كتب د. محمد المعموري :
في الموروث العراقي كان هناك شخص يحمل في “محزمه” خنجر وكان على طول الوقت يهدد به ابناء قريته، ويمشي على الارض مرحا ويطلب من الناس احترامه وقد انصاع الناس له لكي “يتجنبوا” شره و خوفا من خنجره ، وذات يوم جاء الى القرية رجل غريب فرأه هذا ” الاجوف” ولأنه يظن نفسه بطل بخنجره اراد ان ينتقص من الغريب، وما كان من الاخير الا ان يطرحه ارضا فمرغ وجهه بالتراب تاركا ذاك الضرغام طريح على الارض مترفعا من قتله، سمع اهل القرية فاجتمعوا جميعا (شباب وشيبة واطفال ونساء ) حول هذا الضرغام “الاجوف “الذي كان يخيفهم بلسانه ومنظر خنجره، وسألوه لماذا لم تقتله بخنجرك قال لهم وهو يلملم نفسه انا لا أستل الخنجر من غمده الا في اليوم “الشدة “… فتفض الناس من حوله وهم يقلبون ايديهم وينتدبون حظهم على انهم كانوا ينظرون للخنجر لا لساعد من يحمله.
وهذا ما يذكرنا بموقف “قائدنا الهمام” وهو يرى قوات الكيان المحتل تدخل محور صلاح الدين دون ان يحرك ساكن غير انه يطالب ابناء امته بكثير من الصبر وضبط النفس حتى انه قد تخلى عن اتفاقية الذل “كامب ديفيد” التي من شروطها عدم دخول الكيان المحتل هذا المحور ، لقد صدعت رؤوسنا يا رجل وكنا نظنك صادق معنا كنت تدعي ان اي تحرك على محور صلاح الدين ستجمد اتفاقية كامب ديفيد وستفعل وتفعل، ولكنك لن تفعل.
وقبل ايام كنت تقف بين محبيك وصحافتك لتدعوا العراق بالالتزام باتفاقية الملاحة بينه وبين الشقية الكويت تاركا غزة وما تحمله من الم وانتهاك لحقوق اهلها فكان همك حل مشكلة انت لست طرفا بها وغزة اليوم اهم ما يواجه امتك من مخاطر وشق لصفها، وبالأخص ما يهدد حدودك عندما يصبح جنود الكيان المحتل عند معبر رفع وربما ، ربما سيطرق بابك وقد فعلوا فتم احتلال معبر رفح ولن تجمد اتفاقية كامب ديفيد بل رضيت بوعود وعهود الكيان المحتل وتبريراته في احتلال معبر رفح، وقبلها كنت تقسم بانك لم ولن تقطع المساعدات عن غزة وقبلها بقليل كانت بلدك تبكي اطفال غزة لتجلس ضاحكا متمتعا بيومك وهناك اطفال يقتلون ونساء تفقد ابنائها ومنظر لا يرضي احد حتى الصخر ابكته خطوبها وناحت على اعتابه مصائبها .
ad
الحمد لله الذي جعل شعب غزة شعب يتألم ولكنه لا يموت والحمد لله الذي كشف يوم السابع من اكتوبر بطوفانه كذب وزيف سرائرنا والحمد لله الذي وضعنا بامتحان ولكننا فشلنا لنصرة اخواننا والحمد لله الذي لم هيئ لنا همة لسحب الخنجر والثأر لإخواننا والحمد لله الذي أخزى بعض من يحكمنا والحمد لله الذي جعل دموع المخلصين شعلة تهز اركان المستبدين وتفرح الاخيار المخلصين فجعلت من عيونهم شاخصة نحو قبلتهم الاولى وايديهم تفك الاغلال عنها محطمة قيودها لتفند اخلاص بعض من تحكم في مصائرنا ، والحمد لله الذي جعل الغرب مناصرين لغزة فثارت جامعاتهم لتلبس علم فلسطين وزينت مداخلها بشعارها وتحولت من ارهابية بنظرهم الى حرة عربية تصف للعالم ظلمها وتشتكي للخالق جبن ابناء امتها وترقص على جراحها لتعلن انتصارها فغيرت غزة معالم العالم وخريطة سياستها ولم يبقى مع امريكا والكيان المحتل غير بريطانيا في غزوتها فكانت غزة هي من تحمل رايتها لتشهر في كل الدنيا رسالتها وتعطي درسا للإنسانية بصمود ابنائها وشجاعة قادتها ، غزة البلد التي قلبت موازين العائم والتي كانت ولازالت تخوض ملحمة النصر لتكفكف عن ابنائها دمعة طفل خائف او عجوز جائع او ام فقدت فلذات كبدها فرفعت راسها الى السماء وتقول خذ ربي حتى ترضى وهي مؤمنة بقضيتها وصدق مقصدها ، فانحنت لها نجوم السماء وطوقتها زهور الارض بأغصان فرحتها او ربما بحزن ام على فقدان اولادها، الحمد لله على كل حال.
انها غزة التي سقت اولادها عز واعطت لذاتها نور ومنحت للسماء شهداء سالت دمائها انهار حتى يرضى رب العزة بشعب استجاب لنداء ربهم واصبح كل شيء مرهون بهمة ابنائها وبتقدير الله لهم فيرتقي شهيدهم وهم برضا تام لمصيبتهم.
“نرجع لحكايتنا” ونقول لقائدنا الفذ الهمام اين خنجرك واين همتك واين نخوتك فمعبر رفح قد طوقته دبابات الاعداء واصبحت رفح تترقب موتها وتنذر بحصار من عدوها وتهدم بيوتهم على رؤوس ابنائها او انهم يتخذوا الشوارع مأوى لهم ونحن ننتظر همة قائد او ضمير نائم او مقترح حاكم ، ونادينا حتى وصل العدو عند اعتاب بيوتنا وربما يتقدم على احتلالنا ونحن نلتزم الصمت وندعو الى ضبط النفس ولا تحرك لقواتنا … سبحان الله هل حقا نحن خير امة اخرجت للناس وهل حقا نحن امة فقدت القرار وضيعت الاتجاه فباتت تتيه في ارض الله دون راع او هدى او صلاح.
الله المستعان
كاتب وباحث عراقي
هل لديك سؤال؟
تابعنا على السوشيال ميديا او اتصل بنا وسوف نرد على تساؤلاتك في اقرب وقت ممكن.