حيث تنتشر الجماعات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش منذ سنوات من الأراضي القاحلة الشاسعة جنوب الصحراء الكبرى – منطقة الساحل – إلى الدول الساحلية الأكثر ثراءً في غرب إفريقيا مثل بنين. وكان يُعتقد في السابق أن المسلحين يريدون استخدام الدول الساحلية مثل بنين وتوغو وغانا قواعد لشن هجمات على حكومات منطقة الساحل، والآن بدأ التشدد يتجذر، وكانت بنين هي الأكثر تضررا. وهذا العام، شهد عدد حوادث العنف التي شارك فيها جهاديون أكثر من عشرة أضعاف ما شهدته توغو، وفقًا لمشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة والأحداث.
وقال كارس دي بروين، زميل باحث كبير رئيس برنامج الساحل في معهد كلينجينديل: «إنهم ينشئون خلايا، ولديهم حضور كبير، وهناك توسع كامل، ووعظ منتظم».
تجنيد الأشخاص
ويتركز نشاط الجهاديين ببنين في شمال البلاد، حيث يحاولون تجنيد أشخاص أو جعلهم مخبرين، مما يخلق انقسامًا بين السكان المحليين. وقال سكان بلدة صغيرة، تقع خلف تلال خضراء وطرق غير معبدة عاصفة، إن المدنيين لم يعد بإمكانهم التحرك بحرية. كما أنهم يهددون من يرفض الانضمام لهم. ويذكر أحد المدنيين، يدعى زكاري، ضغط المتمردين عليه للانضمام إلى حركتهم، لكنه رفضهم، والآن هو خائف من انتقامهم، وهارب من المقاتلين الجهاديين منذ أكثر من عام، وهم يتصلون بانتظام بالشاب البالغ من العمر 33 عامًا، ويحذرونه: «لم ننسك».
ويعيش الناس بالماطري في خوف دائم بسبب التهديد الجهادي. ويزرع المقاتلون المتفجرات، وينفذون عمليات اختطاف في المنطقة، مما يبث الخوف بين السكان، ويؤدي إلى تآكل شرعية الدولة، حتى أن الحكومة فرضت حظر التجول والتجمعات. اختطاف الناس
وارتفعت عمليات الاختطاف على يد الجهاديين في بنين من صفر في 2021 إلى 33 هذا العام، وفقًا للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، التي حللت بيانات مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها ومصادر أخرى. ويقول السكان إن الانفجارات زادت أيضًا.
ويتم تهجير الناس من منازلهم مع تزايد الهجمات، مما يثير مخاوف من حدوث أزمة إنسانية.
ففي أغسطس، نزح أكثر من 12 ألف شخص من منازلهم في مقاطعتي أتاكورا وأليبوري المجاورة، مقارنة بنحو 5000 شخص في مارسر، وفقا للأمم المتحدة. كما يدفع العنف الناس إلى ترك مزارعهم. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص قد يواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي.
تعزيز الجيش
وتحاول الحكومة القضاء على المشكلة من خلال تعزيز الجيش على طول الحدود، وتجنيد آلاف الجنود. ويقول السكان المحليون في الشمال إنهم رأوا زيادة في عدد الجنود، لكنهم يشيرون إلى أن الجيش غير مجهز بشكل كافٍ، وفي بعض الأحيان يستجيب متأخرا ساعات عندما يتم استدعاؤه بشأن الهجوم، بينما تنفي الحكومة ذلك.
وقال العقيد فايزو جومينا، قائد عملية ميرادور المخصصة لمحاربة الإرهابيين، إن الجيش مجهز جيدا، وقادر على الرد على التوغلات التي تحدث، ويجرى تدريبات متقدمة في أثناء محاولته الحصول على المزيد من الموارد البرية والجوية.
وبينما تعمل حكومة بنين على تعزيز حدودها، فإنها تحاول أيضًا إخفاء حجم الأزمة، للحفاظ على صورتها، كما يقول السكان في الشمال، حيث قمعت حرية التعبير واعتقلت الصحفيين الذين يتحدثون عن انعدام الأمن.
فجوة المعلومات
وقال روبرت ويمبو كاسا، رئيس بلدية ماتيري: «لا يوجد إرهابي، ولا حركة، ولا منظمة، ولا مجموعة استقرت أو حاولت الاستقرار في منطقتنا».
وهي دولة زراعية يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة. وقد تركت فجوة المعلومات الناس في أجزاء أخرى من البلاد غير مدركين القضايا الأمنية في الشمال. وقال الناس في كوتونو إنهم لا يعرفون شيئا عن مشكلة الجهاديين، ويعتقدون أنها أخبار كاذبة، أو أنها مشكلة تقتصر على البلدان المجاورة.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن محاولات الحكومة السيطرة على الفضاء المعلوماتي، مع الاعتقال التعسفي للأشخاص الذين يعتقد أنهم يعملون مع الجهاديين، تدفع الناس إلى أيدي المتشددين.
وقال بيرتين أسوغبا، منسق منظمة المعونة الدائمة والتنمية، وهي مجموعة إغاثة محلية تركز على الدفاع عن حقوق الإنسان: «الجهاديون يعيشون مع السكان، والمواطنون يعرفونهم، لكنهم يرفضون التنديد بهم، لأن الحكومة لا تشجع الناس على القيام بذلك».
توعية السكان
ويحاول المجتمع الدولي تطبيق الدروس المستفادة من منطقة الساحل من خلال توعية الناس بعدم الانضمام إلى الجهاديين، وتنظيم حوارات مجتمعية مع المسؤولين، لتعزيز الثقة. ويقول الدبلوماسيون وجماعات الإغاثة أيضًا إن هناك اندفاعًا في الاستثمار.
وفي العام الماضي، استثمر البنك الدولي 450 مليون دولار في مشروع، مدته خمس سنوات، يهدف إلى الوصول إلى نحو 4600 مجتمع حدودي في شمال بنين وساحل العاج وغانا وتوغو. وسيتم التركيز على منع انتشار الصراع من خلال تعزيز المؤسسات المحلية والفرص الاقتصادية. لكن السكان يقولون إن مشاريع التنمية تستغرق وقتا طويلا حتى تتحقق.
في غضون ذلك، ينتصر المتشددون في مجال الإدراك العام.
ويقول السكان إن الجهاديين يدخلون القرى الفقيرة، ويعدون ببناء الطرق والمستشفيات إذا وصلوا إلى السلطة «يجب على الحكومة أن تسرع وتجلب البنية التحتية». وقال راوفو بانديلي، منسق العمل من أجل المساعدة المتبادلة والتنمية، وهي مجموعة محلية: «الأمر مهم، لأن الجهاديين موجودون ورسالتهم واضحة للغاية: إنهم يريدون تغيير الأمور. بعض العائلات تبارك أبناءها، للذهاب مع الجهاديين بسبب الإحباط من الحكومة».
أسباب توسع الجماعات الجهادية
الحكومة لا تشجع الناس على التنديد وفضح الجهاديين
الجهاديون يدخلون القرى الفقيرة ويعدون ببناء الطرق والمستشفيات إذا وصلوا إلى السلطة
محاولات الحكومة للسيطرة على الفضاء المعلوماتي وإخفاء حجم الأزمة، للحفاظ على صورتها
فجوة المعلومات تجعل الناس لا يعرفون شيئا عن مشكلة الجهاديين، ويعتقدون أنها أخبار كاذبة