أكّد الجنرال في الاحتياط غرشون هكوهين، وهو زميل أبحاثفي مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجيّة، وخدم في الجيش الإسرائيليّ لمدة 42 عامًا، وقاد القوّات في معارك مع مصر وسوريّة، وشغل في الماضي قائد فيلق وقائدًا لكليات الجيش الإسرائيليّ، أكّد في حديثٍ أدلى به ليلة أمس للقناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ أنّ سيادة كيان الاحتلال ستتحقق وستكتمل فقط عندما نرفع العلم الإسرائيليّ على المسجد الأقصى، قّبّة الصخرة، على حدّ تعبيره.
الجنرال هكوهين، الذي كان يُعقِّب على “مسيرة الأعلام” الاستفزازيّة، التي جرت أمس، واعتبرها كيان الاحتلال إنجازًا يجب منحه أفضليّة وتطويره، أضاف أنّ ما يُحفزنا يكمن في أسس المشروع الصهيونيّ، الذي جاء لتحقيق خلاص إسرائيل، وهذا أكثر بكثيرٍ من دولةٍ مُزدهرةٍ، لافًتا في ذات الوقت إلى أنّ الأقليّة في المجتمع الصهيونيّ ترغب في ذلك، ولكن بصمتٍ، مُستدركًا ومُقتبِسًا ما كتبه أحد مؤسسي الحركة الصهيونيّة، الذي كان قد أكّد أنّ الصمت هو وحل، مُضيفًا: نحن لا نُريد اسكندينافيا المُملّة، بل تحقيق شيئًا إلهيًا، يعتمد على التناخ (كتاب اليهود المُقدّس)، وخلاص، خلاصُ يكون مصدره، ومحفزّه، هو جبل الهيكل.
واوضح أنّ المُشاركين في “مسيرة الأعلام” أمس يُمثّلون الأكثريّة الساحقة من الصهاينة في إسرائيل، وأنّهم لن يكتفوا بعد اليوم بأنْ تمُرّ المسيرة في باب العامود، فهذا المكان قد تمّ احتلاله من قبلهم، وهو يُشكّلون الأغلبية، بل يُريدون احتلال جبل الهيكل، لأنّه دون رفع العلم الإسرائيليّ على (جبل الهيكل)، لن تتحقق وتكتمِل سيدة إسرائيل، على حدّ تعبيره.
وكان الجنرال هكوهين، قد أكّد في دراسةٍ لمعهد (بيغن السادات) بجامعة تل أبيب، أنّ محورًا عسكريًا إرهابيًا تقوده إيران ويضم وكلاء و/أوْ حلفاء سوريين ومن حزب الله وحماس والجهاد الإسلاميّ في فلسطين، قد تشكّل.
وتابع قائلاً إنّه “لأوّلِ مرّةٍ منذ إبرام معاهدة السلام المصريّة الإسرائيليّة عام 1979، تُواجِه إسرائيل احتمالًا واقعيًا في حريقٍ متعدِّد المواجهات، أيْ في لبنان وسوريّة وقطاع غزة، بالإضافة إلى احتمال وقوع هجماتٍ إرهابيّةٍ من الغرب، مُوضِحًا أنّ هذا التحدّي الوجوديّ القديم-الجديد، يتضمَّن عدّة عناصر تشغيليّة رئيسيّة، منها، تهديد واسع النطاق بأبعاد غيرُ مسبوقةٍ من الصواريخ والقذائف المتطورّة وشديدة الدقّة”.
وأوضح أنّه “يتّم تنظيم هذه الترسانة الضخمة في خطوطٍ هجوميّةٍ عمليّةٍ تمّ إعدادها بالفعل لاستهداف المواقع الإستراتيجيّة ومواقع البنية التحتيّة في عمق إسرائيل ، مثل قواعد القوات الجويّة، المقر العسكريّ لقيادة هيئة الأركان بتل أبيب، محطات الطاقة، المطارات والمراكز السكانيّة”.
وشدّدّ على أنّ “هذا التهديد يرى إسرائيل مُحاصرةً من جميع الجهات: من لبنان وسوريّة وقطاع غزة، وكذلك في الآونة الأخيرة قاعدة للميليشيات الشيعيّة في العراق، وبالإضافة إلى ذلك، جبهة إرهابيّة جديدة على مرتفعات الجولان تضم قوة القدس الإيرانيّة وحزب الله والميليشيات الشيعية”، مُعتبرًا هذا التهديد “خطرًا واضِحًا وقائِمًا على البلدات والقرى الإسرائيليّة على الحدود اللبنانيّة وقطاع غزة من قوات الكوماندوز المدربة تدريبًا جيّدًا على التوغلات البرية في إسرائيل”.
وأضاف أنّ” إسرائيل لا تُواجِه نفس التهديد الوجوديّ المتمثل في غزو كلّ العرب الذي واجهته عند إعلانها في أيّار (مايو) 1948، لكنّ حزب الله وحماس وحتى إيران لا يسعون إلى تدمير إسرائيل في ضربةٍ واحدةٍ، على الرغم من رغبة إيران في مثل هذا الهجوم”.
وأردف أنّه “يُمكِن أنْ تتغيَّر النتيجة بمجرد حصول إيران على أسلحةٍ نوويّةٍ بدلاً من ذلك، ويبدو أنّهم يتّبعون الإستراتيجيّة التدريجيّة التي استخدمها الرئيس المصري أنور السادات في حرب أكتوبر 1973، وذلك في البيان الذي وجّهه آنذاك للقوات المُسلحّة المصريّة: الهدف الاستراتيجيّ هو تقويض العقيدة الأمنيّة لإسرائيل من خلال العمل العسكريّ، الذي يتناسَب مع قدرات القوات المُسلحَّة، والذي سيؤدّي لإلحاق أكبر خسائر بشريةٍ بالعدو وإقناعه بأنّ استمرار احتلال أرضنا سيؤدي لثمنٍ أعلى من أنْ يُمكِن أنْ يتحمله”.
واختتم هكوهين دراسته بالقول إنّ “هذا هو إلى حدٍّ كبيرٍ الأساس المنطقيّ الاستراتيجيّ الذي تقوم عليه إستراتيجيّة إيران وحزب الله وحماس، من خلال تطويق إسرائيل بالبنية التحتيّة العسكريّة والإرهابيّة على طول حدودها الشمالية والجنوبية”.
وأشار إلى أنّه “باستطاعة هذا المحور أنْ يُعطِّل الروتين العاديّ لإسرائيل في أيّ لحظةٍ، وبالتالي يُمكِن أنْ يخلق توازنًا من الرعب يستند إلى تهديدٍ صاروخيٍّ ذي مصداقيةٍ يُجبِر إسرائيل على تجنّب أكبر قدرٍ مُمكنٍ من الأعمال الانتقاميّة التي تتجاوز عتبة الاحتواء، أيْ المقبولة بشكلٍ متبادلٍ، وعلى المدى الطويل، لا بُدَّ أنْ يكون لهذه الحالة تأثير استنزاف مستمر، مثل فشل الجهاز المناعيّ، من شأنه كبح تقدم إسرائيل ونجاحاتها وتآكل أمل الشعب اليهودي في وطنٍ آمنٍ ومُزدهرٍ”، على حدّ قول الجنرال هكوهين.