حرب هتلرية…خليل قانصوه
2024 Oct,26
تشير الفيلسوفة الألمانية ـ الأميركية حنا أرند في كتابها ” أيخمان في القدس “، إلى أن السلطات الألمانية النازية كانت تفضل التعاون مع الحركة الصهيونية على حساب ” الجمعية المركزية للمواطنين الألمان اليهود ” بالرغم من أن هذه الأخيرة كانت تضم 95 % من اليهود النشيطين في الأحزاب السياسية والجمعيات، حيث تذكر بهذا الصدد مسائل جرى التنسيق بشأنها بين الحركة الصهيونية و السلطات الحكومية لتشجيع وتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، أبرزها اتفاقية هآفارا التي تجيز للمهاجر استبدال أمواله ببضائع ألمانية تصدر إلى فلسطين، و التواصل المباشر بين مبعوثين صهيونيين كانوا يأتون من فلسطين من جهة و السلطات الأمنية الألمانية، غيستابو من جهة ثانية لاختيار ” مادة بشرية صالحة ” في معسكرات الاعتقال ضمنا و إعدادهم مهنيا في ألمانيا نفسها قبل أرسالها إلى فلسطين.
نكتفي بهذا التوطئة لنقول أن الحزب النازي الألماني ألذي صعد إلى السلطة في الأصل، ليكون أداة ردع ضد الحركات الشعبية الوطنية،اصطنع برنامج عمل يتمحور حول إنهاض ” القومية الألمانية ” لتتبوآ ” القمة ” على سلم تصنيفٍ للناس مستقىً من نظرية الداروينية الاجتماعية التي يرجع إليها دعاة التمييز العنصري و تحسين النسل، اتبع نهجا فاشيا في الحكم اشتمل فيما اشتمل، على فرض الفكر الواحد و على التطهير العرقي الذي تمثل بالتخلص من اليهود و الغجر والمعاقين جسديا وعقليا، عن طريق ترحيلهم أو استئصالهم، متوخيا بذلك خلق “جبروت القومية الألمانية ” كما تمظهر خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) ومن المعلوم أيضا بهذا الصدد أن الفكر القومي يستدعي دائما الأساطير التي ترسم الطريق إلى الإنجازات القومية العظيمة و البطولية التي تحققت في الماضي و التي لا مفر من تحقيقها من جديد، حتى لا تتساوى القومية التي يعمل من أجلها بغيرها، “فتسبقها ” قومية أخرى و تمنعها من استعادة أمجادها الماضية و درجتها الأعلى.
تقودنا هذه المقاربة إلى التوقف أمام حدثين:
ـ أولا: إعلان إسرائيل “دولة للقومية اليهودية” تجسيدا لإنهاض القومية اليهودية تحت قيادة الصهيونية، وتكرار مبادرتها إلى الحرب، إلغاء ً لخصومها الإقليميين، آخرها الحرب الدائرة حاليا، منذ عام و نيف . لا نجازف بالكلام أن الهدف منها تحطيم الشعب الفلسطيني و التوسع من أجل استرجاع كل ” الجغرافية التوراتية ” بحيث تصير الدولة الإقليمية الكبرى و المسيطرة،
ـ ثانيا: من المعلوم في هذا السياق أن الدول الأوروبية الغربية عموما و الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تعايشت مع الدولة الألمانية النازية و تعامت عن اممارستها سياسة،التمييز على أساس أصالة النسل و العرق، و تعاونت معها في المجالات الاقتصادية وفي التصدي لخطر الثورات العمالية انطلاقا من الثورة البلشفية في روسيا . ها هي هذه الدول تتعايش مع السلوك الذي تنتهجه القيادة الصهيونية في فلسطين أحياء للأساطير التوراتية، و تدعمها، وتشاركها و تظللها بحمايتها، تتقدمها يا للمصادفة الولايات المتحدة الأميركية و المانيا، كما لو أنها تبنت مبادئ النازية دون أخطاء هتلر الذي أشعل جبهة الغرب قبل جبهة الشرق .
كاتب لبناني