“رؤوسهم معلقة ومعصوبي الأعين”.. تحقيق يكشف انتهاكات الاحتلال

كتب- محمود عبدالرحمن:

“الجميع معصوبي الأعين ورؤوسهم معلقة بثقل تحت وهج الأضواء الكاشفة”، بهذا المشهد وصف إسرائيلي يعمل في أحد القواعد العسكرية التي تحولت إلى مركز احتجاز ما يحدث للفلسطينيين داخل المركز الذي يقع في صحراء النقب.

يقول الإسرائيلي الذي التقط صورتين للمشهد الذي يطارده بين الحين والآخر بحسب تصريحاته لشبكة “CNN” الأمريكية، يتذكر صفوف الرجال الذين كانت تفوح منهم الرائحة الكريهة وهم يرتدون بدلات رياضية رمادية ويجلسون على مراتب رقيقة مثل الورق يحيطها سياج شائك يقول “الغرفة تضج بأصوات الرجال تم منعهم من التحدث مع بعضهم البعض، وتمتم المعتقلون لأنفسهم”.

يضيف الإسرائيلي في حديثه إلى الشبكة الأمريكية، قائلا: “أُخبرنا بأنهم لا يُسمح لهم بالتحرك، ويجب أن يجلسوا في وضع مستقيم، ولا يسمح لهم بالتحدث أو إلقاء نظرة خاطفة من تحت العُصبات على أعينهم”، بجانب وجود حراس يصرخون ما بين لحظة وأخرى باللغة العربية بالصمت واختيار منهم من يُثيرون المشكلات ثم معاقبتهم.

تقول “CNN” الأمريكية، التي تحدثت مع ثلاثة إسرائيليين كانوا يعملون في مخيم “سدي تيمان” الصحراوي، الذي يُعتقل فيه الفلسطينيون المحتجزين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، والذين كشفوا في حديثهم خطر التداعيات القانونية والأعمال الانتقامية من جانب الجماعات الداعمة لسياسات الاحتلال المتشددة في غزة.

يصف الإسرائيليين صورة للمنشأة التي يقوم فيها الأطباء في بعض الأحيان ببتر أطراف السجناء بسبب الإصابات الناتجة عن تقييد اليدين باستمرار، ونتيجة للإجراءات الطبية التي يقوم بها مسعفون غير مؤهلين مما يكسبها سمعة بأنها “موقع جيد للمتدربين”، حيث يمتلئ الهواء برائحة الجروح المهملة والمتروكة للتعفن.

2

وتنقسم المنشأة التي تقع على بعد حوالي 30 كيلومترا من حدود غزة إلى قسمين، الأول الحاويات حيث يتم وضع حوالي 70 معتقلا فلسطينيا من غزة تحت ضبط النفس الجسدي الشديد، والثاني مستشفى ميداني حيث يتم ربط المعتقلين الجرحى بأسرتهم، ويرتدون حفاضات، الأمر الذي أكده أحد المبلغين عن المخالفات والذي كان يعمل مسعفا في المستشفى الميداني بالمنشأة: “لقد جردوهم من أي شيء إنساني”.

وقال مبلغ آخر عن المخالفات الأخرى التي يتم ارتكابها مثل الضرب، والذي لا يكون بهدف جمع المعلومات الاستخبارية، بل بدافع الانتقام من الفلسطينيين على ما فعلوه في 7 أكتوبر الماضي.

3

ما ذكره الإسرائيليين الثلاثة، دفع الشبكة الأمريكية ” CNN “، بتقديم طلب إلى جيش الاحتلال للتعليق، والذي رد في بيان قائلا: “يضمن الجيش السلوك المناسب تجاه المعتقلين”، مشيرا إلى أنه يتم فحص أي ادعاء بسوء سلوك من جانب جنود الجيش الإسرائيلي والتعامل معه على هذا الأساس”، مستكملا أنه في حالات مناسبة تحقق شعبة التحقيقات الجنائية التابعة للشرطة العسكرية عندما يُشتبه في سوء سلوك يبرر هذا الإجراء”.

وردا على تقييد السجناء وتكبيل أيديهم، قال جيش الاحتلال، إن هذا الإجراء يأتي بناء على مستوى الخطورة والحالة الصحية، مدعيا أن حوادث التكبيل غير القانوني ليست معروفة للسلطات، بينما لم ينكر الجيش روايات تجريد الأشخاص من ملابسهم أو وضع حفاضات لهم، موضحا أن ملابس المعتقلين تُعاد لهم عقب إقرار الجيش بأن هؤلاء المعتقلين لا يشكلون أي خطر أمني.

4

وظهرت بالفعل تقارير عن الانتهاكات في سدي تيمان في وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية بعد احتجاج من جماعات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية على الأوضاع هناك. لكن هذه الشهادة النادرة من الإسرائيليين العاملين في المنشأة تلقي مزيدا من الضوء على سلوك إسرائيل وهي تشن حربا في غزة، مع مزاعم جديدة بسوء المعاملة. كما أنها تلقي مزيدا من الشك على تأكيدات الحكومة الإسرائيلية المتكررة بأنها تتصرف وفقا للممارسات المقبولة دوليا وقانونيا.

وبعد احتجاجات من جماعات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية على الأوضاع في سجن سدي تيمان، ظهرت تقارير عن انتهاكات في السجن في وسائل الإعلام العبرية والعربية، وهو ما أكدته شهادة الإسرائيليين العاملين في المنشأة، والتي وصفت سلوك إسرائيل خلال الحروب في غزة بشأن سوء المعاملة رغم تأكيدات حكومة الاحتلال المتكررة بالتزامها بالممارسات المقبولة دولياً وقانونياً.

ومع تزايد الشكوك حول تلك الانتهاكات، طلبت CNN إذنا من جيش الاحتلال الإسرائيلي للوصول إلى منشأة سدي تيمان، قبل أن يقوم فريق من الشبكة الأمريكية الشهر الماضي بتغطية احتجاج صغير نظمه نشطاء إسرائيليون خارج بوابة القاعدة الرئيسية للمطالبة بإغلاق المنشأة، لتقوم قوات أمن الاحتلال باستجواب فريق الشبكة الأمريكية، لمدة نصف ساعة كاملة، قبل أن تطلب منهم ما تم تصويره من لقطات تقول الشبكة: “كثيرا ما تقوم إسرائيل بإخضاع المراسلين والصحفيين الأجانب، للرقابة العسكرية فيما يتعلق بالقضايا الأمنية”.

5

ومنذ هجوم السابع من أكتوبر الماضي، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحويل 3 منشآت عسكرية مختلفة جزئيا إلى معسكرات اعتقال للفلسطينيين من غزة، مضيفا أن هذه المنشآت هي سدي تيمان في صحراء النقب، وقاعدتي عناتوت وعوفر العسكريتين في الضفة الغربية المحتلة، إذ تعتبر هذه المعسكرات جزء من البنية التحتية لقانون المقاتلين غير الشرعيين في إسرائيل، وهو التشريع المعدل الذي أقره الكنيست في ديسمبر الماضي، والذي وسع من سلطة جيش الاحتلال في اعتقال المسلحين المشتبه بهم.

وفقًا للقانون، يُسمح لجيش الاحتلال باحتجاز الأشخاص لمدة تصل إلى 45 يومًا دون صدور مذكرة توقيف، ثم نقلهم إلى مصلحة السجون الرسمية الإسرائيلية، التي تحتجز حاليا أكثر من 9 آلاف فلسطيني في ظروف قاسية منذ السابع من أكتوبر الماضي بحسب ما يقول النشطاء الحقوقيون، وهو ما أكدته جمعيتان فلسطينيتان للسجناء الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن 18 فلسطينيًا – بمن فيهم الجراح البارز في غزة الدكتور عدنان البرش – تُوفوا في الاحتجاز الإسرائيلي منذ بداية الحرب 7 أكتوبر الماضي.

وتعمل معسكرات الاعتقال العسكرية، التي لا يعرف عدد السجناء بها، كنقطة ترشيح خلال فترة الاعتقال التي ينص عليها قانون المقاتلين غير الشرعيين، حيث يتم نقل المعتقلين الذين يُشتبه في صلتهم بحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إلى مصلحة السجون “IPS”، فيما يتم إطلاق سراح الذين تم استبعاد علاقاتهم بمسلحين إلى قطاع غزة.

6

وأجرت شبكة CNN الأمريكية مقابلات مع أكثر من عشرة معتقلين سابقين من غزة تم إطلاق سراحهم من تلك المعسكرات، حيث أفاد هؤلاء المعتقلين بأنهم لم يستطيعوا تحديد مكان تواجدهم بسبب أنهم كانوا معصوبي الأعين خلال معظم فترة احتجازهم ومنعزلين عن العالم الخارجي، إذ تؤكد تفاصيل رواياتهم تقارير المبلغين عن المخالفات.

يقول الطبيب محمد الران، الذي يحمل الجنسية البوسنية وكان يرأس وحدة الجراحة في المستشفى الاندونيسي شمال غزة، أوائل المستشفيات التي تم إغلاقها ومداهمتها أثناء هجوم إسرائيل، أنهم كانوا ينتظرون الليل ليتمكنوا من النوم، موضحا أنه تم احتجازه في منشأة عسكرية تتسم بدرجات حرارة الصحراء، حيث تتأرجح من الحرارة الشديدة نهارًا إلى البرودة ليلاً.

وأضاف الران في مقابلة أجرتها معه شبكة CNN خارج غزة الشهر الماضي “انتظرنا الصباح على أمل أن يتغير وضعنا”، يتذكر الران لحظات اعتقاله 18 ديسمبر الماضي، خارج المستشفى الأهلي المعمداني بغزة الذي عمل بها لمدة ثلاثة أيام بعد فراره من المستشفى الإندونيسي وتجريده من ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية، ثم تعصيب عينيه وتقييد معصميه، ثم إلقاؤه في شاحنة من الخلف يقول: ” كنا شبه العراة مكدسين فوق بعضنا البعض أثناء نقلنا إلى معسكر اعتقال بوسط الصحراء”.

تتوافق رواية محمد الران مع تفاصيل عدد من روايات آخرين جمعتها الشبكة الأمريكية، تقول الشبكة أن رواية الطبيب الران مدعومة بالصور التي تُظهر اعتقالات جماعية نُشرت على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي لجنود الاحتلال، إذ تُظهر العديد من هذه الصور سكانا معتقلين من غزة، تم تقييدهم من معصميهم أو كاحليهم بالأسلاك، وهم معصوبو الأعين، و بملابسهم الداخلية.

7

يقول الران للشبكة الأمريكية، إنه تم احتجازه في مركز اعتقال عسكري لمدة 44 يوما، يتذكر تلك الأيام التي امتلأت بالصلاة والدموع والتضرع”، قائلا: “بكينا على أنفسنا وعلى أمتنا وعلى مجتمعنا وعلى أحبائنا”، لتأمره سلطات معسكر الاعتقال بعد أسبوع من سجنه، بالعمل كوسيط بين الحراس والسجناء، الدور الذي يعرف باسم “الشاويش” باللغة العربية العامية.

ويعرف الشاويش بأنه عادة ما يكون سجينا تمت تبرئته من الاشتباه في صلاته بحركة المقاومة الإسلامية حماس بعد استجوابه، وذلك بحسب ما قاله المبلغين الإسرائيليين، الأمر الذي نفاه جيش الاحتلال باحتجاز المعتقلين دون داع أو استخدامهم لأغراض الترجمة، قائلا “إذا لم يكن هناك سبب لاستمرار الاعتقال، يتم إطلاق سراح المعتقلين إلى غزة”.

يقول الران إنه خدم في منصب الشاويش لعدة أسابيع بعد تبرئته من علاقته بحماس، ويشير المبلغون عن المخالفات إلى أن الشاويش الذي تمت تبرئته عمل كوسيط لبعض الوقت. وبحسب شهود عيان، يتقن السجناء اللغة العبرية، مما يمكنهم من توصيل أوامر الحراس إلى بقية السجناء باللغة العربية.

وبسبب هذه القدرة، حصل الران على امتياز خاص، حيث تمت إزالة العصابة عن عينيه، مما أدى إلى نوع آخر من الجحيم. يقول”كان جزءًا من تعذيبي هو قدرتي على رؤية كيف يتم تعذيب الناس”.

وأكمل الطبيب: “في البداية، لا يمكنك النظر إلى ما يحدث، لا يمكنك رؤية التعذيب والانتقام والقمع”، وتابع “عندما أزالوا العصابة عن عيني، استطعت أن أرى مدى الذل والإهانة، كان بإمكاني أن أرى إلى أي مدى كانوا ينظرون إلينا كحيوانات وليس كبشر”.

تم تأكيد رواية محمد الران عن أشكال العقاب التي شاهدها من قبل المبلغين عن المخالفات الذين تحدثوا مع شبكة CNN، حيث في كثير من الأحيان يُؤمر السجناء الذين يرتكبون مخالفات، مثل التحدث مع شخص آخر، برفع ذراعيهم فوق رؤوسهم لمدة تصل إلى ساعة أو يتم ربط أيدي السجناء بسياج لضمان عدم تغيير الوضع الذي تم وضعهم فيه.

وبالنسبة لأولئك الذين انتهكوا حظر الكلام والحركة، فقد تصبح العقوبة أكثر قسوة، تصل إلى اصطحاب الحراس الإسرائيليون لهم إلى منطقة خارج السياج ويعنفونهم بشدة، وفقًا لاثنين من المبلغين عن المخالفات والطبيب الران، إذ أفاد أحد المبلغين الذي كان يعمل حارسًا بأنه شاهد رجلا يتعرض للضرب على أسنانه، وتم كسر بعض عظامه.

ووفقًا لما وصفه هؤلاء المبلغون والران، كانت عملية التفتيش الروتينية تشمل إطلاق العنان لكلاب كبيرة على السجناء النائمين، وإلقاء قنبلة صوتية على السياج أثناء اقتحام القوات. ووصف الران هذا الأمر بأنه “التعذيب الليلي” يتذكر “بينما كنا مقيدين، أطلقوا العنان للكلاب التي كانت تتحرك بيننا وتدوس علينا، ستكون مستلقيًا على بطنك، ووجهك ملتصق بالأرض. لا يمكنك التحرك، وهم يتحركون فوقك”.

8

وصورت روايات المبلغين عن المخالفات نوعًا مختلفًا من الرعب في مستشفى سدي تيمان الميداني.

يقول أحد المسعفين الذين عملوا في المستشفى: “ما شعرت به عندما كنت أتعامل مع هؤلاء المرضى هو فكرة الضعف التام”، مضيفا “إذا تخيلت نفسك أنك غير قادر على الحركة، وغير قادر على رؤية ما يحدث، وكوناك عاريًا تمامًا، فهذا يجعلك مكشوفًا كليًا، أعتقد أن هذا شيء يقترب من التعذيب النفسي، إن لم يكن يتجاوزه”، بينما قال مبلغ آخر بأنه أُمر بالقيام بإجراءات طبية على المعتقلين الفلسطينيين وهو غير مؤهل للقيام بها.

وأضاف: “لقد طُلب مني أن أتعلم كيفية القيام بالأشياء على المرضى، وإجراء إجراءات طبية بسيطة خارج نطاق خبرتي تمامًا”، مشيرًا إلى أن هذا كان يتم في كثير من الأحيان دون إعطاء المخدرات.

وتابع، أنه شهد عملية بتر لرجل أُصيب بجروح ناجمة عن الربط المستمر لمعصميه، وتتوافق روايته مع تفاصيل رسالة كتبها طبيب يعمل في سدي تيمان ونشرتها صحيفة “هآرتس” العبرية في أبريل.

وجاء في الرسالة الموجهة إلى المدعي العام الإسرائيلي ووزارتي الصحة والدفاع الإسرائيليتين، بحسب الصحيفة: “منذ الأيام الأولى لعمل المنشأة الطبية وحتى اليوم، واجهت معضلات أخلاقية خطيرة وأكثر من ذلك، أكتب هذه الرسالة لأحذركم من أن عمليات المنشآت لا تتوافق مع جزء واحد من طرق التعامل مع الصحة في قانون حبس المقاتلين غير الشرعيين”.

ونفى متحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي ما نشرته هآرتس في بيان مكتوب لشبكة CNN في ذلك الوقت، مؤكدًا أن الإجراءات الطبية أُجريت “بعناية شديدة”، ووفقًا للقانون الإسرائيلي والدولي.

وأضاف المتحدث أن تقييد أيدي المحتجزين تم “وفقًا للإجراءات وحالتهم الصحية ومستوى الخطر الذي يشكلونه”، مشيرًا إلى أنه سيتم فحص أي ادعاء بارتكاب سلوك عنيف.

وقال مُبلغ إسرائيلي تذكر تجربته في سدي تيمان: “جردوهم من كل ما يتعلق بالإنسانية”، مضيفا أن المبلغون عن المخالفات أيضًا أنه طُلب من الفريق الطبي الامتناع عن التوقيع على المستندات الطبية، مما يؤكد التقارير السابقة لمجموعة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل (PHRI).

وعقدت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، جلسة استماع ردا على التماس تقدمت به منظمة “هموكيد” الحقوقية الإسرائيلية، للكشف عن مكان وجود فني فلسطيني للأشعة السينية تم اعتقاله من مستشفى ناصر بجنوب غزة في فبراير الماضي، والتي تعتبر أول جلسة محاكمة من نوعها منذ 7 أكتوبر.

ورفضت المحكمة العليا في إسرائيل في السابق أوامر المثول أمام القضاء المرفوعة نيابة عن عشرات الفلسطينيين من غزة، والذين تم احتجازهم في أماكن مجهولة.

وقال تال شتاينر، محامي حقوق الإنسان الإسرائيلي والمدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، إن حالات الاختفاء تفتح الباب أمام حدوث مظاهر وفظائع قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي مقابلة مع شبكة CNN، أكد شتاينر أن الأشخاص الذين يكونون عزلة تماما عن العالم الخارجي يكونون في أقصى درجات الضعف والتعرض لخطر التعذيب وسوء المعاملة.

توفر صور الأقمار الصناعية نظرة دقيقة على الأنشطة التي تجري في معسكر سدي تيمان، حيث تظهر أنشطة بناء مكثفة خلال الأشهر التي تلت اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر.

قطاع غزة

ويشمل هذا البناء إقامة أكثر من 100 مبنى جديد، بما في ذلك الخيام الكبيرة وحظائر الطائرات، في هذا المخيم الصحراوي، إذ تظهر مقارنة للصور الجوية بين سبتمبر 2023 ومارس 2024 زيادة كبيرة في عدد المركبات في الموقع، مما يدل على زيادة طفيفة في النشاط، بينما تظهر صور الأقمار الصناعية لديسمبر الماضي تقدما في عمليات البناء والإنشاءات في المنطقة.

وحددت شبكة CNN الموقع الجغرافي للصورتين المسربتين التي تظهر الحاوية التي تحمل مجموعة من الرجال معصوبي الأعين ويرتدون ملابس رياضية رمادية، إذ تتطابق الألواح التي شوهدت على السطح مع تلك الموجودة في منشأة كبيرة يمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية.

المبنى الذي يشبه حظيرة الحيوانات يقع في المنطقة الوسطى من مجمع سدي تيمان، وهو مبنى قديم قائم بين المباني الجديدة التي ظهرت منذ بدء الحرب، إذ قامت شبكة CNN بمراجعة صور الأقمار الصناعية من معسكري اعتقال عسكريين آخرين، مثل قاعدتي عوفر وعناتوت في الضفة الغربية المحتلة، ولم ترصد أي توسع في الأراضي منذ 7 أكتوبر الماضي.

ويعتقد العديد من منظمات حقوق الإنسان والخبراء القانونيين أن سدي تيمان، الذي يقع الأقرب إلى غزة، من المرجح أنه يستضيف أكبر عدد من المعتقلين في معسكرات الاحتجاز العسكرية الثلاثة.

إبراهيم ياسين (27 عامًا)، الذي تم الإفراج عنه من معسكر الاعتقال العسكري، قال: “كنت هناك لمدة 23 يومًا، ثلاثة وعشرون يومًا شعرت وكأنها 100 عام”، موضحا أنه كان يقضي وقته في غرفة مزدحمة مع أكثر من 10 رجال تم إطلاق سراحهم حديثًا، وما زالوا يرتدون زي السجن الرياضي الرمادي، حيث أن بعضهم كان يعاني من جروح عميقة في اللحم من مكان إزالة الأصفاد.

وقال سفيان أبو صلاح (43 عامًا): “كنا مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، اليوم هو أول يوم أستطيع أن أرى فيه”، قائلا: “كان لدى العديد منهم نظرة لامعة في أعينهم، وبدا واضحًا أنهم كانوا ضعفاء، كان رجل مسن يتنفس من خلال آلة أكسجين ومستلق على نقالة خارج المستشفى، قام رجلان من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بتحريرهما واحتضنا زملاءهما”.