حرب «تأشيرات» بين بكين وسول وطوكيو

تفاقم النزاع الدبلوماسي بين الصين من جهة وكوريا الجنوبية واليابان من الجهة الأخرى، في شأن رفض الصين قراري الدولتين المذكورتين إخضاع القادمين إليهما من الصين شرط إبراز نتيجة سالبة لفحص كورونا. ومن المفارقات أن الصين تفرض هذا الشرط على جميع المسافرين القادمين إليها من جميع أرجاء العالم! وأعلنت الصين أمس (الأربعاء)، فرض قيود على دخول القادمين من اليابان وكوريا الجنوبية. وكانت الصين أعادت فتح حدودها الأحد، وألغت جميع القيود على السفر الداخلي؛ وهو آخر مظهر من تدابير إستراتيجية صفر كوفيد، التي تقيدت بها طوال السنوات الثلاث التي أعقبت ظهور فايروس كورونا الجديد، المسبب لمرض كوفيد19. بيد أن المعركة بين الصين وجارتيها الآسيويتين أججت القلق حيال مدى تفاقم تفشي الفايروس في الدولة الأكثر سكاناً في العالم. وهو ما حمل أكثر من 20 دولة على اشتراط خلو القادم إليها من الصين من الإصابة بالفايروس. وتشترط تلك الدول أنه في حال حصول القادم إليها من الصين على نتيجة سالبة لفحص كورونا أن يخضع لعزل صحي. وفيما ألغت الصين من جانبها ذلك الشرط، قالت كوريا الجنوبية إن على القادم من الصين غير المصاب بالفايروس أن يقضي العزل الصحي على نفقته. وتقدمت كل من كوريا الجنوبية واليابان (الثلاثاء)، باحتجاج رسمي على إعلان سفارتي الصين في سول وطوكيو وقف منح تأشيرات الدخول لمواطني البلدين الراغبين في السفر للصين. وقال وزير الخارجية الكوري الجنوبي بارك جن إن قرار بلاده في شأن القادمين من الصين اتخذ بناءٍ على «أدلة علمية». ونفى أن ينطوي على أي تمييز ضد الصينيين. ووصف قرار الصين بحق المسافرين إليها من كوريا الجنوبية بأنه «مؤسف جداً». وفي تطور يؤكد تفاقم الأزمة الدبلوماسية بين البلدان الثلاثة، قالت هيئة الهجرة الصينية أمس (الأربعاء)، إنها قررت وقف استثناء الكوريين واليابانيين من تأشيرة العبور (ترازيت). ورجحت «رويترز» أن هذه الأزمة قد تؤثر في العلاقات الاقتصادية بين الدول الثلاث. وكثفت الصحف الحكومية الصينية أمس (الأربعاء)، تغطيتها لما سمته «الإجراءات الحدودية التمييزية» التي اتخذتها كوريا الجنوبية واليابان. ودافعت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية عن الإجراءات الصينية بحق القادمين إليها من اليابان وكوريا، واصفة التدابير التي اتخذها البلدان بأنها «رد مباشر ومعقول لحماية المصالح الصينية المشروعة، خصوصاً بعدما واصل عدد من البلدان تضخيم الوضع الوبائي في الصين، بوضع قيود على السفر لأغراض سياسية». وصب مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي غضبهم على كوريا الجنوبية بشكل خاص، واصفين إجراءاتها في المطار للقادمين من الصين بأنها «مهينة». وقالوا إنها تدابير تستخدم ضد مجرمين. وكان إنفاق السياح الصينيين في أسواق اليابان وكوريا الجنوبية تجاوز 250 مليار دولار قبيل اندلاع الوباء العالمي. وأعرب عدد من الدول عن القلق من «عدم شفافية» البيانات التي تقدمها الصين حول أزمتها الصحية. وقالت منظمة الصحة العالمية إن الصين تتكتم على العدد الحقيقي لوفياتها بكوفيد19. وظلت الصين تعلن أربع أو خمس وفيات بكوفيد19 فقط يومياً خلال الشهر الماضي، وهو أمر يناقض الطوابير الطويلة أمام محلات متعهدي دفن الجثامين وحرقها. وقال رئيس لجنة خبراء كوفيد19 في المفوضية الصحية الوطنية الصينية ليانغ وانيان إنه لا يمكن إحصاء عدد وفيات كوفيد بدقة إلا بعد انتهاء نازلة كورونا. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس (الأربعاء)، صوراً مؤثرة تكشف فداحة الأزمة الصحية في شنغهاي، حيث تغص المستشفيات بالمنومين، وتتزايد الحشود أمام محلات متعهدي دفن الموتى. وكانت السلطات المحلية قالت الأسبوع الماضي إن نحو 70% من سكان شنغهاي، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، أصيبوا بالفايروس. وعلى رغم أن السلطات تمسكت بأن موجة العدوى بلغت ذروتها، وأخذت تنحدر؛ فإن استمرار امتلاء مشافي شنغهاي بالمرضى، خصوصاً المسنين، يدل على أن الأمر ليس كما صورته السلطات هناك. وكان سكان شنغهاي خضعوا للإغلاق خلال الربيع الماضي لأكثر من شهرين.

قالت منظمة الصحة العالمية، أمس الأول، إن على دول العالم أن تدرس إصدار توصية للمسافرين على متن الرحلات الجوية الدولية للمسافات البعيدة بالالتزام بارتداء الكمامات طوال زمن الرحلة، بسبب التفشي المتسارع في الولايات المتحدة لعدوى متحورة XBB.1.5 المتحدرة من سلالة أوميكرون. وأكد مسؤولون من منظمة الصحة العالمية وعدد من المسؤولين الأوروبيين (الثلاثاء)، أن تلك المتحورة تم اكتشاف وصولها إلى عدد متزايد من البلدان الأوروبية.