حرب الإحتقار ! شعب الله المختار الذي يعمد ضحاياه بماء المجارير المقدس !

نشرت صحيفة “رأي اليوم” الأربعاء الماضي تقريرا بحثيا – بيئيا  موجزا  كتبته السيدة زهرة خدرج  الكاتبة الفلسطينية حول  معاناة فلسطينية من نوع خاص  داخل أراضي الضفة الغربية  تتمثل بتوجيه مياه الصرف الصحي من المستوطنات الاسرائيلية نحو الأراضي الفلسطينية الزراعية وبشكل مستمر دون توقف ، وسوف أنقل لكم بعضا من محتوى التقرير كمدخل للمقالة  :
 ( في حديث هاتفي مع مجلة “آفاق البيئة والتنمية” مع د. خالد معالي الباحث والمتابع لشؤون الاستيطان في الضفة الغربية ، قال إن مياه المجاري التي تُلقى في الوديان الفلسطينية من المستوطنات الاسرائيلية تؤثر في البيئة في اتجاهات ثلاثة :
 أولها تلويث الهواء بالروائح القذرة الكريهة التي لا يستطيع المزارعون احتمالها  فيُدفعون إلى ترك زراعة أراضيهم هرباً منها ، وتتسبب أيضاً في أمراض صدرية لمن يسكنون في المناطق القريبة   ، أما ثانيها  تلويث التربة بالجراثيم والسموم التي تؤدي إلى موت الأشجار، وحدث ذلك في كثير من المناطق الفلسطينية مثل ( وادي البير في سلفيت ودير الحطب في نابلس وبيت أُمَّر في الخليل وغيرها)، عدا عن أن التربة أصلاً تفقد صلاحيتها للزراعة مثلما حصل في وادي المطوي في سلفيت، وثالثها  تلويث المياه الجوفية والسطحية …….. 50 مستوطنة على الأقل تُفرغ ما يقارب 35مليون متر مكعب من المجاري، وهو ما يمكننا تقريبه للأذهان وتقدير بأنه يساوي 14 ألف بركة أولمبية، وهذه الكميات سنوياً تزداد مع استمرار بناء وتوسيع المستوطنات   )
قد يبدو الكلام مجرد معلومة عابرة صغيرة  لا قيمة لها عن مدى الأذى الذي يلحق بالمواطن الفلسطيني من الكيان الصهيوني السرطاني خاصة في ظل أذى أكبر من القتل والقصف والاعتقال  والحصار داخليا وخارجيا لكن الأمر  في عين الحقيقة ولمن فيه بقية باقية من كرامة وروح حية ينطوي على فهم بأبعاد أكبر بكثير مما يبدو وكأنه مجرد مضايقات يقوم بها الاحتلال لأهل الأرض في فلسطين المحتلة  .
هذا السلوك اللاإنساني والذي تقوم به المستوطنات الصهيونية المعتدية تحت سمع وبصر سلطات الإحتلال وهيئاته الحقوقية والرقابية والتنظيمية التي يدعيها  إنما هو نهج قديم جديد معمول به منذ وجود الاحتلال على الأراضي الفلسطينية ، تم اختبار هذه الفعلة القبيحة بحق غزة ومدن أخرى ولا زال ، ويتم اليوم فعله بحق أراضي الضفة الغربية ومدنها وقراها ووديانها كما يشير تقرير السيدة زهرة .
لقد حاربتنا اسرائيل كعرب وفلسطينين على الصعيد الإقليمي بكل فكرة او خرم إبرة يمكن أن يكون مجالا للحرب والخنق والقتل والإيذاء والمضايقة  ، لم تكتف دولة الكيان بالذبح المباشر والتصفية والاغتيال والقصف وحرق الأحياء وتدمير البنايات فوق رؤوس سكانها وسحق الأطفال والنساء والعجائز ، لم تكتف من حملات الاعتقال وهدم البيوت وحصار المواطن الفلسطيني ومسخ حياته في كل بند وكل تشريع ، لم تكتفي من سرقة التاريخ والتراث وتهويد تفاصيل البلد بأكملها  بل هي تشن حربا من نوع خاصة  تحارب من خلالها  المواطن الفلسطيني  حتى في معنى الكينونة الأنسانية والبشرية لتكون أقبح وأشد احتلال إجرامي يسجله التاريخ ، لا ينبغي على الفلسطيني أن يتحمل كل أشكال جرائم الاحتلال بل عليه أن يتحمل قاذوراته واوساخه أيضا ويقبل بذلك ويتعايش معه وعليه كذلك أن يكون من الشاكرين  !
ما الذي يعنيه إلقاء وقذف مياه الصرف الصحي في وجه الفلسطيني والأرض الفلسطينية ؟ ماذا يريد من يفعل ذلك ولماذا توجه المستوطنات الدنيئة  انبوب الصرف الصحي نحو الفلسطيني وأرضه وشجره ؟ ما الذي يريده ناطق العبرية من ناطق العربية  ؟ هل الغاية هي تعميد الفلسطيني وتبريكه ( بالماء المقدس ) الذي تنتجه المستوطنات ؟ هل الغاية هي التطفيش والتهجير والتكريه من الأرض والحياة ؟ هل هي حرب الدناسة على الزيتون المقدس وإفساد زيته المضيء طهرا ؟ هل هي حرب الضد مقابل روح الطهارة الإسلامية العربية  ؟
انها حرب لها إسم واحد لا حياد عنه ، إنها حرب  الاحتقار وحرب التدنيس !
إنها حرب الوضاعة والدونية واشعار الطرف الاخر بأنه أدنى واقل شأنا من ان يتم ادماجه او وسمه بأنه من الكائنات الادمية المصنفة في مرتبة البشر ، إنها حرب على أرض الإسراء والمعراج وأرض الأنبياء والملائكة لتكون أرضا مدنسة تهرب منها القدسية الأزلية ، إنها حرب على الروح المعنوية للكيان الإنساني الفلسطيني لإفهامه بأنه ليس كسائر البشر ولا كرامة ولا طهر معنوي او روحي او مادي له ولأرضه وزرعه وحتى هوائه الذي يتنفسه ،  انها حرب رهيبة لا يمكن ان تكون بين محتل وضحية   بل هي بين اللاإنسان  والانسان الفعلي !   انها حرب الانحطاط الاحدث في القرن الحادي والعشرين بين البشر واللابشر ، بين بني اسرائيل الذين انشقوا عن الله وكتبه ورسله وبين شعب الجبارين الذين عليه أن يتحمل الوزر التاريخي لبني اسرائيل منذ أسفار العهد القديم  وحتى قيام الساعة الخاصة بنهاية بني اسرائيل .
إنها رسالة مكتوبة بمياه المجارير ورائحة كبريتيد الهيدروجين  لتقول لكل عربي بأنك أدنى من الفضلات التي نخرجها وبأن نظرتنا إليك لا تتعدى هذا الوصف وهذه المنزلة ، إنها  الوصفة الاسرائيلية التي تعكس ضمير حكام  بني اسرائيل وعقيدة بني اسرائيل برائحة المجارير والمياه المكبرتة ، إنها خير تعبير عن حقيقة المحتوى الأخلاقي للعقيدة الصهيونية الإجرامية التي تفكر بمثل هذه الأفعال القبيحة والبالغة القبح  والمهانة .
بنو صهيون لم يتركوا قبحا ولا عارا تاريخيا ولا أي نوع من أنواع الهجمات اللاأخلاقية إلا وتم تكريسه وتطبيقه على الشعب الفلسطيني خاصة والشعوب العربية عموما ، كل أشكال الأسلحة المحرمة دوليا والتي تسبب أبشع الأذى والألم  والجراح التي لا شفاء منها  تم ضربها على الفلسطينين والعرب ، كل أشكال القمع والتنكيل المباشر والتخريب المادي من سرقة ارض وممتلكات الفلسطينيين والحجز على أموالهم وهدم بيوتهم ، نشر الجريمة والرذيلة والمخدرات بينهم ، في وقت ما استخدم الصهاينة المواد المسرطنة ومسببات العقم ضد المجتمع الفلسطيني وفي فترة أخرى استخدمت حرب الحصار والتجويع والحرمان من الشعور بالحياة والكينونة الآدمية  ، أما فتح مياه الصرف على المزارع والأراضي الفلسطينية في غزة وأرجاء أخرى من الأراضي الفلسطينية فهذه الحرب لا تهدف إلى تخريب الأرض الصالحة للزراعة وتطفيش المواطن الفلسطيني من أرضه بل هي حرب تحمل رمزية عالية من العنصرية البشعة والاحتقار والاستعلاء في الأرض وتتويج للمسيرة الأخلاقية لعقيدة الصهاينة اللابشرية ، كل هذه الجرائم التي جرت وتجري لاحظوا أنها بمعزل تام عن الانتقاد والردع من كامل المجتمع العالمي لأن الصوت الأمريكي يقع في قلب كل ذلك ومن احرقوا بغداد والعامرية وقصفوا تورا بورا وحرقوا اليمن وسوريا وليبيا لا يختلفون بشيء عن أفعال بني اسرائيل .
اسرائيل العظمى لا تريد إفناء وإبادة الشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية فقط  بل هي تريد أيضا أن يشعر هذا الإنسان بأنه يقتل ويحرق ويعتقل ويهان لأنه ليس بإنسان وليس بمنزلة الاعتبار في مكانة الإنسان من خلال حرب الاحتقار التي تمارسها منذ أمد طويل من خلال الدعاية والترويج لمفهوم العربي الهمجي واللامتحضر والعربي الدائر وراء الجنس والمتعة والذي يقبل بالخيانة ويبيع بلاده ويخون شرفه   ،  تكرس هذه الثقافة في وعي وعقل الرأي العالمي شعوبا وحكومات حتى تحصل على شرعية القتل والنهب والاستيلاء بصمت وتأييد مبطن في ضمير الغيب ، حرب الاحتقار الصهيونية لا تقف عند كل هذا القدر من القبح والانحطاط التاريخي فهنالك جزء آخر من حرب الاحتقار تتمثل في ابتلاع وتذويب ونهب كل من يتحالف معهم وكل من يضع يده بيدهم وكل من يطبع أو يغرق في فضائلهم التي ستتحول سريعا وقريبا ألى فضلاتهم .
حرب الاحتقار التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني لا تتوقف عند فتح مياه المجارير نحو الحياة الفلسطينية بل هي حرب ممنهجة ومكرسة منذ سنوات طوال على شكل شبكات مجارير متعددة الفوهات والمصبات ومن أنواع أخرى كلها تحمل روح الاحتقار وتكرس ثقافة الدونية وإنزال القيمة الآدمية التي كرمها رب العالمين ، هنالك نوع خاص من شبكات الصرف الصحي الحضاري القادمة مما يسمى بالمستوطنات والتي تسكب كائنات لزجة كريهة ومعدية وحقيرة للغاية  اسمها المستوطنين وتلقي بهم أمام صمود المواطن الفلسطيني في كل أرجاء البلاد ، هنالك مجاريرأخرى تصب بها دولة ( اسرائيل ) داخل المجتمع الفلسطيني اسمها المخدرات والتخريب الأخلاقي التي تفتحها لتضمن الإفساد المعيشي بالكامل  ، مجارير الجريمة الاجتماعية وترك الفوضى الاجتماعية كي تنهش من لحم المجتمع وترك الذباب البشري لينتشر ويتوضع فوق كل شيء ، مجارير التجهيل والتحقير وتصوير العرب والفلسطينين على أنهم أنصاف بشر وأشباه كائنات لا يمكن لهم أن يرتقوا لمنزلة المواطن العالمي ولا يحق لهم العيش بكرامة مثل سائر خلق الله ، هنالك مجارير خاصة تدلق بشرا أشد وضاعة من المستوطنين تنتجها دولة اسرائيل  حيث تلقي عملاء وخونة ومنسقين امنيين تجدهم في كل بقاع العروبة  رائحتهم اشد كراهية من المياه التي تتدفق على جنوب قلقيلية ونابلس والخليل ووديانها الفلسطينية .
الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بالشكل المباشر و غير المباشر هي حرب غير أخلاقية وحرب قذرة من مجتمع  مجرم لا يمكن وصفه إلا بانه شعب بالغ الهمجية والوحشية والانحطاط على الرغم من ادعاء الحداثة والمعاصرة والحريات والتمدن واحترام قيمة الانسان ، إنها حرب الاحتقار المشتقة من روح الحاخامات وخططهم الإجرامية التاريخية الأشد حقارة لتحويل العالم بأكمله إلى ماخور ضخم مفتوح الأرجاء يملؤه المثليون والضحايا النسائية  ونشر الرذيلة والانحطاط وتسيد الدول ومسكها من عنقها من خلال الدعارة والمخدرات والفتن الصغيرة والكبيرة ولهذا السبب فليس غريبا عنهم شن حرب القاذورات ومياه الصرف الصحي التي تشكل جزءا من قناعاتهم وروحهم وطبيعة محتواهم .
اسرائيل لا تحارب الفلسطينين وحدهم ولا العرب وحدهم بل هي  تحارب العالم بأكمله من خلال فكرة وجودية بسيطة موجودة منذ الأزل في عقديتهم ولم تختفي أو تزول كما يظن  وقد تبدو كلماتها ناعمة ومحببة لكن أحدا لا يدرك عمق خطورتها ومدى عنصريتها  ولم يصحو العالم كفاية على معانيها ، إنها فكرة شعب الله المختار !  شعب الله المختار الذي يحق له حرق الشعوب الأخرى لأنه فوقها وأفضل منها بحكم أنه المنتقى من بين كل الشعوب بيد إلهية مباركة تمنحه الحق في إزالة وحرق وذبح كل البهائم الأخرى من بني البشر ، شعب الله المختار الذي يحق له الاستيلاء على كل ما يطيب له وما يلزمه وما يعجبه ويحق له استعباد البشر والشجر والحجر  ، شعب الله المختار الذي يكافىء ضحاياه بفضلاته ويمنحها الدناسة المناسبة التي تليق بمقامها الحيواني على مستوى العالم كله لأن العالم بأكمله اليوم أصبح حلالا زلالا لمجارير بني اسرائيل الذين ساموا العالم وكافؤوه بفضلاتهم وما تنتجه شبكات مجاريرهم المقدسة من حرب الجنس والرذيلة والاحتقار والمخدرات والربا ودماء الأبرياء ودوس كرامة البشر في كل الكوكب من شرقه إلى غربه.
إنهم العار الخالد في التاريخ  الذي يجب أن يعلو ويكبر حتى يقرر الحجر والشجر والبشر فيزيائيا وبيولوجيا وكيميائيا  بأن هؤلاء يجب أن يزولوا ويجب أن يتطهروا وأن يطهر التاريخ منهم ومن أفعالهم ، وإن كانوا يدعون على النازية بأنها فعلت بهم ما لا يقبله بشر فإنما هم بأفعالهم هذه يحضرون العالم بأكمله ليكون مذبحهم الجديد ونهاياتهم الحتمية  ، وهم بأنفسهم بإجرامهم وقتلهم واعتدائهم ومؤامراتهم ودناءة أفعالهم إنما يحضرون أنفسهم لمن سيدوسهم ويسومهم سوء العذاب  ويضع الخاتمة الأخيرة للعلو الأكبر في التاريخ !
حين ترحلون رحلتكم الأخيرة سيغسل المطر آثاركم وستزهر اطراف الوادي زهورا وبراعم وننثر السهول قمحا ونملىء الأرض شذى وعطرا ، سيزهر الزيتون مجددا ويمدد جذوره فوق طهر أصيل وينير زيته  المشكاة الخالدة.