حول إنهيار حكومة الاحتلال،،، مصطفى إبراهيم

يرجح أن السماح بإدخال المأكولات الـ حاميتس-الخميرة، (ليست حلالا بموجب الشريعة اليهودية)، خلال عيد الفصح اليهودي للمستفيات، هي السبب وما سرع بقرار عيديت سيلمان الاستقالة من الائتلاف الحكومي.
 

سيلمان هي عضو الكنيست الثانية من حزب “يمينا” التي تنسحب من الائتلاف، بعد عضو الكنيست عاميحاي شيكل. وبذلك يصبح عدد أعضاء الكنيست في الائتلاف 60، ما يعني أن الائتلاف لن يتمكن من تشريع قوانين، وخاصة قوانين أساس، كما أنه قد لا ينجح بتمرير ميزانية الدولة. ما يعني العودة إلى جمود سياسي وجمود في عمل الحكومة.
 

الحقيقة أن استقالة سيلمان من الائتلاف، كما وصقتها أنها بسبب خلافات أيديولوجية مع شركاء بالحكومة من أحزاب اليسار الصهيوني، وقالت سيلمان أنها حاولت تحقيق الوحدة وعملت من أجل الائتلاف الحالي، لكني أرفض المشاركة في إلحاق أضرار بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعب إسرائيل. وأن الهوية اليهودية لدولة إسرائيل، هي جوهر وجودنا هنا، والمساس بذلك دون أي اعتبار للجمهور الذي أمثله، والقيم التي أؤمن بها، بمثابة خط أحمر بالنسبة لي.
 

على ضوء استقالة سيلمان تدققت الدماء في عروق زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو من جديد وأعلن خطاب النصر المنتظر، وقاد تظاهرة لأنصار اليمين الإسرائيلي المتطرف والمستوطنون الذين تجمعوا في مدينة القدس، شارك فيها أعضاء كنيست، وذلك احتجاجا على تدهور الوضع الأمني وفشل الحكومة بالتعامل مع موجة العمليات الأخيرة.
 

ودعا نتنياهو إلى وحدة المعسكر القومي الصهيوني، كما دعا أعضاء الائتلاف الحكومي عن أحزاب اليمين إلى العودة إلى بيتهم الأيديولوجي، وخاطبهم قائلا: ضعوا كل رواسب الماضي جانبا وارجعوا الى المعسكر القومي، أبوابنا مفتوحة لكل من انتخب بأصوات اليمين لإعادة دولة إسرائيل إلى مسارها القيمي والقوي، مسار الانتصار.
 

في الوقت نفسه أظهرت استطلاعات الرأي التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، مساء الأربعاء، أن نتائج انتخابات قد تجري اليوم ستكون مشابهة تقريبا لنتائج الانتخابات الأخيرة.
 

وبحسب مختلف الاستطلاعات، فإن حزب الليكود يتصدر برئاسة بنيامين نتنياهو، نتائج الانتخابات، غير أنه لن يتمكن من تشكيل حكومة، وهو أمر مشترك مع الكتلة المناوئة له، والتي تفشل بدورها في الحصول على أغلبية برلمانية.
 

وبذلك، تكون إسرائيل، بتوجهها إلى انتخابات جديدة ستكون السادسة خلال ثلاثة أعوام، قد عادت إلى المربع الأول، والدوامة السياسية التي تعطل تشكيل حكومة في ظل الانقسام بين المعسكرات.
 

استقالة سيلمان من منصبها وانسحابها من الائتلاف، تعني انه لا توجد أغلبية لما تسمى حكومة التغيير الحالية التي يقودها نفتالي بينيت، بعد أن تعادلت مع المعارضة التي أصبح بحوزتها 60 عضو كنيست، مقابل 60 عضو للائتلاف. طبعا كل الاحتمالات واردة من تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو الى الذهاب لانتخابات جديدة.
 

مع العلم أن حل الكنيست وإسقاط الحكومة يحتاج إلى تأييد 61 عضو كنيست على الأقل. كما أن تشكيل حكومة جديدة يحتاج إلى تأييد 61 عضو كنيست على الأقل.
 

يبدو ان كل الاحتمالات واردة سواء بقدرة نتنياهو على تشكل حكومة والذهاب لانتخابات جديدة، مع جميع أن السيناريوهات مفتوحة، سواء باستمرار ولاية الحكومة الحالبة وبقاءها عاجزة عن أداء مهامها، أو تشكيل حكومة بديلة برئاسة نتنياهو، أو الذهاب إلى انتخابات جديدة. ومن غير المؤكد أن تسفر عن نتيجة تسمح بتشكيل حكومة جديدة، لكنها لن تعيد كتلة التغيير بقيادة بينبت لبيد المناوئة لنتنياهو إلى الحكم، خاصة وأنها لم تشكل بديلا سياسيا أو اقتصاديا لحكم نتنياهو خلال 12 سنة سابقة.
 

استقالة سيلمان أوقعت الساحة الإسرائيلية في أزمة جديدة أعادتها الى العام 2019، وحكومة بينيت لبيد على شفا حافة الإنهيار، وهذا دليل على عدم إستقرار النظام السياسي الإسرائيلي، في وقت نجحت إسرائيل في تعزيز مكانتها الإقليمية، على حساب القضية الفلسطينية وبؤس واقع النظام العربي، الذي يمنحها التفوق والقوة، في حين أنها تعاني عدم استقرار وضعف نظامها السياسي.
 

وفي حال عاد نتنياهو أو ظلت حكومة التغيير قائمة، فهي ستستمر في سياساتها، بالتنكر لحقوق الفلسطينيين، واستمرار عمليات أسرلة وتهويد القدس، ووسرقة الاراضي، وبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، وعمليات التهجير القسري ومحاولة إلغاء الوجود الفلسطيني من المناطق المصنفة (ج) وتخصيصها كعمق إستراتيجي للاستيطان. وحصار قطاع غزة واستمرار العدوان والجرائم.
 

وهذا ما يتطلب سياسة فلسطينية جديدة، وعدم الإنتظار في الانفاق، ووعود الحلول الاقتصادية والتسهيلات التي تقدمها إسرائيل في الضفة وغزة، هي لتبييض صورة الاحتلال، ولإخضاغ الفلسطينين وشراء سكوتهم على التهويد والجرائم والقتل اليومي. واذا ما بقي حال الفلسطينيين على ما هو عليه، فهو كارثة خصوصا على حساب القضية الفلسطينية.