حكاء أغواه الشعر.. من هو أول وزير للتنمية المحلية في مصر؟


09:30 ص


الثلاثاء 26 أكتوبر 2021

كتب- محمد نصار:

يبلغ عمر وزارة التنمية المحلية في مصر نحو 22 عامًا منذ صدور قرار تأسيسها عام 1999 وفق القرار الجمهوري الصادر حينها.

وبحسب قرار إنشاء الوزارة جرى تعيين اللواء مصطفى عبدالقادر، كأول وزير للتنمية المحلية عقب تأسيسها، من قبل الدكتور عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء آنذلك.

عبدالقادر حكى عنه الكاتب الصحفي، أحمد الجمال، في مقال حديث منشور له عام 2016 بمناسبة مرور عام على وفاته، قائلًا: “اليوم يمر عام على رحيل صديق وأخ كبير جمعتني به صداقة فيها تناقض مثير، إذ ينتمي إلى جهاز الشرطة، وقضى معظم عمره ضابطا في المباحث”.

بحسب رواية الكاتب الصحفي فإن بداية الصداقة بينهما أتت لأن الجمال منذ 1968 من المشاغبين سياسيًا على المستوى الداخلي المصري والخارجي العربي، فيقول: “لأنني كنت مشاغبًا، كنت ضمن اهتمامات المباحث العامة، ثم أمن الدولة، وعليه فقد كنت -ولفترة طويلة- ضمن اهتمامات وعمل اللواء مصطفى عبدالقادر، الذي صار مديرًا للجهاز، ثم تولى منصب وزير التنمية المحلية”.

وروى أنهم صاروا أصدقاء بعد تركه الخدمة، متابعًا: “كنا نلتقي ربما يوميًا لاكتشف أن الضابط المحترف جدًا يملك روح شاعر وموسيقي وحكاء من طراز بديع، دخل كلية الشرطة رغم أنفه، لأنه كان يود أن يدرس الطب، وخضع لمشيئة أبيه محمد عبدالقادر، مراقب عام البرامج السياسية في الإذاعة المصرية خلال الخمسينات بدخول البوليس”.

وفي كلية الشرطة تخرجت أول دفعة درست ليسانس الحقوق مع بكالوريوس العلوم الشرطية عام 1959، وهي دفعة مصطفى عبدالقادر، ثم توزيعها إلى محافظة الجيزة.

ولأنه يملك حاسة الشعر وهواية العزف على بعض الآلات الموسيقية وروح الحكاء الروائي كان اقترابه شديدًا من قهوة عبدالله في الجيزة والتي كانت مقر الإقامة الليلية يوميا لمجموعة من أشهر أدباء مصر منهم محمود السعدني وعبدالقادر القط. وأنور المعداوي وزكريا الحجاوي وغيرهم.

دخل عبدالقادر دروب المباحث حيث الخدمة مع كبار الضباط من عينة حسن أبوباشا، ومن بعدها أمن الدولة حيث تخصص في الشؤون العربية والتي كان من بين اختصاصاتها متابعة الطلاب العرب الدارسين في مصر ومتابعة مكاتب التنظيمات الطلابية والسياسية العربية.

وشاءت الأقدار أن يكون عبدالقادر في المجموعة الأمنية التي تسافر مع الرئيس جمال عبدالناصر إلى المغرب، وبحسب الكاتب أحمد الجمال، فإنه بعد منتصف الليل بقليل وكانت درجة الحرارة تقارب الصفر مئوية شعر الرئيس ناصر بحركة في شرفة غرفته وإذ به يفتح الباب ليجد “بتاع المباحث” كما كان يناديه، بحسب الجمال، واقفا في البرد.

سأله الرئيس: “ماذا تفعل هنا؟.. ليرد: أؤدي واجبي في حراسة رئيس الجمهورية.. ويرد الرئيس: وأنا رئيس الجمهورية آمرك بأن تدخل من هذا البرد.. ليرد الشاب: لا يا فندم لن أدخل وأترك خدمتي.. ويشتعل الحوار لينتهي بأن يخلع الرئيس الروب الذي يرتديه ليضعه بتاع المباحث على كتفيه”.

وضعه القدر أيضًا في مأساة “أيلول الأسود” أو أحداث سبتمبر في الأردن ليعيش تفاصيل الصدام بين الملك حسين وجيشه والمنظمات الفلسطينية وهي تفاصيل شديدة الدقة والإثارة حول الاقتتال والموت إلا أن الشاعر والموسيقي والحكاء يتوقف عند صاحبة البنسيون في عمان المتحكمة في المياه شديدة الندرة والطعام الأشد ندرة، ويحكى عن لهجتها، ونوادرها مع المقيمين عندها، وفيهم دبلوماسيون ورجال أمن ومخابرات.

وتوفى عبدالقادر يوم الاثنين 19 أكتوبر 2015 عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عاما بعد صراع مع المرض.