تسود الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية خلافات حول نجاعة أي نظام رقابة على البرنامج النووي السلمي السعودي يحول دون تحوله إلى برنامج عسكري، على اعتبار أن تدشين هذا البرنامج هو أحد شروط الرياض للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع تل أبيب.
وكانت تقارير إعلامية سابقة قد أشارت إلى أن مسؤولين إسرائيليين يعملون بهدوء مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنشاء عملية تخصيب لليورانيوم في السعودية بإدارة الولايات المتحدة، كجزء من صفقة ثلاثية معقدة لإقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل.
وتتفاوض الولايات المتحدة والسعودية على إطار صفقة تعترف السعودية بموجبها بإسرائيل، مقابل مساعدة المملكة على تطوير برنامج نووي مدني مع تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، من ضمن تنازلات أخرى يُتوقع أن تشمل الفلسطينيين وتقديم ضمانات أمنية أميركية.
وقال المعلق العسكري في قناة “13” ألون بن دافيد إن هناك تبايناً في الآراء داخل الأوساط العسكرية والأمنية في إسرائيل حول نجاعة أية ضمانات أو نظام رقابة على البرنامج النووي السعودي يحول دون تحول السعودية إلى دولة على حافة قدرات نووية، بعد السماح لها بتخصيب اليورانيوم على أراضيها.
وفي تحليل نشره موقع صحيفة “معاريف” مساء أمس، نقل بن دافيد عن أوساط أمنية قولها إنه بالإمكان فرض نظام رقابة ناجع لضمان عدم تحول البرنامج السلمي إلى برنامج عسكري.
وحسب المعلق الإسرائيلي، فإن هذه الأوساط ترى أن الشرط الوحيد الذي يضمن عدم تحول البرنامج إلى عسكري يتمثل في “تحكم الأميركيين في عملية تخصيب اليورانيوم داخل السعودية، بحيث يحظر على السعوديين تنفيذ هذه العملية من دونهم”.
في المقابل، شكك المدير السابق لمفاعل ديمونا الجنرال أودي آدم في جدوى أي برنامج رقابة في منع السعودية من التحول إلى دولة على حافة قدرات نووية بعد السماح لها بتخصيب اليورانيوم على أراضيها.
ونقل بن دافيد عن آدم قوله: “هل ترى كيف تعاملت إيران مع نظام الرقابة على برنامجها النووي، في نظم الحكم السائدة في دول المنطقة، الأمر يتوقف على إرادة الحاكم”.
دولة نووية
وأضاف آدم: “أن نمنح السعوديين قدرات لإنتاج مادة مشعة (يورانيوم مخصب) سيحولها إلى دولة نووية، وهذا ثمن باهظ ستدفعه إسرائيل. الدولة التي تحصل على قدرات لتخصيب يورانيوم لأغراض سلمية سيكون بوسعها أن تتخذ قرارا بتحويل البرنامج إلى برنامج نووي عسكري”.
وحسب آدم، فإنه بمجرد أن تتمكن السعودية من تخصيب اليورانيوم على أراضيها، فإن تركيا ومصر وغيرهما ستتجه إلى تدشين برامج نووية خاص بها.
وأكد بن دافيد أن هناك إجماع داخل الأوساط العسكرية والأمنية في تل أبيب على أنه ليس بوسع إسرائيل أن تتعايش مع تحول السعودية إلى دولة “على حافة قدرات نووية”، وتفجر سباق تسلح نووي في المنطقة.
وأشار إلى أن إسرائيل مطالبة في اتفاق التطبيع مع السعودية بالتنازل عن أحد مبادئ “استراتيجية الأمن القومي” المتمثل في “إحباط تدشين برنامج نووي لأي دولة في المنطقة”، بحيث تبقى تل أبيب ذات القدرات النووية وحدها.
ورأى بن دافيد أن مطالبة السعودية ببرنامج نووي سلمي يكون في إطاره بوسعها تخصيب اليورانيوم على أراضيها “يهدد بخسارة إسرائيل مكانتها الخاصة في المنطقة وإشعال سباق تسلح نووي فيها”.
وحسب بن دافيد، فإنه بمجرد أن تتمكن السعودية من تخصيب اليورانيوم على أراضيها، فإن إسرائيل ستفقد المسوغ الموضوعي لمطالبة إيران بوقف برنامجها النووي.
غياب المعلومات
وفي السياق، ذكر موقع صحيفة “معاريف” في تقرير آخر أن هناك ما يدلل على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يغيّب قادة الجيش وبعض الأجهزة الأمنية عن الاتصالات التي تجرى على صعيد الجهود الهادفة للتوصل إلى اتفاق التطبيع مع السعودية.
ولفت إلى أن نتنياهو يطلع فقط رئيس “الموساد” ديفيد برنيع على التطورات المتعلقة باتفاق التطبيع، ويشركه في المشاورات المتعلقة بتحديد الظروف اللازم توفرها من أجل التوصل إلى الاتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه نظرا للتداعيات بعيدة المدى المترتبة على الاتفاق مع السعودية، فإنه يتوجب إشراك الجيش وجميع الأجهزة الأمنية ذات العلاقة في بلورة الموقف الإسرائيلي وعدم الاعتماد على جهاز أمني واحد.
وشددت الصحيفة على أن دور قيادة جيش الاحتلال يجب أن يكون مركزيا في تحديد الموقف من طلب السعودية الحصول على برنامج نووي سلمي وعلى أسلحة متقدمة، محذرة من إمكانية أن يستغل نتنياهو حماس الرأي العام للتوصل إلى الاتفاق مع الرياض في تسويغ تغييب قادة الجيش عن اتخاذ القرارات المتعلقة بظروف هذا الاتفاق.
ولفتت الصحيفة إلى أن المؤسستين العسكرية والأمنية في إسرائيل تحتاجان إلى كثير من المعلومات بشأن تفاصيل الاتفاق المتبلور، حتى تكون قادرة على بلورة تصورها إزاء تداعياته على مصالح تل أبيب الاستراتيجية والأمنية.