د. الهندي: المقاومة تملك الإمكانات لردع العدو

  

أكد رئيس الدائرة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور محمد الهندي، أنّ زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة الأسبوع الماضي جرى ترتيبها على وقع تصاعد نطاق حرب الغرب وروسيا في أوكرانيا، التي ستحدد نتائجها موازين القوى وشكل الصراع في العالم في العقود المقبلة.

وأشار د. الهندي في حوار مع (العربي الجديد)إلى أنّ زيارة إسرائيل لم تكن محطة مهمة، وكانت على الأرجح تغلب عليها الاعتبارات الانتخابية، لانتخابات الكونغرس النصفية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ولفت د. الهندي إلى أنّ الهدف الأساسي للزيارة حاجة أميركا بشكل ملحّ لتأمين مصادر الطاقة لحلفائها الأوروبيين والحد من أزمة الطاقة التي تنعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، بما فيه الأميركي. وأشار إلى أنّ “إعلان القدس” (الذي وقّعه بايدن ورئيس حكومة الاحتلال يئير لبيد) لم يحمل أي جديد، سواء في ما يتعلق بالتزام أميركا أمن إسرائيل وتفوّقها والتزام أميركا منع إيران من امتلاك سلاح نووي، أو توسيع وتعزيز التطبيع مع الدول العربية من دون حل لقضية فلسطين، موضحاً أنّ كل هذه القضايا معلنة في السابق.

وبالنسبة إلى ما يُحكى عن محاولة الولايات المتحدة إنشاء تحالف يضم إسرائيل وبعض الدول العربية ضد إيران، أوضح الهندي أنّ التحالف يجب أولاً أن يتم الاتفاق على أهدافه وأولوياته، وحتى الآن ليس هناك اتفاق بين قادة الدول التي اجتمعت في الرياض على أن إيران هي العدو، أو أن استعداء إيران وبناء حلف في مواجهتها هو في مصلحة هذه الدول. وبيّن أنّ بناء “ناتو عربي إسرائيلي” في مصلحة إسرائيل فقط، وهو هدف إسرائيلي أميركي معلن، ولكنه يحتاج إلى وقت وخطط وضغوط لتنفيذه، وليس من السهل في ظل عدم استقرار المنطقة إنجاز مثل هذه الخطة الاستراتيجية العميقة.

ووفق د.الهندي، فإن فكرة تشكيل “ناتو عربي إسرائيلي” حتى الآن فكرة سطحية، لافتاً إلى أنها ليست لها أرضية على أرض الواقع، خصوصاً أن هناك حقائق في المنطقة، عن قوة إيران وتأثيرها، لا يمكن إغفالها، وهذا لا يعني أن محاولات حثيثة لتعميق وتوسيع التنسيق والتطبيع بين إسرائيل ودول عربية غير ماضية على أكمل وجه.

وشدد على أنّ تطبيع الدول العربية مع إسرائيل مستمر منذ سنوات طويلة، حتى قبل اتفاق كامب ديفيد، غير أنّ “اتفاقات أبراهام” كانت تطبيعاً وتحالفاً معلناً قفزت عن المبادرة العربية في بيروت 2002. ورأى في الوقت نفسه أنّ “اتفاق أوسلو أعطى دفعاً جديداً ومبرراً قوياً لكل من أراد أن يتخلص من عبء فلسطين من الحكّام العرب، وصولاً إلى التطرف في معاداة فلسطين والتحالف المعلن مع إسرائيل”.

ولمواجهة التطبيع مع إسرائيل، أشار الهندي إلى أن هذه المواجهة ليست مقتصرة على المقاومة الفلسطينية وحدها، بل تبدأ بسحب الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والانسحاب من أوسلو وملحقاته، وبناء مشروع وطني فلسطيني يقف أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية، سواء بالتطبيع العربي أو العودة لأوهام المفاوضات.

وحول سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، قال الهندي إنها ثابتة، سواء كانت الإدارة الأميركية جمهورية أو ديمقراطية، وعنوان هذه السياسة الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوّقها على المنطقة مجتمعة، باعتبار إسرائيل ذراع الغرب في الشرق الإسلامي لاستمرار سرقته ولمنع أي نهضة حقيقية لأي دولة من دوله، بما فيها الدول المصنفة حلفاء للغرب.

وأوضح أنّ المسألة ليست إنصاف الشعب الفلسطيني، لأن قضيته عادلة، فالغرب تاريخياً، كما إسرائيل، قام على العنف والمجازر، والحقوق تأخذ ضمن موازين القوى التي فرّط فيها المفاوض الفلسطيني منذ البداية.
وشدد على أنّ “حل الدولتين شبع موتاً، وأبّنته إسرائيل منذ سنوات طويلة، حتى (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين) نتنياهو أوقف اللقاءات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما أبّنه العرب في اتفاقات إبراهام في القفز عن المبادرة العربية في بيروت 2002، وعن حل القضية الفلسطينية في حدودها الدنيا إلى التطبيع المباشر مع العدو واتفاقات إبراهام”.

وأضاف د. الهندي أن هذا الحل “أبّنه بايدن حين أعلن في مؤتمر مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي يئير) لبيد أن حل الدولتين غير ذي صلة بالواقع، وهو الذي أشار إلى وقائع جديدة على أرض الضفة الغربية وعدد المستوطنين وأشار أيضاً إلى التطبيع والاتفاقات مع الدول العربية”.

ورأى أنّ “البديل لهذا الخراب المسمى تسوية، مشروع المقاومة في فلسطين الذي يحقق إنجازات جديدة كل يوم على الأرض، والذي بات يملك من الوسائل والإمكانات ما يردع الاحتلال، فالمقاومة بكل أشكالها هي التي يمكن أن تعيد التوازن في الساحة الفلسطينية وتحافظ على الثوابت الوطنية”.

ولم يغفل عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي ثمن هذا الخيار، غير أنه شدد على أنّه “لم يتحرر شعب ويحقق استقلاله من دون أن يدفع الثمن، وفي كل الأحوال ثمن الاستسلام لإسرائيل عبر مفاوضات عبثية أعلى بكثير من ثمن مقاومتها، فالأرض في الضفة وبيوت القدس تُسرق جهاراً نهاراً من دون أن يسأل عنا قريب أو بعيد، والمستعمرات تزدهر على مدار الوقت”.

وحول ما تقوله السلطة الفلسطينية عن محاولات من قِبل حركة “حماس” لإنشاء إطار بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال الهندي: “كانت فكرة إطلاق جبهة مقاومة وطنية وما زالت محل نقاش، وهي ليست بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي مفتوحة أمام كل الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية لإنضاجها”.

وأعاد د.الهندي لفت الانتباه إلى أنّ الانقسام على الساحة الفلسطينية ليس بين حركتي “فتح” و”حماس”، بل بين مشروعين وسياستين، مشروع قام على الشراكة مع العدو والتفاوض معه وفشل بعد حوالى 30 عاماً في تحقيق أي إنجاز للشعب الفلسطيني، والسلطة حتى الآن ترفض إجراء أي تقييم حقيقي لمشروعها، وربطت مصيرها بالشراكة مع العدو ولا تملك أي خيارات أخرى. ونبّه إلى أنّ “كل تهديداتها (السلطة) بالبدائل مكشوفة للعدو ولا تؤخذ على محمل الجد، ولذلك المصالحة الفلسطينية أسيرة لهذا العجز”.