيفة، وتفسيرها بأنها رد حتمي على استفزازات اليهود، ونتيجة للوضع الصعب الذي يعيشه فلسطينيو 48، فضلا عن التزامها بالرواية الفلسطينية والرؤية الدينية الإسلامية، رغم أن بعض أعضائها، بقيادة منصور عباس، يطالبون باعتماد نهج واقعي يعترف بإسرائيل، وتحسين نوعية حياة فلسطينيي 48، كجزء من الجهاد المدني ضد الصهيونية”.

ولا تخفي الأوساط الإسرائيلية محاولات فلسطينيي 48 الاستفادة من توجهات دولية سائدة تقدم إسرائيل كدولة فصل عنصري، ليس فقط في الأراضي المحتلة 1967، بل في داخلها، كما تجلى بتقرير منظمة العفو الدولية، بجانب الاعتقاد السائد بين فلسطينيي 48 بأن إسرائيل تعتزم إلحاق الضرر بالمسجد الأقصى، وتهويد القدس، وهذه قناعة راسخة في الوعي الفلسطيني لسنوات عديدة، وتنتج باستمرار أبخرة الوقود التي تسمح بحدوث اشتعال، كما كان إبان اندلاع انتفاضة الأقصى وحرب غزة، بحسب المقال.

في الوقت ذاته، تظهر القضايا الاجتماعية بجانب القومية والدينية في تشكيل الوعي السياسي لفلسطينيي 48، الذين يشعرون بالتمييز والإحباط من كونهم يشكلون أقلية بدون حقوق متساوية في الدولة، ومن حقيقة أن أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية أقل جودة مقارنة باليهود، فضلا عن إهمال البنية التحتية العامة في مدنهم وقراهم، مع التركيز على التجمعات غير المعترف بها في النقب، بجانب تزايد الجريمة، وحالة الاغتراب عن اليهود، كل ذلك ساهم بإشعال التوترات بين أجيال الجانبين.