كشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة “التحرير الفلسطينية” حسين الشيخ في حديث لـصحيفة”العربي الجديد”، عن أنه لا توجد خطة أمنية أميركية في اجتماع العقبة، رافضاً القول إن اللقاء كان لقاءً أمنياً فقط، بل هو لقاء سياسي وأمني، ستتبعه جلسة أخرى في شرم الشيخ المصرية في السابع عشر من مارس/آذار المقبل.
ولدى سؤاله عن التصريحات التي صدرت بعد لقاء العقبة من كبار الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين، بأن إسرائيل لن تنفذ أي شيء من مخرجات اللقاء، قال: “هذه مشكلة الحكومة الإسرائيلية وليست مشكلتنا، هذه حكومة يمينية متطرفة، برنامجها هو الضم والاجتياح، وهدم البيوت، وهذا مسلسل طويل من إجراءات الاحتلال”، مضيفاً: “بناءً عليه، نحن حددنا أن مطلبنا الرئيسي خلال مرحلة انتقالية تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر هو وقف كل هذه الإجراءات الأحادية الإسرائيلية، بدءاً من موضوع الاستيطان، إلى الاقتحامات، وهدم البيوت، والأمر الواقع في الحرم القدسي الشريف، وما يتعرض له الأسرى من سياسات قمعية جديدة، ونحن قمنا بنشر 13 مطلباً فلسطينياً تندرج تحت بند الإجراءات الأحادية الإسرائيلية”.
وتابع الشيخ: “منذ فترة ونحن نتحدث مع الإدارة الأميركية وأشقائنا العرب والعديد من دول العالم، إذا كان هناك مطلب ملحّ سواء بالتهدئة أو بفتح أفق سياسي مستقبلاً، يجب أن يكون مدخل ذلك هو وقف الإجراءات الأحادية، وهذا كان جوهر لقاء العقبة”.
وأضاف: “يبقى السؤال المهم على الطاولة هل إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات الموقعة أم لا؟ معروف تماماً أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأكثر يمينية، وربما جزء منها لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني، لذلك كان من المهم جداً أن يقر الوفد الإسرائيلي أمام الإدارة الأميركية، ومصر، والأردن بأنه يعترف بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل”.
وتابع الشيخ: “نريد أن نتفق على الفترة الزمنية المحددة التي اقترحنا أن تكون ستة شهور، يوقف فيها الطرف الإسرائيلي كل إجراءاته المدمرة، ونحن مهمتنا كقيادة فلسطينية أن نحمي دماء شعبنا من استباحة الاحتلال والمستوطنين له، وبناء عليه عندما دخلنا إلى بعض التفاصيل كانت هناك وجهات نظر مختلفة بيننا وبين الطرف الإسرائيلي، بحضور الأطراف الضامنة والمشاركة في الاجتماع، ولم نتوصل إلى تفاهمات نهائية أو اتفاق نهائي، وبناء عليه جرت الدعوة إلى عقد جلسة أخرى في 17 مارس/ آذار المقبل في شرم الشيخ، لاستكمال البند الرئيسي المطلوب إنجازه، وهو وقف الإجراءات الأحادية الإسرائيلية”، لافتاً إلى أن “هذا كان الهدف الأساسي من لقاء العقبة، وكان الموقف الأردني والمصري مسانداً للمطالب الفلسطينية”.
لا تنازل فلسطينياً
وإن كان لقاء العقبة أمنياً، وهدفه القضاء على المجموعات المقاومة المسلحة في جنين ونابلس، قال الشيخ: “لأول مرة منذ سنوات طويلة يحدث هذا اللقاء، وإسرائيل كانت ترفض أي لقاء سياسي معنا، لأول مرة يُعقد لقاء سياسي، لم يكن لقاء أمنياً”، سائلاً: “هل وزراء خارجية الأردن ومصر رجال أمن؟ مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف؟”، مستطرداً: “وأنا شخصياً لست ضابطاً أمنياً، أنا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الاجتماع كان سياسياً وأمنياً، أي يجب أن تكون هناك مقدمات سياسية قبل أن تكون هناك أي تفاهمات أمنية بيننا وبين إسرائيل”.
وتابع الشيخ: “الطرف الفلسطيني لم يقدم أي تنازل، وقف التنسيق الأمني ما زال قائماً، لأن هذا مرتبط بتنفيذ إسرائيل وقف الإجراءات الأحادية، حينها نحن مستعدون لإعادة الترتيبات الأمنية لتنفيذ هذه الصفقة الكبيرة المتعلقة بوقف الإجراءات الأحادية”.
ونفى الشيخ أن يكون كل المشاركين عن الجانب الإسرائيلي مسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية، قائلاً: “ليس صحيحاً، مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي هو الفم الواصل إلى أذن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو موقع سياسي وليس أمنياً”، مشدداً على أن “الحضور من كل الجهات الموجودة هو سياسي أمني، فلذلك محاولات البعض وصم الموضوع بأنه أمني لغايات حزبية أو شخصية أو للدعاية، هي غير مسؤولة”.
وأضاف الشيخ، “نحن أصرينا أن يكون اللقاء سياسياً أمنياً، أم يجب أن نلصق تهمة الاجتماع أمني ونقطة، هذا ما تقوله بعض القوى والشخصيات التي لديها موقف مسبق وتريد أن توسم هذا اللقاء بأنه أمني”.
وتطرق الشيخ إلى مسألة المشاركة في اللقاء، رغم رفض أحد عشر فصيلاً سياسياً فلسطينياً مشاركة القيادة الفلسطينية في لقاء العقبة، منها فصائل “منظمة التحرير”، فقال: “هذا حقهم الطبيعي، نحن لا نطالب التنظيمات بالموقف نفسه، لكن كل ما جرى نُوقش في إطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وفي إطار القيادة الفلسطينية، وكان هناك شبه إجماع على هذه الخطوة”.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن “فصائل منظمة التحرير التي رفضت المشاركة في بياناتها أمس، كانت مطلعة على اللقاء في اجتماعات القيادة واجتماعات منظمة التحرير، منذ أسابيع لأن اللقاء لم يكن وليد الأمس”، معتبراً أنه “من حق التنظيمات أن تعترض، ونتفهم الاعتراض المسؤول، لكن ليس من حق أحد أن يعطي صكوك غفران بالوطنية لأحد، كل طرف ينظر لنفسه وما يقوم به بالباطن من تفاهمات، ثم يتهم الآخرين”.
وقال الشيخ: “صحيح أن هناك بعض الأصوات التي تحفظت أو رفضت، لكن في النهاية كان هناك شبه إجماع من القيادة أنه يجب أن نذهب للقاء العقبة لحقن الدم الفلسطيني أمام هذا الإرهاب الإسرائيلي، ولتجنيد المجتمع الدولي بجانبنا”.
لا خطة أمنية
ونفى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة “التحرير الفلسطينية” في حديثه لـ”العربي الجديد”، عرض الخطة الأمنية للمنسق الأميركي مايك فينزل في اجتماع العقبة، مؤكداً أنه “لم تعرض أي خطة أمنية في الاجتماع، لا إسرائيلية ولا أميركية ولا غيره”.
وقال الشيخ: “لا توجد خطة أمنية أصلاً، كيف لي أن أصنع خطة أمنية وإسرائيل تأخذ كل المسؤولية والصلاحيات في اجتياح كل الضفة الغربية”، مضيفاً: “نحن أبلغنا إسرائيل والأميركيين والجميع بأننا لن نتقاسم وظيفياً مع إسرائيل في موضوع الأمن في الضفة الغربية”، مشدداً على أن “قوات الأمن الفلسطينية غير مستعدة لأن تعمل في النهار وقوات الاحتلال تعمل في الليل، هذا ليس دورنا وليست مهمتنا، إما أن نأخذ المسؤولية الأمنية كاملة وفق الاتفاقيات، أو أن تستمر إسرائيل كقوة احتلال”.
وكرر التأكيد أنه لم يُطرح أي شيء اسمه “خطة أمنية” على طاولة النقاش في العقبة، ولا قبل العقبة، والمطلب الوحيد لنا لفترة انتقالية هو وقف الإجراءات الأحادية الإسرائيلية”.
وردّ الشيخ على سؤال عن لقاءات جمعته مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي، والتي مهّدت للقاء العقبة، بالقول: “نحن لا نعمل شيئاً بالباطن أو الخفاء. كانت هناك اتصالات ولقاء بيني وبينه للتمهيد للقاء العقبة، وللتمهيد لوقف الإجراءات الأحادية الإسرائيلية”.
وعن مكان وزمان اللقاء، قال الشيخ: “اللقاء حصل لمرة واحدة، ولكن كان هناك اتصالات هاتفية عدة بيني وبينه”، رافضاً الكشف عن مكان اللقاء.
وفي سؤال آخر: إذا توقف التنسيق الأمني حقيقة، لماذا ليلة أمس كان هناك قمع للمتظاهرين الفلسطينينين قرب مقام “يوسف” شرق نابلس؟ أجب الشيخ: “غير صحيح، لا يوجد أي شكل من أشكال التنسيق الأمني بيننا وبين إسرائيل، لم أسمع تفاصيل هذا الحدث قرب قبر يوسف، لذلك لا أستطيع أن أعلق عليه، لكن بما يتعلق بالتنسيق الأمني فهو متوقف بقرار القيادة الفلسطينية.
وجدّد الشيخ تأكيد عدم وجود أي شكل من أشكال التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لافتاً إلى أنه متوقف بقرار القيادة الفلسطينية.
الاستيطان
وعن الاستيطان وإقرار لجنة التخطيط للمستوطنات بناء 10 آلاف وحدة وشرعنة 9 بؤر استيطانية، قال الشيخ: “موقفنا واضح، وقف الاستيطان كاملاً في القدس الشرقية والضفة الغربية، هذا مطلبنا في اللقاء، أنا لا أثق أنهم سينفذون ما قالوه في العقبة، هذه ليست أول اتفاقية أو تفاهم بيننا وبينهم”، مضيفاً: “هناك وزراء إسرائيليون قالوا، أمس، إن الاتفاق في العقبة سيبقى في العقبة، وغيرها من التصريحات الإسرائيلية عن مواصلة الاستيطان، أنا أفاوض دولة أو عصابات! إذاً الخيار خيار الأرض فليكن خيار الأرض”.
وفي سؤال هل أنتم نادمون على سحب مشروع قرار إدانة الاستيطان من مجلس الأمن الأسبوع الماضي، بعد ما حدث في بلدة حوارة من هجوم وحشي للمستوطنين؟ أجاب الشيخ: “من قال إننا سحبنا مشروع القرار؟ هذا غير صحيح، لم نسحب القرار ونقطة”، لافتاً إلى أن “القرار لم يصل للون الأزرق، والولايات المتحدة الأميركية مارست ضغطاً على كل دول العالم. لم يكن هناك سحب للمشروع من الجانب الفلسطيني، ولا أريد أن أتحدث أكثر في هذا الموضوع”.
الضمانات
وتحدث الشيخ عن ضمانات التزام إسرائيل بتفاهمات العقبة، قائلاً: “نحن طلبنا أن تكون هناك ضمانة دولية ورقابة لأي تفاهمات، لكننا لم نصل إلى تفاهمات شاملة كاملة حتى الآن، طلبنا أن تكون ضمانات دولية بالتنفيذ، وطلبنا على الأقل ضمانة ثلاثية أميركية – أردنية – مصرية، وطرحنا ذلك أمام الجهات التي حضرت لقاء العقبة”، مؤكداً أن الدول أبدت استعدادها لذلك، لكن إسرائيل لم تجب عنه”، مذكراً بأن “طلب عقد لقاء العقبة كان بتنسيق ثلاثي أميركي أردني مصري، ونحن لبينا الدعوة فوراً”.
وتابع الشيخ: “أميركا ومصر والأردن وافقت على أن تكون الضامن والمراقب للتنفيذ في حال الوصول إلى اتفاق”، مشيراً إلى أن “ما جرى في الأمس هو مفاوضات. أنا أفاوض من يحتل شعبي ويقتله. في العادة تتفاوض الدول في ظل الحروب والاشتباك، وحتى في ظل المواجهة، الدول تتفاوض من أجل أن تصل لصيغ معينة، ومهمتنا أن نحقن دماء شعبنا، والحفاظ على حقوقنا وألا نتنازل عن ثوابتنا”، قائلاً: “أنا أتحدى إن كان الطرف الفلسطيني قد قدم تنازلاً واحداً في لقاء العقبة أو في غيره”.
وفي سؤاله عن سبب غياب قيادات فلسطينية من الصف الأول عن الميدان مع الناس، بعدما ساند وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المستوطنين في حوارة، منتصف ليل الأحد الاثنين، ليردّ: “هو أنا ماسك حدا ينزل، أنا بفاوض في العقبة، أنا ماسك حدا أنه ينزل في مقاومة شعبية مع الناس؟”.
وعند سؤاله، ما الذي يمنع قيادات “فتح” التي تقود الشارع في اللجنة المركزية، أو أعضاء التنفيذية من الوجود مع الناس لحظة الحدث، قال: السلطة لم تمنع أحداً من المقاومة الشعبية وكذلك الأمن، أين قيادات التنظيمات الأخرى التي تشبعنا شعارات؟ وأنا أقول نعم يجب على القيادات أن تكون في الميدان والشارع، كل في إطار مهامه ودوره، هذه معركة مع إسرائيل على كل الجبهات، ونحن لا نفاوض سراً ولا من تحت الطاولة”.
وعن كيفية انعكاس عملية حوارة على اللقاء في العقبة، قال الشيخ: “لم يُفتح الموضوع في اللقاء إطلاقاً”.
وعن اعتقاده بأن شهر رمضان المقبل سيشهد مزيداً من التصعيد بعد اعتداءات المستوطنين في حوارة، اعتبر الشيخ أن ذلك مرهون بالاحتلال وقطعان المستوطنين، وقال: “نحن أمام هولاكو جديد، في الحكومة الإسرائيلية من لا يرَى أن هناك شعباً فلسطينياً، ويسعى لترحيلنا، لقد قلنا لهم في العقبة هل يعقل أن لدينا أكثر من 300 شهيد في أقل من عام ونصف، وآلاف الجرحى وعشرات البيوت المهدمة؟ لقد زوّدنا الأميركيين والأردن ومصر منذ يوم أمس، بما قامت به عصابات المستوطنين السرية التي تعمل بإسناد من جيش الاحتلال”.