كتب : رائد حسن …
في تعليقه على قرار دولة الامارات العربية المتحدة اعادة فتح سفارتها في دمشق في العام 2018 قال الناطق باسم الخارجية الامريكية في حينه والحديث هنا يدور عن مرحلة “ترامب” بان “أبو ظبي” ليست في جيب أحد.
ومن الواضح ان التفكير الموسساتي الاميركي تجاه دولة “الامارات” قد وصل الى قناعات راسخة بان مفهوم “الجيوبوليتيك” للدولة الصغيرة الحجم والصاعدة عالميا بتاثيراتها الاقليمية والدولية والذي وضع اسسه “محمد بن زايد” يتطلب تعاملا منظقيا ووازنا تمثل في التاكيد الاميركي على العلاقات الجيدة مع “ابو ظبي” رغم الشعور بالمرارة لمحاولة ما وصفه الناطق باسم الخارجية بـ”شرعنة النظام السوري” اثر استقبال الرئيس بشار الاسد مؤخرا والذي شكل مفاجئة غير متوقعة على الاقل في توقيتها .
وفي محاولة اولية لفهم طبيعة ورؤية التحرك الاقليمي والدولي الاماراتي الصاعد كان لا بد من من وضع شخصية مؤسس هذه المرحلة “محمد بن زايد” على طاولة التشريح السياسي لمراكز الابحاث والدراسات العالمية والتي اجمع معظمها على ان الرجل يحول هذه الدولة الخليجية الصاعدة الى قوة إقليمية ولاعب رئيسي سياسياً واقتصادياً على مستوى المنطقة والعالم.
ومن الواضح أيضا ان هذه الدولة باتت تجيد استخدام امكانياتها وحتى علاقاتها مع اسرائيل وايران بطريقة اصبح من السهل التنبؤ بما ستقوم به أبو ظبي مستقبلا وذلك في ظل سياسية تم وضع ملامحها باتقان وتسمح لها بأن تناور في كل الاتجاهات وحتى ان تقول “لا” للحليف الكبير في واشنطن والذي ظهر جليا في الازمة الاوكرانية الروسية مؤخرا.
ويقول بعض المطلعين بان التحول الاماراتي صوب دمشق بدأ مبكرا حتى قبل فتح السفارة في العام 2018 والذي أتبع بزيارة مئات من رجال الاعمال الامارتيين لسوريا ويعتقد هؤلاء بأن العلاقات الاماراتية السورية لم تنقطع يوما قبل وبعد انفجار الاوضاع في 2011 وأن أبو ظبي حافظت على الخيط الرفيع مع العاصمة السورية في وقت ضغط العالم بكل قوته لاسقاط النظام وتمكين تنظيمات ما يسمى بالاسلام السياسي من انشاء “دويلات العبث” عبر تهشيم فطرة السياسة والدين والقومية.
القناة الاسرائيلية 12 قالت في تقرير لها بعد زيارة الاسد لـ”ابو ظبي” ان الامارات ترى نفسها قائدة للعالم العربي وانها صانعة قرار اقليمي ودولي مشيرة الى انه من الواضح ان الكثيرين سيلجأون الى أبو ظبي في الفترة القادمة بما فيها اسرائيل لدورها في استقرار المنطقة ومحاربة الارهاب والتطرف .
المحللون الاسرائيليون يعتبرون بلا استثناء أن الموقف الاماراتي من تطبيع العلاقات مع سوريا والعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا يساهم في احياء محور عالمي جديد يعتمد على رؤية واقعية تشير الى ان العالم احادي القطبية لم يعد له مكان في عالمنا الحالي “والقول هنا” لصحيفة هارتس العبرية في تعليقها على الموقف الاماراتي في مجلس الامن للتصويت على ادانة روسيا لعمليتها في اوكرانيا.
وقد يكون بديهيا لدى الكثيرين الاعتقاد بان أبو ظبي قد تضطر لان تدفع اثمانا لمواقفها القديمة الجديدة من التطورات الحالية والمتلاحقة في المنطقة ولكن الاكثر بداهة هو ان “بن زايد” يدرك وعبر واقعيته السياسية التي اثبتت جدواها “سواء وافقت او اختلفت معه” بان العالم تغير ويتغير وانه قد بات ضروريا لان يصبح للعرب كلمة فصل في شأنهم وشئون الاخرين بعيدا عن احتكار الثلاثي المتربص “تركيا -ايران اسرائيل”.