خطة روسية لوقف مضادات أوكرانيا

يشن جيش موسكو حملة شرسة، تستهدف تحديد موقع القوات الأوكرانية، وصرف انتباهها عن هجومها المضاد الطاحن، وتقليل عدد القوات التي تستطيع كييف إرسالها إلى معارك أكثر أهمية في الجنوب.

ويهدد تكتيك الكرملين بإبطاء وتيرة الهجوم المضاد الذي بدأ قبل ثلاثة أشهر تقريبا، بعدما أسفرت الجهود التي بذلتها كييف لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا عن مكاسب ضئيلة. ويذكر محللون أن الوقت ينفد بالنسبة للقوات الأوكرانية التي يتعين عليها أن تحاول تحقيق أقصى استفادة من الأسابيع القليلة الأخيرة من موسم القتال الصيفي.

ويعتبر الجيش الأوكراني الآن أن المعارك في شمال شرق البلاد، وتحديدا بالقرب من بلدة كوبيانسك في منطقة خاركيف الشمالية، وفي الغابات القريبة من ليمان، هي الهجوم الرئيسي لروسيا.

في الوقت نفسه، تتركز العمليات الهجومية الرئيسية لأوكرانيا في الجنوب، حيث تتقدم ببطء نحو شواطئ بحر آزوف، في محاولة واضحة لقطع الممر البري إلى شبه جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا في 2014.

صعوبة المعركة

في الوقت نفسه، يتعين على الأوكرانيين أن يتعاملوا مع القيود المفروضة على القوى البشرية، والقوة الجوية والمدفعية. ويضيف موسم الأمطار الخريفي الذي يلوح في الأفق المزيد من الإلحاح لمعركة صعبة بالفعل، حيث ستعيق الأرض الموحلة مشاة كييف وآلياتها الثقيلة.

وقد عبّر بعض حلفاء أوكرانيا سرا عن قلقهم من أن الهجوم المضاد قد لا يكون ناجحا، بينما يرد الجنود بأن كل كيلو متر من التقدم هو عمل شاق ضد عدو محصن جيدا.

ورفض مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، فكرة أن أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود، قائلا الأسبوع الماضي إن الأوكرانيين «يعملون وفقا لتكتيكاتهم وجدولهم الزمني».

وقد وصلت مخاوف الحلفاء إلى الجنود الأوكرانيين على خط المواجهة.

ومما يعكس الإحباطات، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا هذا الأسبوع إن انتقاد الوتيرة البطيئة يساوي «البصق في وجه الجندي الأوكراني الذي يضحي بحياته كل يوم».

الشمال الشرقي

في الشمال الشرقي، كثفت روسيا عمليتها في منتصف يوليو، وحشدت 100 ألف جندي. وتشير البقع الداكنة من الأشجار المحروقة إلى المكان الذي هاجمت فيه المدفعية الروسية المواقع الأوكرانية في الغابات الخضراء بالقرب من ليمان. ويمزح الجنود قائلين إن المنطقة التي يطلق عليها السكان المحليون اسم «الغابة الفضية» أصبحت الآن غابة سوداء.

وعلى مشارف كوبيانسك، ينبغي على القوات الأوكرانية التحرك عبر الحقول المفتوحة في الغالب بالقرب من مستوطنة سينكيفكا، حيث ركزت القوات الروسية تقدمها. وقد تم تدمير القرى المجاورة، مما لم يترك للقوات الأوكرانية سوى خيارات قليلة للاحتماء.

وقال قائد مدفعية اللواء فيكتور يورشوك: «العدو يحاول التقدم باستمرار..القتال مستمر دون توقف».

وأوضح الكولونيل الجنرال ألكسندر سيرسكي، قائد القوات البرية الأوكرانية، أن القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها في منطقتي كوبيانسك وليمان، وتنشر ألوية وفرقًا تم تشكيلها حديثًا، بالإضافة إلى الأسلحة.

وأضاف نائب وزير الدفاع، حنا ماليار، أنه تم أيضًا نشر وحدات محترفة محمولة جوا حول أفدييفكا جنوبًا في منطقة دونيتسك، حيث يخوض الجيشان أيضًا معارك.

وبصرف النظر عن منع القوات الأوكرانية من إعادة الانتشار في الجنوب، فإن التقدم الروسي في الشمال الشرقي من شأنه أن يخلق أيضًا منطقة عازلة وقائية لخطوط إمداد الكرملين. وتأمل موسكو في وقف التقدم الأوكراني في باخموت، حيث سيطرت القوات الأوكرانية أخيرا على مرتفعات ضمن نطاق أقرب من طرق الإمداد الروسية تحدي التقييمات

تحدى جورج باروس، المحلل في معهد دراسة الحرب، ومقره الولايات المتحدة، التقييمات القائلة بأن الهجوم المضاد لا يسير على ما يرام.

وأضاف: «هذه الحملة تسير بأفضل ما يمكن بالنظر إلى الطريقة التي تم بها الدعم».

وقال باروس: «لأنه يبدو أن الروس يتمتعون بقدر محدود من المرونة في احتياطياتهم، فإن أي اختراق أوكراني صغير يقطع نقطة إستراتيجية في الخطوط الروسية قد يؤدي إلى تمدد قوات الكرملين إلى حد كبير».

وفي الوقت الحالي، لا يوجد ما يشير إلى أن جهود روسيا في الشمال الشرقي لها تأثير كبير على الهجوم الأوكراني في الجنوب.

وقال المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية، ألكسندر شتوبون: «في الوقت المحدد، لنفترض أن لدينا شهرًا إضافيًا تقريبًا قبل هطول الأمطار. أعتقد أنه لا يزال لدينا الوقت للقيام بأعمال هجومية، تمامًا كما يفعل عدونا أيضا».

النجاحات التي أحرزتها أوكرانيا منذ بداية الهجوم المضاد:

تقدمت 7 كيلو مترات (4.3 ميل) في منطقة زاباروجيا الجنوبية تغلبت على التحصينات الروسية الكثيفة الأسبوع الماضي، لاستعادة قرية «روبوتين»، وهو أول انتصار مهم من الناحية التكتيكية لأوكرانيا في ذلك الجزء من البلاد.

الفوز بالسيطرة على «روبوتين» جعلها تقترب خطوة واحدة من بلدة توكماك، وهي مركز مهم للسكك الحديدية تحتله روسيا، والذي من شأنه أن يمثل مكسبا إستراتيجيا كبيرا.

قال جندي أوكراني يحمل علامة النداء «الفيلق» المتمركز في زاباروجيا: «لقد تجاوزنا الخط الأول للدفاع الروسي، ونحن نقترب من الخط الثاني».