تنفذ السعودية تطبيع علاقات مع إسرائيل بشكل غير معلن، يجري التعبير عنه من خلال زيارات لرجال أعمال إسرائيليين يدخلون إلى السعودية بجوازات سفر إسرائيلية وتأشيرة دخول خاصة، وأبرموا “صفقات كبيرة”، فيما يُجري رجال أعمال سعوديون وصناديق استثمار سعودية “اتصالات متقدمة” للاستثمار في إسرائيل، وفق ما ذكرت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية، في تقرير نشرته نهاية الأسبوع الحالي.
وتبين أن علاقات سعودية – إسرائيلية كهذه جارية منذ وقت طويل. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع قوله إنه “لدينا علاقات غير مباشرة مع السعودية منذ أكثر من عشرين عاما، لكني لا أذكر نموا كالذي نشهده في الأشهر الأخيرة”.
وكانت هذه العلاقات التجارية تجري خلف الكواليس، وغالبا من خلال شركات سُجلت في دول أوروبية أو أخرى، وتم التوقيع على الصفقات في تلك الدول أيضا. وشملت هذه الصفقات مجالات مدنية وأمنية متنوعة، وفقا للصحيفة.
وأكدت الصحيفة على أنه منذ عدة أشهر، تسمح السعودية بدخول رجال أعمال إسرائيليين إلى أراضيها، حاملين جواز سفر إسرائيلي بعد حصولهم على تأشيرة دخول خاصة. والمجال الأساسي الذي يمثله رجال الأعمال هؤلاء هو شركات تكنولوجية إسرائيلية تُدعى إلى السعودية. والتغيرات الحاصلة في الأشهر الأخيرة، هي إلغاء الحظر الجارف لدخول الإسرائيليين وسهولة الحصول على تأشيرة الدخول للسعودية.
واستغل عشرات رجال الأعمال الإسرائيليين هذه الإمكانية ليزوروا الرياض، ومدن أخرى مثل نيوم، التي زارها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حيث التقى مع ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، بحضور وزير الخارجية الأميركي حينها، مايك بومبيو.
وأسفرت زيارات رجال الأعمال الإسرائيليين هذه عن صفقات كثيرة، وبينها صفقتان بملايين الدولارات في مجال الزراعة الصحراوية.
وقال رجل أعمال إسرائيلي إنه “عدا العلاقة الدبلوماسية المباشرة، وكذلك تحويلات مصرفية مباشرة، لدينا كل ما تحتاج إليه الدول من إجل القيام بعلاقة تجارية مباشرة، وتوقيع صفقات ونقل بصائع وخبرات”، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.
وشملت الصفقات الموقعة بين الشركات الإسرائيلية والسعودية مجالات تكنولوجية مدنية مثل صناعات الآلات الطبية. كذلك هناك اهتمام متزايد في استثمار السعودية في مجالات ليست ستارت آب (هايتك)، وإنما في “منتجات إسرائيلية مثبتة”.
وقالت المدير العامة للغرفة التجارية بين إسرائيل ومجلس التعاون لدول الخليج (GCC)، د. نيريت أوفير، إن “اللافت هو أن الحديث يدور عن القطاع الخاص في كلا الجانبين والذي يجذب الأمور إلى الأمام بسرعة. ورجال الأعمال غير مقيدين بقضايا دبلوماسية، وعندما يكون هناك اللقاء الشخصي والمصلحة، فإنهم يتقدمون”.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن موظف سعودي “رفيع” في الرياض، قوله إن عدد الطلبات التي يقدمها رجال أعمال سعوديون من أجل الحصول على تأشيرات دخول إلى إسرائيل آخذة بالازدياد، “لأن الاهتمام والتعطش لمعلومات حول التكنولوجيا الإسرائيلية يتزايد بسرعة”. وأضاف أن لقاءات بين رجال الأعمال الإسرائيليين والسعوديين تعقد أيضا في دبي وأبو ظبي والمنامة. “والسلطات هنا ترى الإمكانيات الكامنة في هذا النشاط، وهذا يندمج بالخطط والإصلاحات الكبرى التي يدفعها ولي العهد”.
وأشارت الصحيفة إلى اهتمام الدولتين بالمجال الأمني والمخابراتي، وعزت ذلك إلى “وجود عدو مشترك – إيران”. وأفادت تقارير عديدة إلى بيع أنظمة أمنية إسرائيلية للسعودية، بينها برنامج التجسس من خلال الهواتف النقالة “بيغاسوس”، الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، واستخدم في اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، وأوعز نتنياهو بتجديد تصريح استخدام السعودية لهذا البرنامج بعد طلب بن سلمان.
وشددت الصحيفة على أن “المجال الأمني والمخابراتي أنشأ الأساس الضروري لباقي المجالات، وكذلك قدرة التأثير الإسرائيلي الجيوسياسي بشكل أكبر بكثير من الماضي”. ولفتت الصحيفة إلى أنه “يدل على ذلك المجهود الأميركي في تجنيد إسرائيل من أجل المساعدة في إقناع السعودية بزيادة ضخ النفط بسبب النقص العالمي في مصادر الطاقة الذي أحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا”.
وأضافت الصحيفة أن مستشارين للرئيس الأميركي، جو بايدن، زارا السعودية لبحث موضوع زيادة ضخ النفط، “وطرحا أيضا قضية تقدم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل”.
وفي هذه الأثناء، تجري إدارة بايدن وساطة سرية بين إسرائيل والسعودية ومصر في محاولة للتوصل إلى تسوية لاستكمال نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، وبحيث تشمل خطوة سعودية منفصلة لتطبيع علاقات مع إسرائيل، وفق ما نقل موقع “واللا” الإلكتروني، يوم الثلاثاء الماضي، عن أربعة مصادر أميركية مطلعة.