نشر موقع “آي نيوز” البريطاني تقريرا أشار فيه إلى الكيفية التي حول فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي جبهات القتال في غزة وجنوب لبنان إلى فرص سياحة واستطلاع لحركة المستوطنين في الضفة الغربية والذين يخططون للعودة إلى غزة وبناء مستوطنات في جنوب لبنان.
وفي التقرير الذي أعده كيرون مونك أشار فيه إلى مقتل الباحث في الآثار في جنوب لبنان، حيث قال الجيش الإسرائيلي إنه دخل منطقة الجنوب اللبناني بدون إذن. ووصف محلل ما يحدث بأنه “جنون واضح”، فـ”هذا محور حرب وليس منطقة جذب سياحي”.
وكان زئيف إرليخ، 71 عاما، قد قتل برصاص مقاتلي حزب الله هذا الأسبوع، وذلك بعدما سمحت له وحدة عسكرية تشارك في غزو الجنوب. وكان إرليخ مسلحا ويرتدي الزي العسكري ولكنه كان جندي احتياط، مع أن مقتله سجل على أنه من ضمن قتلى الجيش الإسرائيلي في الحرب. وهو مؤرخ وباحث في الآثار ونشر الكثير من الأبحاث ناقش فيها علاقة اليهود بالأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ويقال إنه كان يحاول استطلاع قلعة قديمة في لبنان يمكن أن تكون ذكرت في الإنجيل، عندما قتل برفقة جنديين آخرين. وكان أيضا عضوا نشطا في حركة الاستيطان وعاش في مستوطنة بالضفة الغربية، وتعتبر غير قانونية بحسب القانون الدولي.
وقالت مجموعة متطرفة تدعو لبناء مستوطنات في الجنوب إنه “استطاع إعداد خريطة للأماكن اليهودية في لبنان والتي يجب التنقيب فيها عندما تصبح المنطقة ملكنا”. ودعت المجموعة واسمها “أوري تزافون” (يقظة الشمال) إلى بناء مستوطنة في المكان الذي قتل فيه إرليخ.
وقال الجيش إن إرليخ دخل لبنان بدون إذن وأصدر أوامر بالتحقيق في كيفية دخوله وإنشاء لجنة بهدف “الحفاظ على الانضباط العملياتي” في الجيش. وأشارت هيئة الإذاعة الإسرائيلية “كان” في تحقيق لها عن السماح لمستوطني الضفة الغربية بدخول غزة برفقة الجيش الإسرائيلي، ومن أجل التخطيط للبناء على الأراضي الفلسطينية. وقالت الهيئة إن دانييلا فايز، من حركة ناتشالا للاستيطان كشفت عن زيارة لها لغزة في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر وبمساعدة من الجيش الإسرائيلي. وتجولت في معبر نتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها. وقالت “كان” إن “أحد أهداف الرحلة هو تفتيش المناطق التي سيسمح فيها للمستوطنين بالدخول إليها”، وأضافت: “في البداية، وبحسب الخطة سيدخلون بطريقة غير رسمية ويقيمون في القواعد العسكرية والبنى التحتية في غزة، ثم يتم تحويلها إلى أماكن رسمية ومستوطنات”.
وأكدت فايز الرحلة في مقابلة بالفيديو، تحدثت فيها عن خطط لبناء مستوطنات في غزة “لم نعد نستعد وفي اللحظة التي سندخل فيها سندخل ولن نتتظر أجهزة مراقبة المياه والمولدات”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الرحلة تمت بدون إذن و”هي ضد القانون والإجراءات وسنتعامل معها بناء على ذلك”. وقال البروفيسور كوبي مايكل، المحلل العسكري في معهد دراسات الأمن القومي ومعهد ميسغاف إن الحوادث هذه “محرجة” ومدمرة للجيش. وقال إن “على الجيش الإسرائيلي والقيادة العليا استعادة السيطرة على هذه الانتهاكات عاجلا وليس آجلا”. ونسب الانتهاكات إلى ما قال إنه “تآكل في الانضباط” في صفوف الجيش الإسرائيلي وغياب الإشراف من القيادات البارزة.
اقرأ أيضا:
هل ينجح نهج ترامب القديم إزاء الشرق الأوسط المشتعل في ولايته الثانية؟
وأشار الموقع إلى الطريقة التي يتحكم بها الجيش الإسرائيلي بوصول الصحفيين إلى جبهات القتال، حيث سمح لمجموعات مختارة من المعلقين والمؤثرين ومنع الصحفيون الدوليون من دخول غزة طوال الحرب، باستثناء رحلات مرتبة بشكل جيد رافق فيها الصحفيون الجيش.
وسمح الجيش لمقدم البرامج الإخبارية المؤيد لـ”إسرائيل” دوغلاس موراي بدخول غزة ولبنان. وظهر في صورة جالسا على كرسي زعم فيها أن يحيى السنوار كان جالسا عليها عند استشهاده في الشهر الماضي. كما أنه رافق القوات الإسرائيلية إلى جنوب لبنان حيث دعم مزاعم “إسرائيل” بأن قوات حفظ السلام الدولية غضت الطرف عن نشاطات حزب الله. وقد تمت دعوة العديد من المعلقين المؤيدين لـ”إسرائيل” ممن لديهم عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل العسكري البريطاني المخضرم أندرو فوكس، والأكاديمي الأسترالي جون سبنسر، للقيام بجولات متعددة.
ونشر جوني ميرسر، عضو البرلمان الأسترالي السابق صورة له من غزة على منصات التواصل الاجتماعي في أيلول/ سبتمبر وبتعليق، قال: “لم أر قط بيئة عمل أكثر تعقيدا”، وشكر مجموعة “إلنت”، المؤيدة لـ”إسرائيل” لأنها رتبت الرحلة. ورفضت “إلنت” أو الجيش الإسرائيلي طلبات لتقديم تفاصيل حول مثل هذه الرحلات وعددها والتدابير الأمنية التي تتخذ لحماية المشاركين الذين يزورون محاور حرب. ودافع ياكوف ميريدور، الجنرال ومستشار الأمن القومي السابق عن ترتيب الزيارات لمؤيدي “إسرائيل” لكل من غزة ولبنان، بقوله “إنها مهمة جدا لقدرتها على تقديم وجهة النظر الإسرائيلية”. وأضاف أن المخاطر الأمنية لهذه الزيارات تظل تحت السيطرة وأفضل من دخول إرليخ، مع أن كل الزوار مطالبون بـ “قبول بعض المخاطر”.
وقال الدكتور أندرياس كريغ، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في “كينغز كوليدج- لندن”، إن الزيارات مثل تلك التي قام بها موراي كانت طريقة غير عادية للدعاية. وأضاف: “لقد أصبحت هذه ظاهرة غريبة تتمثل في “زيارة” المعلقين المؤيدين لإسرائيل، حيث تسهل إسرائيل عملية الوصول بشكل استراتيجي إلى ساحة المعركة لتشويه التغطية الإعلامية للحرب في غزة ولبنان”. وأضاف: “هذا يظهِر مدى انعدام الأمان الذي تشعر به إسرائيل في ما يتصل بالاتجاه الذي تتجه إليه دبلوماسيتها العامة واتصالاتها الاستراتيجية، لدرجة أنها تضطر إلى دعوة المؤيدين لها بشكل أعمى لتضخيم نقاط الحديث الإسرائيلية”.
اقرأ أيضا:
تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في لبنان.. مدته 60 يوما
ووصف الدكتور يوسي ميلكبيرغ، المحلل بشؤون الشرق الأوسط في “تشاتام هاوس” بلندن، زيارات المستوطنين بأنها “جنون حقيقي” و”هذه ساحة حرب وليست مكان جذب سياسي أو جولة مع وكلاء عقارات يبحثون عن استثمارات”. وقال: “لقد وصلت العلاقات الودية بين المستوطنين والجيش إلى حد يهدد الأمن. وفي حالة (إرليخ) قتل جندي شاب لإشباع ولع شخص ما بالأماكن القديمة”.
وأضاف الدكتور ميكيلبيرغ أنه من غير الواضح ما إذا كانت زيارات المستوطنين إلى غزة ولبنان تشكل إشارة إلى أن المستوطنات سوف يتم بناؤها قريبا في تلك الأراضي. وقال: “هذا يعني أن بعض الناس يعتقدون أنهم قادرون على دفع الحكومة إلى الموافقة على القيام بذلك. ولكن الزمن هو الذي سيكشف ما إذا كان هذا صحيحا”.