جوع وبرد في قاعة مسجد تؤوي نازحين سوريين من محيط سجن الحسكة


06:28 م


الأربعاء 26 يناير 2022

دمشق – (أ ف ب)

في أحد مساجد مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، يختلط بكاء الأطفال الذين يرتجفون بردًا وجوعًا مع صراخ أمهات يحاولن تهدئتهم بما تيسّر لديهن، بعد فرارهن من الأحياء المجاورة لسجن يضم عناصر من تنظيم داعش ويشهد اشتباكات منذ أيام.

عبثًا تحاول مايا (38 عاماً) وهي أم لتسعة أطفال، إسكات الصغار منهم. وتقول بحرقة لوكالة فرانس برس “الحمدلله هنا يوجد أمان لكن الشخص لا يرتاح إلا في منزله ونريد العودة”، مضيفة “لا خبز هنا ولا ماء ولا سكر”.

وتركت مايا وعائلتها الجمعة منزلها الواقع في حي مجاور لسجن الصناعة، الذي شارك أكثر من مئة من مقاتلي تنظيم داعش الموجودين داخله وخارجه، مساء الخميس في هجوم منسّق عليه. وتُعتبر العملية على هذا المرفق الذي يشرف عليه الأكراد في مدينة الحسكة، “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات.

وقد أعلن أكراد سوريا “السيطرة الكاملة” على السجن الاربعاء.

ودفع الهجوم الذي تلته اشتباكات داخل السجن وفي محيطه، مع فرار سجناء من التنظيم الى الأحياء المجاورة والاحتماء داخل منازل المدنيين، نحو 45 ألف شخص من منازلهم، وفق ما أحصت الأمم المتحدة الاثنين.

ولجأ غالبيتهم الى منازل أقربائهم وأصدقائهم في أحياء آمنة وبعيدة نسبيًا من محيط السجن، بينما لم يجد آخرون أمامهم إلا قاعة مسجد في المدينة وصالة أفراح، وفق ما شاهد مصور لوكالة فرانس برس.

تروي مايا كيف غادرت على عجل مع أفراد أسرتها منزلهم الواقع في حي الزهور عشية الهجوم على سجن الصناعة. وتقول “كنا في المنزل ولم نسمع إلا دوي انفجار قوي، بدأ الاطفال البكاء من شدّة خوفهم، لكننا لم نتمكن من الخروج بسبب البرد”.

وتتابع “شعرنا بالخوف، لكننا بقينا في المنزل حتى صباح اليوم التالي وخرجنا بعدها”.

رغم شعورها بالأمان حالياً، لكنّها تخشى على منزلها الذي أعادت العائلة إعماره بعد تعرّضه قبل سنوات لضربة جوية. وتؤكد “كنا نعيش تحت سقفه فكيف لا نخاف عليه؟ لا مكان آخر آمن لدينا”.

على بعد خطوات منها، تهز سيدة أكبر سنًا رأسها مؤيدة رغبتها بالعودة الى منزلها. وتقاطعها قائلة “لدينا رجال وأولاد محاصرون” في إشارة على الأرجح إلى مقاتلين في صفوف قوات سوريا الديمقراطية.

“نريد الأمان”

تكتظ قاعة المسجد بالمئات من النساء والأطفال وجميعهم نزحوا خلال الأيام الأخيرة على وقع الاشتباكات. يقيم هؤلاء وسط ظروف معيشية صعبة مع تدني درجات الحرارة، خصوصًا أن الكثيرين منهم لم يتمكنوا من أخذ أي من حاجياتهم. وتوزع منظمات محلية الخبز وبعض الخضر والمعلبات عليهم.

وإلى جانب صراخ الأطفال الذي لا ينقطع، يعلو سعال كثر منهم ممن يفترشون الأرض أو يجلسون على بعض السجادات وتفوح روائح قوية من المكان، بغياب أدنى مقومات النظافة.

تحاول شابة عبثاً التواصل مع أقربائها الذين يقطنون في مكان قريب من السجن من دون جدوى.

وتقول فهيمة (25 عاماً) التي نزحت مع زوجها وأولادهما الأربعة لفرانس برس “تركنا منازلنا رغما عنا بعدما دخل علينا الدواعش وبدأ القصف، بالكاد تمكنا من الخروج”.

وتشرح “خرجنا بأرواحنا بلا أوراق هوية أو دفتر عائلة”، موضحة أنهم باتوا ليلتهم الأولى في العراء قبل وصولهم الى المسجد.

تبدو معالم الإرهاق واضحة على وجه نبيلة، التي نزحت كذلك مع أولاها السبعة بعد الهجوم.

وتقول بانفعال “نموت من البرد هنا نريد الأمان والعودة إلى بيوتنا”.