خير أمة اخرجت للناس تسقط في اختبار التضامن الانساني..اسيا العتروس

خيرأمة اخرجت للناس تفشل في كل الاختبارات و تقف في اخر الطابور والامر لا يقتصر على مجال العلوم و التكنولوجيا و الاكتشافات العلمية فحسب ولكن الاخطر في كل ما يتعلق بالقيم والاخلاق و التضامن الانساني الذي يفترض ان يكون بعيدا عن كل الحسابات والاهواء السياسية  المتدنية …
خير أمة اخرجت للناس تجتمع لتدمر بعضها البعض و تتفق متى ارادت ذلك على محاصرة و عزل و ضرب احد اعضائها بدفعه الى الوقوع في فخ الحروب و الصراعات و الانقسامات الدموية و لكنها تنسى او تتجاهل اختبارات و ماسي الطبيعة من حرائق غابات او فياضانات او زلزال او افات و تقبل ان تكون في ذيل الدول المستنفرة لتقديم المساعدة ودعم تاضحايا و تخفيف المعاناة ..حتى بياناتها تكون اخر البيانات الصادرة و كانها تنتظر ما سيكون عليه راي و موقف الدول الغربية قبل ان تتخذ أي موقف …  مجددا تأتي الماساة التي حصلت بالامس على الحدود السورية التركية لتكشف حجم الخذلان و غياب ابسط قواعد التضامن العربي الاسلامي في المصائب و الازمات حصل ذلك خلال جائحة كوفيد و قبلها  ايضا على مدى عقود حضرت خلالها الازمات و الصراعات و غابت مظاهر التعاون والتضامن …

طبعا لا مجال لوضع الجميع في سلة واحدة فقد كان هناك دول عربية  اسرع  من غيرها في الاستجابة لنداء الواجب و هي تقريبا تكاد تكون نفسها كلما تعلق الامر باغاثة المنكوبين ..المشكلة ليس في هذه المبادرات الفردية المرتبطة بقدرة وامكانيات كل طرف …ولكن المشكلة وهنا اصل الداء في غياب مظلة مشتركة تتحرك في مثل هذه الاحداثالتي تفترض توفر الحد الادنى من التضامن العربي الانساني …
فالاكيد ودون ادنى مبالغة ان الامكانيات متوفرة ومتاحة ولكن الارادة السياسية هي الغائب الابرز.. الحقيقة اننا لم نتوقع  لحظة واحدة بعد تلك المشاهد الصادمة و الصور المرعبة القادمة من سوريا ان يهب الامين العام لجامعة الدول العربية لزيارة سوريا و تركيا للوقوف على حجم المأساة و توجيه دعوة من هناك للحكومات العربية و الاسلامية و لكل العالم للتعجيل بتقديم ما يمكن تقديمه ….و لو اقدم على ذلك لاستغربنا فعلا للامر اذ  يبدو ان  السنوات الطويلة التي قضاها ابو الغيط على راس الجامعة التي تجاوزت منذ زمن طويل كل مراحل الافلاس حتى بات وجودها مجرد حضور صوري لا يغير ولا يؤثر في كل الازمات الحاصلة انه لم يفهم الدرس و لا يمكن ان يفهم ان الجامعة العربية لم تعد لا جامعة و لا عربية ..و ان ما تعرضت له سوريا و تركيا بالامس قد يتكرر في أي منطقة من العالم و ان كل شعوب الارض تحتاج الحد الادنى من التضامن الانساني لمواجهة هذه الاختبارات العسيرة التي لن يقدر أي بلد عليها بمفرده مهما كانت قدراته و امكانيته العسكرية والمالية واللوجستية .. مقابل هذا الموقف الباهت للجامعة العربية خرج مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد  الاروروبي جوزيب بوريل ومفوض الاتحاد لإدارة الأزمات يانيز ليناركيتشللاعلان عن حشد 10 فرق إنقاذ وبحث بصورة سريعة من بلغاريا وكرواتيا والتشيك وفرنسا واليونان وهولندا وبولندا ورومانيا لدعم فرق الإغاثة على الأرض…كما تعهدت المجر وإيطاليا وإسبانيا ومالطا وسلوفاكيا بتقديم مساعدة مماثلة، بحسب ما أعلن متحدث الاتحاد الأوروبي لشؤون المساعدات الإنسانية بالازس أوجفار في مؤتمر صحفي…الحدث جلل و المشهد خطير ومروع ولن يكون بالامكان الحديث عن حصيلة نهائية للضحايا قبل انقضاء وقت طويل تماما كما انه لن يكون بالامكان طي هذه الصفة و فتح صفحة اعادة البناء و الاعمار قبل بلسمة الجروح العميقة التي خلفها الزلزال الذي ضرب عشر ولايات تركية و عدد من المحافظات السورية و شعر به سكان دول كثيرة من الجواراللبناني وفلسطين الى اليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا والعراق وبعض المناطق في مصر…
مات القتلى في سوريا و تركيا والاف تحت الانقاض نتيجة زلزال مدمر ضرب الاهالي و الناس  نيام …عائلات باكملها اندثرت تحت الركام عشرات المباني لم تقوى على احتمال الزلزال فتهاوت كما تتهاوى قصور الرمل …مشهد مروع وكانها القيامة بعد ان زلزلت الارض زلزالها واخرجت ما اخرجت من اثقالها و دفنت من دفن تحت الانقاض فيما تم انقاذ من كتب لهم الحياة بعد ان وصلتهم الاغاثة و عادوا يحدثون العالم عن هول ما اصابهم و ينقلون  شهاداتهم عن   الزلزال الذي تجاوز ما تعودوا عليه من تفجيرات و من قصف يومي طوال عقد من الحرب التي تابى ان تنتهي في سوريا بعد ان اجتمع عليها ثلاثي مدمر امتد من القوى الاقليمية والدولية التي انتهكت حرمة سوريا الى موسم غير مسبوق من الثلج و البرد  لتنتهي باسوا زلزال تشهده المنطقة منذ ثمانين عاما … خير أمة اخرجت للناس فشلت في كسب رهان التضامن الانساني وهو الاختبار الاقرب الى ايديها بعد ان فشلت في مختلف الاختبارات السياسية و بقيت تصرعلى البقاء على الهامش في خضم عالم يتجه كل يوم نحو مزيد التكتلات والشراكات والتحالفات …ندرك جيدا ان تركيا ستحظى بالمساعدات الدولية التي تحتاجها في هذه المحنة و هذا حق تركيا على كل شعوب العالم و لكن نأمل ان يكون هناك بعض من العدالة في توزيع المساعدات و ان يكون لسوريا نصيب و هي التي تواجه مذ عقد ويلات الحرب و الثلوج و اضيف لها الزلزال …
كاتبة تونسية