قررت قطر إنهاء دورها كوسيط بين إسرائيل وحماس وسط مفاوضات متوقفة منذ فترةٍ طويلةٍ لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وفقًا لما قاله دبلوماسيٌّ مطلعٌ على الأمر لـ (تايمز أوف إسرائيل).
وأكّد الدبلوماسي، وهو ليس أمريكيًا، أيضًا ما كشفت عنه واشنطن بأنّ الدوحة طلبت من مسؤولي حماس أواخر الشهر الماضي مغادرة البلاد، لكنّه بدا وكأنّه ينفي أنّ يكون للقرار الذي اتُخذ علاقة بطلب من إدارة بايدن.
وفي وقتٍ لاحقٍ من يوم السبت، أكّدت قطر رسميًا قرارها بوقف جهود الوساطة، لكنها صاغت القرار على أنّه قابل للتغيير، إذا أبدت الأطراف استعدادها لإعادة الانخراط.
وقال الدبلوماسي إنّ قطر اتخذت قرارًا بوقف الوساطة من تلقاء نفسها، وقررت أنّها لا تستطيع الاستمرار إذا لم يكن أيّ من الطرفيْن على استعداد للتفاوض بحسن نية، مُضيفًا أنّه إذا لم تعد قطر تتوسط، فلا يوجد سبب للسماح لحماس بالاحتفاظ بمكاتبها في البلاد.
وأعرب الدبلوماسيّ عن أسفه لأنّ مفاوضات إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتعثرة منذ فترة طويلة “أصبحت أكثر ارتباطًا بالسياسة والانتخابات” بالنسبة لكلٍّ من إسرائيل وحماس، بدلاً من “محاولة جادة لتأمين السلام”، زاعمًا أنّ “كلا الجانبين تراجعا عن الالتزامات التي قطعاها طوال المفاوضات ولم يشاركا فيها إلّا لغرض المظهر السياسيّ”.
في وقت سابق من الأسبوع، قال وزير الدفاع السابق يوآف غالانت لعائلات الرهائن المحتجزين في غزة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبقى الحرب مستمرة لأسباب سياسية، وليس لأسباب أمنية، مما يمنع التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وقال الدبلوماسيّ إنّه بمجرد اتخاذ قطر القرار بوقف دورها كوسيطٍ وطرد مسؤولي حماس من البلاد، أبلغت الوسيطين الآخرين أولاً، الولايات المتحدة ومصر، ثم أبلغت حماس وإسرائيل، وتمّ تقديم الإخطار في نهاية أكتوبر.
ولم يتّم تحديد جدول زمني لمغادرة حماس للدوحة، لكن هذا ليس شيئًا يمكن أنْ يحدث بين عشية وضحاها، كما أشار الدبلوماسيّ، الذي أوضح أنّ قرار قطر ليس دائمًا بالضرورة ويمكن عكسه إذا أظهر الجانبان استعدادًا صادقًا للتفاوض بحسن نية. وهذا ما حدث في أبريل، عندما طردت قطر حماس بهدوء من البلاد، كما قال الدبلوماسي. توجه قادة الحركة إلى تركيا، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل طلبتا من الدوحة إعادتهم من أجل استئناف المحادثات، بعد فشل محاولات القيام بذلك مع حماس في أنقرة.
وتوقع الدبلوماسي أنْ يتوجّه مسؤولو حماس مرة أخرى إلى تركيا، لكن هذا قد يضع أنقرة في موقف صعب، حيث أوضحت إدارة بايدن أنّها لا تريد أنْ يستضيف حلفاؤها الحركة.
وأصدر مسؤول إسرائيلي في مكتب نتنياهو بيانًا للصحفيين رحب فيه بقرار قطر طرد حماس، قائلاً إنّه لا ينبغي لأيّ دولةٍ أنْ تستضيف الحركة.
وأكّد أنّ فوز ترامب ساهم أيضًا في اتخاذ القرار، مشيرًا إلى أن الرئيس الجمهوريّ المنتخب لم يكُن ليدعم استمرار وجود حماس في الدوحة.
وفي الوقت عينه، ناقض مسؤول كبير في حماس الدبلوماسيين والمسؤولين الأمريكيين، وقال للصحافيين شريطة عدم الكشف عن هويته إنّ الحركة لم تتلقّ أيّ توجيهاتٍ من قطر لمغادرة البلاد.
وقال مسؤولٌ أمريكيُّ لـ (تايمز أوف إسرائيل) إنّ إعدام حماس للرهينة الأمريكيّ الإسرائيليّ هيرش غولدبرغ بولين مع خمس رهائن آخرين في أواخر أغسطس، ورفضها لاحقًا لمزيدٍ من مقترحات وقف إطلاق النار، هو ما دفع الإدارة إلى تغيير نهجها بشأن استمرار وجود الحركة في الدوحة، معتبرةً أنّه “لم يعد مجديًا أوْ مقبولاً”.
وقال مسؤولٌ كبيرٌ آخرٌ في الإدارة الأمريكية لـ (تايمز أوف إسرائيل): “بعد رفض المقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أيّ شريكٍ أمريكيٍّ”.
وأكّد المسؤول أن الإدارة تواصل متابعة عدد من المبادرات الرامية إلى تأمين صفقة رهائن قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، ويُعتقد أن الجمع بين طرد حماس من قطر والعقوبات الأميركية والأدوات الأخرى المتاحة لواشنطن قد ينجح في إقناع الحركة بالتراجع عن مطالبها.
وأكّد المسؤول الأمريكيّ أن الدوحة لعبت “دورًا لا يُقدّر بثمن” كوسيط طوال الصراع، ومن غير الواضح ما هو الدور الذي ستتمكّن قطر لعبه من الآن فصاعدًا، بمجرد توقفها عن استضافة قادة حماس.
ومن المرجح أنْ تستمر مصر في لعب دور وساطة، نظرًا للاتصالات التي تحافظ عليها مع قادة حماس في غزة المجاورة.
وفي الختام جزم المُستشرق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، الذي يعمل محللاً لشؤون الشرق الأوسط في (هآرتس) العبريّة بالقول إنّ “انسحاب قطر من المشاركة في المفاوضات يعفي الحكومة الإسرائيليّة من صفقة المخطوفين”، على حدّ تعبيره.